أصبحت الدروس الخصوصية ظاهرة مفروضة على الأسر الجزائرية، وبالرغم من لجوء الحكومة إلى إقرار برنامج للدعم على مستوى المؤسسات التربوية، إلا أن هذه الموضة أخذت منحى تصاعدي خطير في السنوات الأخيرة، وتحوّلت وسط التلاميذ من وسيلة دعم إلى سلاح غش في الامتحانات، فيما اتخذها الأساتذة سلاحا لتحصيل المصروف بل لتحقيق الربح السريع، لأن العلم أصبح تجارة تعرض للبيع في منازل آيلة للسقوط ومرائب للسيارات، تنعدم فيها أدنى معايير التدريس المطلوبة، و لقد بحثنا في القضية واتصلنا بمختلف الأطراف الفاعلة فيها و عدنا بهذا التحقيق . من دروس دعم إلى وسيلة غش في الامتحانات أخذت الدروس الخصوصية منحى خطير في السنوات الأخيرة، حيث أنها تحوّلت إلى وسيلة غش في الامتحانات فرضت حتى على التلاميذ النجباء الجلوس على مقاعد الدروس التدعيمية الموازية، بسبب منافسة أصحاب المستوى التعليمي الضعيف لهم وانتزاعهم لعلامات لا يستحقونها، بفضل ما يدفعونه من أموال في هذه الأقسام الخاصة لمدرس نفس المادة·، وبعد أن كان الهدف من تلقي الدروس الخصوصية تمكين التلميذ من فهم ما عجز عن استيعابه داخل القسم وتقويته في المواد التي يعاني ضعف فيها خاصة العلمية منها، امتدت العملية إلى الاستعانة بالدروس التدعيمية حتى في المواد الأدبية كالتاريخ والجغرافيا، وغيرها من مواد الحفظ بغرض الحصول على أسئلة الامتحانات من أستاذ المادة في المتوسط والثانوي، ومن معلم العربية أو الفرنسية في الابتدائي ، والقضية لا تنتهي هنا بل أن تلاميذ الأقسام النهائية أيضا دخلوا في اللعبة وبقوة ، وأصبحوا يلجأون إلى هذه الدروس من أجل الحصول على نماذج لأسئلة الامتحانات الرسمية، من مفتشين وأساتذة تعتمد عليهم وزارة التربية في إعداد أسئلة امتحانات نهاية السنة ، " سفيان " من مدينة بومرداس تلميذ بقسم نهائي في الطور الثانوي قال : ''أنا آخذ الدروس الخصوصية مضطرا، لأن النجاح والحصول على علامات جيدة في الاختبار صار مقرونا بها، لأن بعض الأساتذة صاروا يتعمدون تقديم حلول مباشرة لأسئلة الامتحانات أو تقديم نماذج قريبة منها لتمكين التلاميذ الذين يأخذون دروسا خصوصية عندهم من الحصول على علامات جيدة تزيد من ثقة الأولياء في نجاعة هذا الدعم، وفي إقبال تلاميذ آخرين على هذه المقاعد الدراسية غير الرسمية '' · دفعت من جيبي لأحطم مستقبل ابنتي وفي ذات السياق، اعترفت لنا أم تدرس ابنتها في السنة الرابعة متوسط، فقالت : '' ابنتي تلميذة نجيبة وكانت في غنى تام عن مثل هذه الدروس، لكن جارتي أخبرتني بأن أستاذة الفرنسية تقدم نماذج لأسئلة الامتحانات الرسمية، وأن نفس الموضوع الذي قدمته لمن كانوا يتلقون عندها دروسا خصوصية طرح في الامتحان، لذلك سارعت لحجز مكان لابنتي عندها''· واستعمال الدروس الخصوصية كوسيلة للغش في الامتحانات دفعت بأولياء التلاميذ إلى تسجيل أبنائهم في مواد سهلة لا تتطلب دفع أموال مقابل فهمها، وهذا أمر خاطئ ويضر أكثر مما ينفع ، وهو ما حصل مع بنت السيدة " مريم " من بلدية بودواو التي قالت: ''نظرا لضيق الوقت وانشغالي في العمل طيلة النهار، قررت تسجيل ابنتي عند معلمتها في الابتدائي، التي تقوم بمراجعة جميع دروسها بما فيها مواد الحفظ، هذا الأمر استمر لأربع سنوات، وحينها كانت ابنتي تحصد أعلى المعدلات، لكن أثناء امتحان ''السيزيام'' نالت علامات ضعيفة لم تؤهلها للنجاح، وحينها اكتشفت غش المعلمة، ومنذ ذلك الحين حرصت على عدم تسجيل ابنتي في مثل هذه الدروس، لأني كنت أدفع أموالا من جيبي مقابل تحطيم مستقبل ابنتي الدراسي''· دروس انفرادية ب 20 مليون لتلاميذ العائلات الثرية تدفع العائلات الثرية مبالغ طائلة تتجاوز الثلاثين مليون سنويا مقابل حصول أبنائها على دروس خصوصية كثيرا ما تعود عليهم بالخيبة والخذلان، لأن ما يقدم لأبنائهم بهدف إيصالهم للنجاح حاد عن مساره الحقيقي المتمثل في تحصيل العلم وتحوّل إلى موضة جديدة، الهدف منها الافتخار والاعتزاز بحياة الثراء والبذخ ، و ومثل هذه الحالات عديدة بولاية بومرداس، تكثر في الأحياء الراقية التي يفضّل سكانها حصول أبنائهم على دروس انفرادية في المنازل اعتقادا منهم بأن هذه الطريقة لها نجاعة وفاعلية أكبر من غيرها، مقابل أجرة تصل إلى 5000 دينار شهريا عن كل مادة·. " راضية "، وهي أستاذة تعليم متوسط من برج منايل شرق ولاية بومرداس ، وفي حديثها إلينا عن الموضوع قالت: '' أنا أدرّس تلميذ أحد العائلات الثرية في منزله، ومقابل ذلك أتحصّل على ضعف أجرتي الشهرية، وهذا أمر جد عادي ولا أعاب عليه لأني أقدم خدمة خارج ساعات عملي ومقابلها أحصل على مال حلال· أما القول بأن العلم تحوّل إلى تجارة وما دون ذلك، فهذا لا يهمّني لأني على يقين ومقتنعة بما أقوم به'' . من جهة أخرى وفي ذات السياق، يغتنم بعض الأساتذة هذا الاستعداد اللاعقلاني من قبل بعض الأولياء لتحسين مداخيلهم الشهرية، في عملية دخلت مرحلة التنافس والتسابق بين الأساتذة للظفر بوظيفة ثانية يدفع أجرها أصحاب المال، أملا منهم في تعزيز حظوظ أبنائهم لنيل تقديرات عالية خاصة في شهادة البكالوريا· أحد الأولياء، وفي حديثه معنا قال ''أنا أدفع ما يفوق ال 20 مليون سنتيم سنويا ، مقابل الدروس الانفرادية التي يقدمها أربعة أساتذة لابني الذي سيجتاز امتحان شهادة البكالوريا، وأنا أقوم بهذا الشيء حتى لا يحس ولدي بأني بخلت عليه أو أنه أقل مستوى من زملائه''· والغريب في الأمر أن هذا التبذير الجنوني نجده حتى عند أبناء الأساتذة في حدّ ذاتهم، حيث أنهم يتلقون دروسا خصوصية في جميع المواد تقريبا، وحتى المادة التي يدرسها آباؤهم يتلقون دروسا بخصوصها عند أساتذة آخرين يدفعون لهم مبالغ كبيرة لقاء خدمات يمكنهم الاستغناء عنها، ومن الناحية التطبيقية نجد أن هذه الدروس لا تحقق في غالب الأحيان الأهداف المرجوة، وفي الوقت الذي يزداد الطلب عليها لا تزال نسب نجاح التلاميذ ضعيفة، وخير مثال نلمسه في المدراس الخاصة التي يدفع الأولياء مقابل مزاولة أبنائهم دراستهم بها عشرات الملايين، في حين لم تتعد نسب النجاح بها السنة الماضية في الامتحانات النهائية معدل 10 على المستوى الوطني· دروس في مرائب للسيارات ومنازل آيلة للسقوط لأن الغاية تبرر الوسيلة، لم يعد بعض الأساتذة أو المعلمين -إن صحت تسميتهم كذلك- يجدون حرجا في اعتماد كل الطرق من أجل تحصيل المصروف الزائد والتحايل على أبناء، كان من المفترض أن نعلمهم ونحسن تربيتهم، لا أن نستغلهم ونزج بهم في مرائب للسيارات وغرف ومنازل آيلة للسقوط، لا تتوفر على أدنى الشروط الضرورية من أجل إعادة تقديم ما عرض عليهم داخل الأقسام من دروس، وكل هذا ليس بالمجان أو لوجه الله ، بل بمقابل مال وفير نظير جهد يسير ، هذه هي الوضعية التي يعيشها يوميا عشرات الآلاف من تلاميذ الولاية بصفة خاصة و الجزائر بصفة عامة ،ممن يحصلون على الدروس الخصوصية في مقرات تنعدم بها أدنى المعايير المطلوبة في عملية التدريس ، حيث نجد أن معظم مقرات تقديم هذه الدروس تتواجد بالأحياء القديمة ، وتقع داخل بنايات متصدعة ومهددة بالسقوط في أية لحظة، يضاف لذلك تواجدها بمحاذاة أسواق وطرقات عامة تعج بالضوضاء والفوضى، ومن أمثلة ذلك المتواجدة ببودواو و شعبة العامر و حتى عاصمة الولايةو حمادي ، هذه الأخيرة و بالرغم من أن المنطقة ذات طابع تجاري ولا تتوقف بها الحركة منذ طلوع الفجر حتى غروب الشمس على مدار أيام الأسبوع·، صاحب إحدى المستودعات بذات المنطقة لم يتوان في استغلاله كمدرسة صغيرة يزاول بها عشرات التلاميذ دروسهم المسائية يوميا ، ويقدمها لهم أساتذة في عدة اختصاصات يتلقون 12 ألف دينار كأجرة شهرية من صاحب المستودع، في حين يدفع كل تلميذ 1500 دينار لجميع الدروس و400 دينار لمن يختار مادة فقط ، تقول إحدى السيدات التقيناها بمدينة بودواو ''أعلم جيدا أن الظروف غير مناسبة داخل هذا المحل، ولكن ما باليد حيلة، فابنتي ستجتاز امتحان الطور المتوسط ولابد لها من دروس تقوية كي تحقق النجاح وتحصل على معدل جيد''· مثل هذه الأحاديث وجدناها عند الكثير من الآباء، وكل واحد منهم كان يحاول إيجاد تبرير· وبينما كانت كل الحجج واهية واشتركت في أن النظام الدراسي الجديد صعب، ويتطلب دروس تقوية، .. " محمد " وهو أب لثلاثة أطفال قال لنا: ''أعلم أن الدروس الخصوصية لا تقدم شيئا ولا تغني ولا تسمن من جوع، لكن في حقيقة الأمر هذه الدروس أصبحت موضة والتلاميذ وجدوا فيها الملاذ للتخلص من ضغط الأولياء والسبيل لكسب تعاطف الأستاذ ورضاه، فمن دون شك المعلم في القسم لن يبخل على تلميذ يمنحه شهريا 1500 دينار، وبالتالي الدروس الخصوصية أصبحت وسيلة بيد التلاميذ لانتزاع علامات لا يستحقونها، هذه هي حقيقة الأمر شئنا أم أبينا''· هذا، وتفتقر معظم المقرات المخصصة لتقديم الدروس للتلاميذ إلى الإضاءة الجيدة، حيث تقول التلميذة سهيلة ''إن مصباح الإضاءة ضعيف جدا وعندما تم تغييره بواحد أقوى أصبحنا لا نرى اللوح الأبيض، لأن الضوء ينعكس عليه، كما أن كبر وشساعة المرآب وغياب التدفئة يجعلني أنا وزملائي معرضون دائما للإصابة بالبرد، كما أننا لا نركز أثناء تقديم المعلم للدرس في بعض الأحيان بسبب البرودة الشديدة''· وتعتبر قضية التأثيث آخر ما يطرح للنقاش، حيث أن مثل هذه المقرات تقتصر على مجموعة من الطاولات والكراسي غير المريحة والقريبة جدا من بعضها البعض، حيث لا تعطي حيزا فرديا منفصلا عن الآخر· في ظل هذه الظروف يدرس أبناؤنا، وحتى وإن كانت العملية اختيارية وليست إجبارية، إلا أن هذا الوضعية أصبح لها باع طويل لإنهاء بشكل من الأشكال مجانية التعليم في الجزائر وخلق مدارس موازية للمؤسسات التعليمية النظامية· الطالبات الجامعيات اتخذن من الظاهرة سبيلا لتحصيل مصروف الجيب مع زيادة الطلب على الدروس الخصوصية، أصبحت الأخيرة مهنة من لا مهنة له، ومن أكثر الفئات التي أضحت تسير القطاع الطالبات الجامعيات اللائي أصبحن يقدمن الدروس في ساعات فراغهن لسد متطلبات الدراسة وتخطي شبح المنحة الجامعية، وتوفير مصروف الجيب بشكل منتظم على امتداد السنة الجامعية· . أسماء "طالبة سنة رابعة حقوق بجامعة بودواو قالت: ''أنا أزاول هذا النشاط منذ سنتين، وقد ولجته بسبب حاجتي الماسة للمال من أجل شراء بعض الكتب ودفع مصاريف الدراسة، هي مهنة شريفة والحمد لله أني أحصل على المال بعرق جبيني، مقابل ما أقدمه من خدمات للتلاميذ، وهذه المهنة لا تتعبني كثيرا لأني أستقبل التلاميذ في المنزل مرتين في الأسبوع فقط، وبالتالي هي لا تؤثر على دراستي''· هذا ويختلف مدخول كل طالبة حسب عدد الأطفال الذين تدرسهم، ولأن المثل يقول ''لي داق البنة ما يتهنى'' و لأن الكثيرات سال لعابهن ، صار بدل استقبالهن لست أو سبع تلاميذ، بعض الطالبات يستقبلن أزيد من 20 تلميذا كما هو الحال ببومرداس، حيث أن إحدى خريجات كلية الحقوق حوّلت إحدى غرف منزل والدها إلى شبه قاعة للتدريس، وبها تقدم الدروس يوميا لتلاميذ الطور الابتدائي مقابل 500 دينار، يدفعها كل واحد منهم شهريا ، كما يختلف مدخول كل واحدة حسب المواد المدرسة من رياضيات، لغة عربية، لغات · وغيرها من المواد الرئيسية في مختلف الأطوار ، في حين تبقى الطالبات الأوفر حظا هن من تقدمن الدروس الخصوصية في بيت التلميذ، لأنه في مثل هذه الحالة يكون الأجر مرتفعا، ويصل حتى 10 آلاف دينار في الشهر· الأولياء ضحية حاجة أبنائهم ومساومات الأساتذة يعلمون أن الظاهرة خطيرة ولها انعكاسات كثيرة، إلا أنهم ينساقون وراء حاجة أبنائهم وضغوطات ومساومات بعض الأساتذة، إنهم الأولياء الذين يدفعون مصاريف تحطيم مستقبل أبنائهم الدراسي''، هكذا حدثنا " سعيد " أب لأربعة أطفال، ثلاثة منهم يتلقون الدروس الخصوصية ويكلفونه شهريا ما يزيد عن 4000 آلاف دينار ، ذات المتحدث حدثنا بحسرة، لكنه قال إن الأمر صار مفروضا عليه، وأصبح وسيلة لتحقيق أبنائه النجاح في ظل الضغوطات والمساومات التي يمارسها بعض الأساتذة على التلاميذ · مؤكدا في السياق ذاته بأن ظاهرة الدروس الخصوصية التي تقدم بشكل فوضوي لا يمكن أن تتقمص الفدرالية دور الشرطي لمراقبتها ومنع الأساتذة أو التلاميذ من الحصول عليها بالرغم من الشكاوى العديدة التي وصلتها، وذلك لسبب وحيد هو أن الأولياء هم من يدفعون أبناءهم لمثل هذه الدروس، ولا يمكن للفدرالية أن تقف في طريقهم، موضحا ذات المتحدث أن الدروس الخصوصية، المحظورة رسميا من طرف الوصاية، تجعل التلاميذ يشعرون بإرهاق نفسي وذهني خاصة كونهم في خضم مرحلة الطفولة أو المراهقة، ومثل هذه الأمور تؤثر على نموهم الصحيح وتعرقل تغيرات أجسادهم النفسية والعضوية، لذا صار من الواجب التمعن في القضية ودراستها من مختلف الجوانب للقضاء عليها، لأن استمرارها يعني الموت البطيء لمنظومتنا التربوية وكذلك الحال بالنسبة للمشوار الدراسي لتلامذتنا ذلك هو ملف الدروس «الخصوصية» الذي صار يُفزع كل العائلات تقريبا في الوقت الذي ظل فيه الصمت يلف هذا الملف الذي لا نعرف بدايته كما لا نُدرك نهايته. اختلفت الآراء والمواقف بشأنه بالرغم من وجود قوانين منظمة له ، وبالرغم من الكثير من التراتيب التي تخصه والتي للأسف ظلت حبرا على ورق تبرز فقط وتُذكر في المناسبات التي يتم التطرّق فيها لهذه الظاهرة، ظاهرة الدروس الخصوصية التي صارت بمثابة المدرسة الموازية للتلاميذ والأولياء والمدرسين. إنه الملف الذي أرهق جيوب الأولياء وأفزع البيوت ، وصار محل جدل بين الكثير من الإطراف وكشفت مواقف كل من والأولياء والمدرّسين واضعة النقاط على الحروف وكاشفة زوايا وجوانب ملف آن الأوان لفتحه بكل جدية والوقوف على أسبابه الحقيقية وعلى آثاره وانعكاساته . يجهل الكثير من الأولياء والكثير من المعنيين بظاهرة الدروس الخصوصية، أن وزارة التربية والتكوين توّلت إصدار منشور يتضمّن كافة التراتيب الخاصة بتنظيم وإلقاء الدروس الخصوصية بكل دقة، مما يمنع حدوث وبروز الكثير من التجاوزات . ومن بين الشروط و التراتيب التي أصدرتها في ما يخصّ الدروس الخصوصية، أنه يمكن أن يتعرّض كل مدرّس يخالف هذه التراتيب والشروط للتتبعات الجزائية إضافة الى تعرّض المعني بالأمر للعقوبات الإدارية الواردة بالقوانين الجاري بها العمل. ومن بين هذه التراتيب أنه يمكن للمدرس الواحد القيام بدروس خصوصية لفائدة مجموعات من التلاميذ لا يتجاوز عددها بأي حال من الأحوال الثلاث مجموعات، ولا يمكن أن يتجاوز عدد التلاميذ بالمجموعة الواحدة الأربعة تلاميذ. ويجب أن تلقى الدروس في قاعات معدة للغرض، تتوفر فيها الشروط الضرورية خاصة في ما يتعلق منها بقواعد حفظ الصحة والاتساع والتهوئة والإنارة والتجهيزات ، كما يتعيّن على كل مدرّس يرغب في تنظيم دروس خصوصية تقديم طلب استرخاص مسبق عن طريق الإدارة وذلك قبل 15 يوما من انطلاق الدروس. وتخضع دروس التدارك أو والدروس الخصوصية للمراقبة البيداغوجية والإدارية من قبل المتفقدين. واعتبر احدهم أن الدروس الخصوصية هي وليدة حاجة لدى بعض التلاميذ، وهناك دفع للأولياء نحوها، إلى جانب وجود نوع من المجاراة من جانب الأولياء والتلاميذ لبعضهم و كذا البحث عن التميز . ويذكر أن الكثير من المعلمين يتمسكون تمسكا تاما برفض ومقاطعة الدروس الخاصة، ويعتبرون أن الانسياق واللهث وراءها يخلّ بقيمة المدرس ، وتعتبر هذه الفئة من المعلمين، وهي الفئة التي تقاطع الدروس الخصوصية بالرغم من مردودها المالي الجيد ، فيما تبقى المدرسة المكان الوحيد للدراسة والتحصيل العلمي، وأن المعلم مطالب ببذل كل جهده داخل القسم ، وبالتالي يتساوى كل التلاميذ في التحصيل العلمي. رافضة رفضا تاما ظاهرة الدروس الخصوصية التي تلقى خارج فضاء المدرسة ، مطالبة بحلول جذرية وحاسمة لأسباب تفشي هذه الظاهرة التي للأسف طالت كل المستويات. الأولياء : لم نفهم حقيقة هذه " السوق " يبقى الوليّ الحلقة الهامة والمحورية على ما يبدو في ظاهرة الدروس الخصوصية ، فقد أشارت إلى حجم الأموال المتداولة نتيجة لظاهرة الدروس الخصوصية، والذي يبلغ سنويا أكثر من 20 مليارا ، وهو مبلغ ضخم وطائل وميزانية مفزعة مموّلها الأساسي والوحيد الأولياء، والميزانية العائلية «المسكينة» التي عليها أن تُجابه مصاريف الحياة بشتى أنواعها لتضاف إليها نفقات الدروس الخصوصية . هل الولي هو ا لطرف المسؤول في هذه المعادلة الغامضة والمعقدة بالرغم من وضوح خيوطها وملابساتها؟ ذلك هو السؤال المحوري في ظاهرة تكاد أن تتحوّل إلى «غول» يفزع كل العائلات تقريبا ، رابح من وسط مدينة بومرداس له ثلاثة أبناء يدرسون بالتعليم الثانوي ، من بينهم اثنان في مستوى البكالوريا يقول أنه يُنفق حوالي 200 دينار من مرتبه من أجل الدروس الخصوصية . ويُضيف أنه لا يمكن الاستغناء حسب رأيه عن الدروس الخصوصية، لكنه لم يفهم لماذا يعجز التلاميذ عن فهم الدروس فهما جيدا في قاعات المدرسة والمعهد. ويضطرّ الأولياء للأسف إلى حمل أطفالهم التلاميذ إلى مستودعات تُفتح هنا وهناك لاستقبال التلاميذ وإلقاء الدروس الخصوصية. بل إن الآمر طال الطلبة أيضا خاصة في الأقسام النهائية، حيث يتولوّن تقديم دروس خصوصية للتلاميذ . الكثير من المدرسين الذين يتولون تقديم الدروس «الخصوصية» رفضوا الحديث معنا عن هذه الظاهرة وعن حقيقة مداخيلهم التي لا شك أنها تفوق مداخيلهم الأصلية (مرتباتهم). لا نعرف كما لا يعرف الأولياء هل أن الوزارة غافلة عن التجاوزات التي تتم في حق منشورها، وهل أن الأمر يحتاج إلى تكوين «فرق تفتيش» لاكتشاف الشقق والمستودعات والغرف التي تلقى فيها الدروس الخاصة أحيانا بمبالغ ضخمة بحثا عن التميّز والنجاح. لكن هذا السؤال لا يُطرح بمعزل عن سؤال محوري وجوهري وهو ، هل أن ساعات التدريس الرسمية عاجزة ولا تفي بالحاجة لجعل التلميذ يفهم درسه، وهل أن البرامج الدراسية مكثفة بشكل يجعل التلميذ بحاجة إلى مدرسة موازية وإلى ساعات تدريس إضافية ، كل هذه الأسئلة و غيرها تحتاج إلى إجابة صريحة وواقعية تضع الإصبع على الداء.