قال الخبير في العمران الباحث محمد حسين طلبي أن الدولة الجزائرية أهملت الهوية الوطنية خاصة ما تعلق منها بالعمران الذي شُوِّهَ والمدينة التي لم يبق منها سوى الخراب، ولمح المتحدث إلى وجود ضغوط خارجية تعمل على إبقاء حالة المدن الجزائرية كما هي مغرَّبة وهي أشبه ما تكون حسبه مقامرة عليها لكي تفقد عروبتها التي اكتسبتها مند عهود مضت وتساءل الدكتور عن قول بعضهم بأن بلادنا جميلة وتستحق أن تكون رائدة في السياحة في حين هي كفزاعة منتفخة تبدوا مليئة من الخارج في حين الداخل مليء بالفراغ. ودعا الخبير الجزائري المقيم في الإمارات إلى ضرورة تشكيل ما أسماه بوزارة "المدينة" التي يمكنها أن تكون في علاقة مباشرة مع الحكومة وبالتالي تمويلها من الخزينة العمومية للدولة وهو الحل الوحيد الذي نستطيع من خلاله النهوض بقطاع العمران في الجزائر، بالمقابل تأسف لعدم وجود إعلام متخصص في هذا المجال يمكنه تقديم دراسات مفصلة ودقيقة لحالة المدينة وبالتالي معرفة النقائص فالإعلام يستطيع أن يقدم الكثير خاصة ما تعلق بالمجلَّات المتخصصة التي تعنى بتثقيف الناس في كيفية التعامل مع الشارع ومع العمران في آن. هذا وتطرق الخبير طليبي في المحاضرة التي نشطها أول أمس بمقر اتحاد الكتاب الجزائريين إلى الحلول الناجعة للارتقاء بفن العمران في بلادنا والحذو حذو الدول الغربية الرائدة في المجال، كإقامة مواقف سيارات تحت الأرض لتوفير المساحات وتحويلها إلى فضاءات خضراء، وكذا بناء العمارات في الاتجاه العمودي لأن هذه الطريقة حسبه توفر الطاقة، الخدمات، والأرض، وهو نفسه الحل الذي لجأت إليه العديد من الدول وأثبت التجارب نجاعته. من جهة أخرى أقرَّ المتحدث عن وجود نشاط دؤوب للسلطات لتحسين حال المدينة لكنه في الوقت نفسه استغرب انحصار ذلك في العاصمة فقط وكأن بلادنا لا تحوي مدنا أخرى في حين المدين الجزائرية لا تعد ولا تحصى، من جهة ثانية يرى طلبي أن تغيير وجه المدينة وتحسينه لا يكون فقط من الخارج بل يجب أن ننطلق في عملية الترميم من البنى التحتية، وكذا العمل على ما أسماه ب"تعريب المدينة" لأن المستعمر الفرنسي عندما دخل الجزائر أول ما عمل عليه هو تغريب المدن خاصة ما تعلق ببناء الكنائس التي أخذت القسط الأوفر من سياسته التنصيرية ولهذا يدعو المتحدث إلى ضرورة إعادة ملامح العروبة للمدن الجزائرية والتي لخَّصها في المعالم التي بنيت قبل دخول الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر ويعود بعضها إلى العصور الغابرة أو تلك التي بناها العثمانيون لأنها تعبر عن الهوية العربية، الأمازيغية، والإسلامية لبلادنا وأعطى مثلا بمسجد "كتشاوة" الذي لم يرمم وإلى غاية اليوم، وبقي مهملا رغم عراقته، متسائلا في ذات السياق :" المعلم هو الأساس في تبيان الهوية الوطنية وهو شيء روحي، فكيف يعقل أن تهمله الدولة ولا يُلتفَت إليه رغم ما يحمل من أهمية لسياحة البلد؟" منوها بضرورة اعتماد أي بلد في اقتصاده على عنصرين أساسيين خارج المحروقات وهما :"الاستثمار والسياحة" وأضاف "كيف يعقل أن تزدهر السياحة والمدينة محطمة نتيجة أولا للاستعمار الذي خربها، وثانيا إلى الغياب الكلي للدولة التي لم تحرك ساكنا لإنقاذها؟"وذكر المتحدث أنه ورغم نوع من التفاؤل الذي يغمرنا حول تطور مدننا إلا أنها تبقى مجرد عواطف جياشة تحاول أن تقودنا إلى الشيء الجميل بالحلم في حين الحقيقة حسبه تنبأ بالخراب. خاتما كلامه بالقول أن ما تحتاجه مدننا هو البنى التحتية وهي في الأصل غير موجودة وتتطلب حضور إطارات متخصصة و إرادة سياسية كبيرة صباح شنيب