أما الأسباب التي تجلب محبة الله عز وجل للعبد فهي كثيرة –أيضا- ونذكر منها : 1الإتباع : قال تعالى : "قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم،قل أطيعوا الله والرسول فإن تولّوا فإن الله لايحب الكافرين" -آل عمران 32-32- ان اتباع الرسو صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من هذا الوحي العظيم،سبب عظيم من أسباب محبة الله عز وجل لعبده. قال بعض السلف: ادعى قوم محبة الله فأنزل الله آية المحنة " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني ..." فجعل علامة المحبة الاتباع،وثمرة الاتباع محبة الله عزو جل للعبد. 2-التقوى : قال تعالى " إن الله يحب المتقّين" -التوبة 4 – وقال صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب العبد الغني الخفي التقي " - رواه مسلم – تقوى الله عز وجل سبب عظيم من اسباب محبة الله لعبده، والتقوى : هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله عز وجل وقاية بامتثال أوامره واجتناب نواهيه،وقيل : هي أن يطاع الله فلا يعصى، وان يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر، وقيل : هي أن تعمل بطاعة الله عل نور من الله ترجو ثواب الله ، وأن تترك معصية الله على نور ممن الله تخاف من عقاب الله ، وقال الإمام أحمد : هي ترك ماتهوى لما تخشى، وقيل : هي ترك الذنوب صغيرها وكبيرها. لقول ابن المعتمر: خلّ الذنوب صغيرها * وكبيرها ذالك التقى واصنع كماش فوق * ارض الشوك يحذر ما يرى لاتحقرنّ صغيرة * إن الجبال من الحصى ولله درّ الشاعر القائل : تزوّد من التقوى فإنك لاتدري * إذا جنّ ليل هل تعيش الى الفجر فكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكا * وقد نسجت أكفانه وهو لايدري وكم من عروس زيّنوها لزوجها * وقد قبضت أرواحهم ليلة القدر وكم من صغار برتجى طول عمرهم * وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر 3-الصبر: قال تعالى : " والله يحب الصابرين" -آل عمران 146- الصبر سبب جليل من أسباب محبة الله تعالى لعبده، فليحرص عليه العبد بأنواعه الثلاثة : فليصبر على طاعة الله سبحانه، وليصبر عن معاصيه، وليصبر على أقداره المؤلمة. وقد أمر الله عز وجل في كتابه بالصبر في آيات كثيرة منها : قوله تعالى :" يا أيّها الذين آمنوا اصبروا وصابروا" - آل عمران 200 – وحث النبي صلى الله عليه وسلم على الصبر، ورغّب فيه في أحاديث كثيرة منها : قوله صلى الله عليه وسلم : "ومن يتصبّر يصبره الله ، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر " –-متفق عليه من حديث أبي سعد الخدري رصي الله عنه - 4-الإحسان : قال تعالى : " والله يحب المحسنين " -آل عمران 148- الإحسان سبب جليل من أسباب محبة الله لعبدة، وهو كما عرفه النبي صلى الله عليه وسلم " أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" -رواه مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه – وقد أمر الله بالإحسان في كتابه في آيات كثيرة وحثّ عليه، قال تعالى " واحسنوا إنّ الله يحبّ المحسنين" -البقرة 195- وحث النبي صلى الله عليه وسلم –أيضا-على الإحسان وأمر به في كل شيء، وقال صلى الله عليه وسلم :"إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته"-رواه مسلم 5- التوبة: قال تعالى : "إن الله يحب التوابين" -البقرة 222- التوبة" من أسباب محبة الله لعبده إذا تحققت بشروطها المعروفة : 1-أن يقلع العبد عن المعصية. 2-أن يندم على فعلها. 3-أن يعزم عزما أكيدا على ألاّ يعود إليها أبدا. 4-إذا كانت تتعلق بحق آدمي فعليه أن يبرأ من حقه . فإذا تحققت هذه الشروط في التوبة: كانت سببا لمحبة الله تعالى لعبد. فهو سبحانه يحب التائبين ويفرح بتوبتهم، وذلك لعظيم رحمته وسعة مغفرته. وقد أمر الله عباده بالتوبة في آيات كثيرة، منها قوله تعالى : " وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " -النور 31 – وقوله " يا أيها الذين آمنوا توبوا الى الله توبة نصوحا" -التحريم 8 - وحثّ النبي صلى الله عليه وسلم عليها في أحاديث كثيرة أيضا، ورغّب فيها : فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " والله إني لا استغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة "- رواه البخاري- 6-الطهارة : قال تعالى : "ويحب المتطهرين" البقرة 222. الطهارة سبب من أسباب محبة الله لعبده،وهي قسمان: طهارة حسية،وطهارة معنوية: أما الطهارة الحسية : فهي التطهر من الأنجاس والأحداث. وأما الطهارة المعنوية : فهي التطهر عن الشرك والأخلاق الرذيلة والصفات القبيحة. قال السعدي رحمه الله عند تفسيره لقوله تعالى :" ويحب المتطهرين" أي : المتنزهين عن الآثام،وهذا يشمل التطهر الحسي من الأنجاس والأحداث ففيه مشروعية الطهارة مطلقا،لأن الله تعالى يحب المتصف بها،ويشمل التطهر المعنوي عن الأخلاق الرذيلة والصفات القبيحة والأفعال الخسيسة" ا ه باختصار. 7-التوكل : قال تعالى " إن الله يحب المتوكلين" آل عمران -159- التوكل من أسباب محبة الله تعالى لعبده،وهو اعتماد القلب على حول الله وقوته،والتبرؤ من كل حول وقوة.وقد أمر الله تعالى بالتوكل وحثّ عليه ورغّب فيه آيات كثيرة،منها: قوله تعالى " وتوَكّل على الحي الذي لا يموت" – الفرقان 58- وقال سبحانه وتعالى " وعلى الله فليتوكل المؤمنون –ابراهيم 11- وكذلك حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على التوكل ورغب فيه في أحاديث كثيرة منها: حديث ابن عباس رضي الله عنما في وصف السبعين الف الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولاعذاب،قال "هم الذين لايسترقون ،ولايتطيرون،وعلى ربهم يتوكلون: [متفق عليه ] 8-العدل والقسط : قال تعالى " إن الله يحب المقسطين " –المائدة 45- القسط والعدل: من أسباب محبة الله تعالى لعبده، كما أن الظلم من أسباب بُغض الله تعالى لعبده قال تعالى " والله لايحب الظالمين" -آل عمران 14- وقد حثَّ الله تعالى في كتابه على العدل والقسط في آيات كثيرة منها: قوله تعالى "وأقسطوا إن الله يحب المقسطين " –الحجرات 9- وقال سبجانه " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين " –النساء 135- وقال عز وجل : اعدلوا عو أقرب للتقوى " المائدة 8- وقال جل وعلا " إن الله يامر بالعدل والإحسان " –النحل 9- وكذلك حثَ النبي صلى الله عليه وسلم على العدل ورغب فيه في أحاديث كثيرة ،منها " عن النعمان بن بشير قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" [متفق عليه ]. وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "سبعة يظِّلهم الله في ظِّلِّه يوم لاظِّل إلا ظِّله –ثم ذكر منهم –إمام عادل ..." 9-القتال في سبيل الله: قال تعالى "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفّأ كأنهم بنيان مرصوص" –الصف 4- وقال تعالى "فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولايخافون لومة لائم" –المائدة 54- القتال في سبيل الله : من أسباب محبة الله لعبده، وقد أمر الله تعالى به في آيات كثيرة من كتابه ، منها قوله تعالى " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم " –البقرة 19-. وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله،مابين الدرجتين كما بين السماء والأرض" [واه البخاري]. وعن عبد الرحمن بن جبير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار" [رواه البخاري] 10-التقرب الى الله بالنوافل بعد الفرائض: عن الي هريرة رضي الله عنه قال :قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله تعالى قال " من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب،وماتقرب الى عبدي بشيء أحبَّ إلي مما افترضته عليه ، ومايزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ..." الحديث وقد سبق وذكر أن التقرب الى الله بالنوافل بعد الفرائض من أسباب محبد العبد لربه،وكذلك هو من أسباب محبة الله لعبده. 11-محبة أسماء الله وصفاته: عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية،فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم ب "قل هو الله احد " فلما رجعوا ، ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "سلوه لأيِّ شيء يصنع ذلك؟" فسألوه، فقال : لأنها صفة الرحمن، فأنا أحبُّ أن أقرأ بها ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أخبروه أن الله تعالى يحبه " [متفق عليه ]. 12-اجتناب الأعمال التي لايحب الله أهلها قال تعالى : إن الله لايحب المعتدين " ،" والله لايحب كل كفار أثيم " ، والله ريحب الظالمين " ، "إن الله لايحب من كان مختالا فخورا "،"إن الله لايحب من كان خوانا أثيما" ، " والله لايحب المفسدين "... قال السعدي رحمه الله : أي : لاتفرح بهذه الدنيا العظيمة ،وتفتخر بها،وتلهيك عن الآخرة،فإن الله لايحب الفرحين بها ،المنكبين على محبتها. وقال تعالى : " إنه لايحب الكافرين " 13-الحب في الله: والحب في الله من أسباب نيل محبة الله تعالى ،فعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى ،فأرصد الله له على مدرجته ملكا.فلما أتى عليه قال : اين تريد ؟ قال : أريد أخا لي في هذه القرية .قال .هل لك عليه من نعمة تربّها؟(أي : تقوم بإصلاحها،وتنهض بسببها) قال لاغير أني أحببته في الله عز وجل .قال : فإني رسول الله إليك ،بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه : [رواه مسلم ]. وعنه –ايضا –أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله يقم يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي.اليوم أظلهم في زلي يوم لاظل إلا ظلي" [رواه مسلم]. وفي الجملة أن من حافظ على ما يحبه الله ويرضاه،وابتعد عن كل ما يسخط الله تعالى ويأباه،نال محبة الله عز وجل ورضاه. أحبتي في الله هذه هي اسباب محبة الله للعبد ،عسانا واياكم ووالدينا ووالديكم والمسلمين والمسلمات اجمعين ممن نال محبة الله جل وعلا.