من المرتقب أن يفتح بنك الجزائر، أول فروع له خارج البلاد، في الأسابيع المقبلة، حسبما كشف عنه محمود آيت عمر، مدير العمليات والتطوير في البنك الوطني الجزائري، في تصريح صحفي، وحسبما أفاد به وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان على هامش أشغال اليوم الثاني من الندوة الوطنية حول مخطط الإنعاش الاقتصادي. ويندرجُ هذا القرار ضمن خطة الحُكومة الرامية لإنشاء شبكة فروع لبنوك عمومية في الخارج وقد تشمل أيضا المُتعاملين الخواص بحسب تصريحات وزير القطاع، لاستقطاب أموال الجالية المقيمة في الخارج، خاصة وأنها تضم نخبة من الأطباء ورجال الأعمال الذين تمكنوا من توسيع استثماراتهم.
وحظيت الخطة بقبول واستحسان من طرف الخبراء لما يمكنُ أن تُقدمهُ للاقتصاد الوطني الذي يُواجهُ صعوبات مالية كبيرة نتيجة تراجع مداخيل الخزينة العمومية وتآكل احتياط صرفها من العملة الصعبة، لكنهم شددوا بالمقابل على ضرورة التخلص من السوق الموازية كخطوة أولى لنجاح هذه الخطة
وقال الخبير الاقتصادي، عبد القادر دريش، في إتصال مع "الجزائر الجديدة"، إن موضوع فتح فروع للبنوك الجزائرية بالخارج موضوع قديم طرح منذ سنوات، ويجري الحديث عليه اليوم بروح وجدية وإرادة سياسية، ووصف المتحدث خطة فتح فروع بنكية بالخارج بهدف استقطاب ادخارات المهاجرين والذين تتواجد أكبر كتلة منهم في فرنسا وفي بعض العواصم الأوروبية الأخرى ب "المهم" و "المحفز"، لكن لا يمكن أن يتحقق هذا الهدف إلا بعد القضاء على السوق الموازية للصرف، لأن المهاجرين الجزائريين سيخسرون الكثير إذا ما قاموا بتحويل أموالهم عن طريق القنوات الرسمية في ظل وجود السوق الموازية، فالفرق يصل حاليا إلى حوالي 5000 دينار في كل 100 أورو.
وذكر عبد القادر دريش، أن خطة الحكومة لا تقتصر على فتح فروع بنكية في الدول الأوروبية فقط بل حتى في الدول الإفريقية ضمن استراتيجية تشجيع الصادرات للدول الإفريقية.
ويعتقد المتحدث أن فتح فروع بنكية في الدول الأوروبية أو الإفريقية يتطلب جوانب قانونية والحصول على التراخيص والقيام بمفاوضات مع الدولة الأجنبية وهذا يتطلب وقت في حدود ستة أشهر إلى سنة وعليه يجب على الطرف الجزائري الشروع في الإجراءات والترتيبات القانونية من أجل تحقيق تواجد البنوك الجزائرية في الأسواق الخارجية خدمة للاقتصاد الوطني.
وتوقع الخبير الاقتصادي أن تفوق نسبة مساهمة الجالية الجزائرية في الخارج وخاصة المقيمة في فرنسا 2 مليار دولار سنويا، وقال إن هذا الرقم يتوقف على طبيعة الخدمات والمنتوجات المصرفية التي تُقدمها البنوك لصالح الجالية الجزائرية بالخارج.
ومن جهته ثمن الخبير الاقتصادي، سليمان ناصر، هذه الخطوة وهي نفسها المعتمدة في تونس والمغرب، حيث قال إن المغرب حقق قرابة 5 مليار دولار من هذه الأموال بينما تحقق تونس حوالي مليارين سنويا أما مصر فهي تحقق من 12 إلى 14 مليار دولار، غير أن الجزائر كل تحويلاتها تصب في السوق الموازية ولم تم القضاء على هذه السوق وتم استحداث قنوات رسمية فستحقق الجزائر مداخيل قدرها مليار دولار وقد تتخطى هذه العتبة وتصل إلى 8 مليارات دولار وهي قيمة فاتورة الغذاء.
وتشير الإحصائيات الرسمية، إلى أن قرابة سبعة ملايين جزائري يقيمون في الخارج، وتعتبر تحويلات الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج هي الأضعف بين دول المغرب العربي على غرار تونس ومصر والمغرب، وبحسب الأرقام التي كشف عنها تقرير البنك الدولي فإنها في حدود 2,2 مليار دولار في 2018، مقارنة مع تونس والمغرب اللذين تبلغ تحويلات مهاجريهما 7,4 مليارات دولار سنويا.