بينما كان رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز في زيارة إلى المملكة المغربية، نظم له خصومه السياسيين في مدريد محاكمة برلمانية بسبب انقلاب موقفه من القضية الصحراوية، وبأغلبية أصوات أعضاء الهيئة التشريعية الإسبانية، طالبوه بالعودة الفورية عن قراره غير المدروس. وكشفت جلسة التصويت التي جرت الخميس في مجلس النواب الإسباني، عن مدى العزلة التي يعانيها رئيس الوزراء الإسباني بسبب دعم مشروع "الحكم الذاتي" الذي اقترحه نظام المخزن المغربي في الصحراء الغربية، حيث حصل المقترح الذي تقف وراءه أحزاب تنتمي لأقصى اليسار، من بينها تحالف "بوديموس" المشارك في الائتلاف الحاكم، على أكبر عدد من الأصوات. المبادرة البرلمانية التي استهدفت رئيس الوزراء الإسباني، دعمها حزب "بوديموس" إلى جانب أحزاب أخرى، وقد ركزت المبادرة على إدانة قرار الحكومة، باعتبارها اتخذت قرارا بتبني طرح نظام المخزن المغربي دون العودة إلى البرلمان، وقد حظيت تلك الأحزاب بدعم من نواب الحزب الشعبي الذي يقود المعارضة وصاحب ثاني أكبر كتلة في البرلمان. وحصل المُقترح على 168 صوتا، وذلك بعد أن استفاد "بوديموس" وحلفاؤه من تصويت خصمهم الإيديولوجي، الحزب الشعبي اليميني، إلى جانبهم، في حين رفض 118 نائبا المقترح وهم نواب الحزب العمالي الاشتراكي الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة سانشيز. ويشكل نجاح خصوم سانشيز في التصويت بالأغلبية ضد قرار الحكومة في التعاطي مع القضية الصحراوية، ضربة موجعة لحكومة سانشيز، التي لم تجد ما ترد به على نجاح هذه المبادرة سوى بالتأكيد على أن السياسية الخارجية لمدريد تعتبر من صلاحيات رئيس الوزراء. وتعيش إسبانيا منذ 18 مارس المنصرم حراكا غير عاديا يستهدف الإطاحة بحكومة بيدرو سانشيز بسبب ما اعتبر خيانة لمؤسسات الدولة الإسبانية، على اعتبار أن سانشيز لم يرجع إلى البرلمان لاستشارته في هذا القرار، كما يعتبر أيضا انتكاسة للسياسة الخارجية لإسبانيا، لا سيما وأن الأمر يتعلق بقضية حساسة في مدريد، لكونها لم تتحمل مسؤوليتها التاريخية باعتبارها المستعمرة السابقة للصحراء الغربية. الضغوطات على حكومة سانشيز لم تتوقف على المستوى السياسي، بل امتدت أيضا إلى المستوى الشعبي، منذ أن قررت الجزائر مراجعة أسعار الغاز مع إسبانيا دون غيرها من الشركاء، ما يعني أن الشعب الإسباني هو من سيدفع ثمن غلاء أسعار الغاز والكهرباء، الأمر الذي يضع مستقبل سانشيز على رأس الحكومة على فوهة بركان.