الجمارك الجزائرية تقدم توضيحات بشأن الإجراءات الجمركية المطبقة على المسافرين    المؤتمر السابع للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية يؤكد رفضه التام والكامل لكل أشكال التهجير للشعب الفلسطيني    العاب القوى/الملتقى الدولي داخل القاعة في أركنساس - 400 متر: رقم قياسي وطني جديد للجزائري معتز سيكو    رئيس الجمهورية يشيد بتيمن الشعب الجزائري بجيل الثورة التحريرية المجيدة ورفعهم التحدي في كل القطاعات    الأولمبياد الوطني للحساب الذهني بأولاد جلال: تتويج زينب عايش من ولاية المسيلة بالمرتبة الأولى في فئة الأكابر    المغرب: احتجاجات تعم عدة مدن رفضا لمشاركة "وزيرة" صهيونية في مؤتمر دولي بالمملكة    دعوة الى جعل الثقافة جبهة حقيقية للمرافعة عن القضية الصحراوية    تجارة: إدراج تعديلات على نظام تعويض أسعار القهوة (الجريدة الرسمية)    كرة القدم/رابطة 1 موبيليس (الجولة 17): نادي بارادو - مولودية الجزائر: "العميد" لتعميق الفارق في الصدارة    وهران : افتتاح الطبعة الثانية لمعرض التجارة الإلكترونية و الخدمات عبر الانترنت    التجمع الوطني الديمقراطي يثمن الانجازات الاقتصادية والاجتماعية للجزائر الجديدة    الحماية المدنية تنظم بولاية جانت مناورة في الأماكن الصحراوية الوعرة    نقل جوي: السيد سعيود يبرز الجهود المتواصلة لتعزيز أمن الطيران المدني    غياب المخزن مؤشّر على عزلته القارية    عرض النسخة الأولى من المرجع الوطني لحوكمة البيانات    العمل بمنحة السفر الجديدة.. قريباً    صِدام جزائري في كأس الكاف    جيبلي يعتزم التصدير    بوغالي يؤكّد ثبات مواقف الجزائر    أمطار رعدية مرتقبة بعدة ولايات البلاد ابتداء من مساء اليوم السبت    تفكيك عصابة إجرامية حاولت بث الرعب بالأربعاء    عطاف يلتقي لافروف    هلاك 4 أشخاص وإصابة 228 آخرين في حوادث المرور خلال 24 ساعة    وزير المجاهدين العيد ربيقة يشارك في تنصيب القائد الأعلى للجيش و القائد العام للشرطة بنيكاراغوا    جائزة "الرائد سي لخضر" تحتضن توأمة تاريخية بين الزبربر وسي مصطفى    الحقد الفرنسي أصبح يطال كل ما هو جزائري    القضاء على إرهابي خطير بالمدية    تكييف عروض التكوين مع احتياجات سوق الشغل    بيتكوفيتش يحضّر لبوتسوانا والموزمبيق بأوراقه الرابحة    2025 سنة تسوية العقار الفلاحي بكل أنماطه    قرية حاسي مونير بتندوف... منطقة جذب سياحي بامتياز    لا مصلحة لنا في الاحتفاظ بالجثامين لدينا    الانتهاء من ترميم القصبة بحلول 2026    صحة: المجهودات التي تبذلها الدولة تسمح بتقليص الحالات التي يتم نقلها للعلاج بالخارج    أنشطة فنية وفكرية ومعارض بالعاصمة في فبراير احتفاء باليوم الوطني للقصبة    الدورة الافريقية المفتوحة للجيدو: سيطرة المنتخب الوطني للأواسط في اليوم الأول من المنافسة    ترسيم مهرجان "إيمدغاسن" السينمائي الدولي بباتنة بموجب قرار وزاري    تدشين مصنع تحلية مياه البحر بوهران: الجزائر الجديدة التي ترفع التحديات في وقت قياسي    تسخير مراكز للتكوين و التدريب لفائدة المواطنين المعنيين بموسم حج 2025    فرنسا تغذّي الصراع في الصحراء الغربية    غزّة تتصدّى لمؤامرة التهجير    اختيار الجزائر كنقطة اتصال في مجال تسجيل المنتجات الصيدلانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا    مبارتان للخضر في مارس    الرئيس تبون يهنيء ياسمينة خضرا    هذا زيف الديمقراطية الغربية..؟!    أدوار دبلوماسية وفرص استثمارية جديدة للجزائر دوليا    إثر فوزه بجائزة عالمية في مجال الرواية بإسبانيا رئيس الجمهورية.. يهنئ الكاتب "ياسمينة خضرا"    70 دراجا على خط الانطلاق    "سوسطارة" تتقدم واتحاد خنشلة يغرق و"السياسي" يتعثر    احتفالات بألوان التنمية    "حنين".. جديد فيصل بركات    حج 2025: إطلاق عملية فتح الحسابات الإلكترونية على البوابة الجزائرية للحج وتطبيق ركب الحجيج    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاستغفار أمر إلهي وأصل أسباب المغفرة    هكذا يمكنك استغلال ما تبقى من شعبان    سايحي يواصل مشاوراته..    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام وحفظ الأمانة

وصف الله تعالى المؤمنين الصالحين الذين كتب الله سبحانه لهم الفلاح والرشاد في الدنيا والآخرة بأنهم يرعون أماناتهم ويؤدونها حق الأداء , قال تعالى : \" وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ\" . سورة المؤمنون :8
يقول القرطبي : والأمانة تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال . تفسير القرطبي 14/255.
والأمانة تشمل كل ما يحمله الإنسان من أمر دينه ودنياه قولا وفعلاً , والأمانة هي أداء الحقوق، والمحافظة عليها، فالمسلم يعطي كل ذي حق حقه؛ يؤدي حق الله في العبادة، ويحفظ جوارحه عن الحرام، ويؤدي ما عليه تجاه الخلق .
والأمانة خلق جليل من أخلاق الإسلام، وأساس من أسسه، فهي فريضة عظيمة حملها الإنسان، بينما رفضت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها لعظمها وثقلها، قال تعالى : \" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً. سورة الأحزاب:72.
ولقد أمرنا الله تعالى بأداء الأمانات، فقال تعالى : \" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) سورة النساء.
والأمانة صفة مميزة لأصحاب الرسالات ، فقد كان كل منهم يقول لقومه : (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) . سورة : الشعراء : 107، 125 ،143،162، 178.
ولقد اتصف النبي صلى الله عليه وسلم منذ صغره ولقب بين قومه ( بالصادق الأمين ) حتى وقومه يعادونه لم ينفوا عنه هذه الصفة , كما جاء في حوار أبي سفيان وهرقل ، حيث قال هرقل : سَأَلْتُكَ : هَلْ يَغْدِرُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لاَ يَغْدِرُ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِِرُ.\"البُخَاريّ\" 1/5(7) و4/66(2978) .
وَلَقَّبَتهُ قُرَيشٌ بِالأَمينِ عَلى * * * صِدقِ الأَمانَةِ وَالإِيفاءِ بِالذِّمَمِ
ولقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم الأمانة دليلا على إيمان المرء وحسن خلقه، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ قَالَ:لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ ، وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ.
أخرجه أحمد 3/135(12410) الألباني ( صحيح ) انظر حديث رقم : 7179 في صحيح الجامع .
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ ، فَلاَ عَلَيْكَ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا : حِفْظُ أَمَانَةٍ ، وَصِدْقُ حَدِيثٍ، وَحُسْنُ خَلِيقَةٍ ، وَعِفَّةٌ فِي طُعْمَةٍ. أخرجه أحمد 2/177(6652) الألباني في \"السلسلة الصحيحة\" 2 / 370.
ولقد كانت من آخر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الوصية بالأمانة فقال : \" وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَلْيُؤَدِّهَا إِلَى مَنِ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا - وَبَسَطَ يَدَيْهِ فَقَالَ - أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ - ثُمَّ قَالَ - لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلَّغٍ أَسْعَدُ مِنْ سَامِعٍ. أخرجه أحمد 5/72(20971) و\"الدرامي\" 2537 و\"أبو داود\" 2145 .
لذا فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم من علامات الساعة عند فساد الزمان نزع الأمانة من قلوب الرجال , فعَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَيْنِ ، قَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا ، وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ ، حَدَّثَنَا:أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ ، ثُمَّ نَزَلَ الْقُرْآنُ ، فَعَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ ، وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ ، ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِ الأَمَانَةِ ، قَالَ : يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ ، فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِن قَلْبِهِ ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْوَكْتِ ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ ، فَنَفِطَ ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا ، وَلَيْسَ فَيهِ شَيْءٌ (ثُمَّ أ\\َخَذَ حَصًى فَدَحْرَجَهُ عَلَى رِجْلِهِ) فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ ، لاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ ، حَتَّى يُقَالَ : إِنَّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا ، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ : مَا أَجْلَدَهُ ، مَا أَظْرَفَهُ ، مَا أَعْقَلَهُ ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ.وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ ، وَمَا أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ دِينُهُ ، وَلَئِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا ، أَوْ يَهُودِيًّا ، لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ ، وَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ لأُبَايِعَ مِنْكُمْ ، إِلاَّ فُلاَنًا ، وَفُلاَنًا. أخرجه \"أحمد\" 5/383(23644) و\"البُخَارِي\" 8/129(6497) و\"مسلم\" 1/88 (284).
قال الشاعر :
فعليك تقوى اللهِ فالزمها تفُز * * * إن التقيّ هو البهي الأهيبُ
واعمل بطاعتهِ تنلْ منه الرَّضا * * * إن المطيعَ لَربه لمقرّبُ
أدّ الأمانة ، والخيانةَ فاجتنب * * * واعدل ولا تظلم يطيب المكسبُ
والأمانات في الحياة لها أنواع كثيرة منها :
1- الأمانة في العبادة: فمن الأمانة أن يلتزم المسلم بالتكاليف، فيؤدي فروض الدين كما ينبغي، ويحافظ على الصلاة والصيام والزكاة وبر الوالدين، وغير ذلك من الفروض التي يجب علينا أن نؤديها بأمانة لله رب العالمين ,عَنْ عَبْد ِاللهِ بْنِ عَمْروٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلاَةَ يَوْمًا، فَقَالَ : مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا ، كَانَتْ لَهُ نُورًا ، وَبُرْهَانًا ، وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا ، لَمْ يَكُنْ لَهُ نًورٌ ، وَلاَ بُرْهَانٌ ، وَلاَ نَجَاةٌ ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ ، وَفِرْعَونَ ، وَهَامَانَ ، وَأبَيِّ بْنِ خَلَفٍ. أخرجه أحمد2/169(6576) والدارمي (2721) الألباني : مشكاة المصابيح 1/127.
وقال عُمَرُ بن الخطاب رضي الله عنه : \"مَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا حَفِظَ دِينَهُ، وَمَنْ ضَيَّعَهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ\". أحكام القرآن , لابن العربي 1/ 16.
2- الأمانة في حفظ الجوارح: فعلى المسلم أن يعلم أن الجوارح والأعضاء كلها أمانات، يجب عليه أن يحافظ عليها، ولا يستعملها فيما يغضب الله سبحانه؛ فالعين أمانة يجب عليه أن يغضها عن الحرام، والأذن أمانة يجب عليه أن يجنِّبَها سماع الحرام، واليد أمانة، والرجل أمانة...وهكذا.
عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَلاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:الْعَيْنُ تَزْنِي ، وَالْقَلْبُ يَزْنِي ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ ، وَزْنَا الْقَلْبِ التَّمَنِّي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ مَا هُنَالِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ. أخرجه أحمد 2/329(8338).
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ ، مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ ، إِلاَّ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ ، وَامْرَأَتَيْنِ ، وَقَالَ : اقْتُلُوهُمْ ، وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ، عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِى جَهْلٍ ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ خَطَلٍ ، وَمَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى السَّرْحِ.
فَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ خَطَلٍ ، فَأُدْرِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ، فَاسْتَبَقَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ ، فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّارًا ، وَكَانَ أَشَبَّ الرَّجُلَيْنِ ، فَقَتَلَهُ ، وَأَمَّا مَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ ، فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ في السُّوقِ ، فَقَتَلُوهُ. وَأَمَّا عِكْرِمَةُ ، فَرَكِبَ الْبَحْرَ ، فَأَصَابَتْهُمْ عَاصِفٌ. فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ : أَخْلِصُوا فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لاَ تُغْنِى عَنْكُمْ شَيْئًا هَا هُنَا. فَقَالَ عِكْرِمَةُ : واللهِ لَئِنْ لَمْ يُنَجِّنِى مِنَ الْبَحْرِ إِلاَّ الإِخْلاَصُ لاَ يُنَجِّينِى في الْبَرِّ غَيْرُهُ اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَىَّ عَهْدًا ، إِنْ أَنْتَ عَافَيْتَنِى مِمَّا أَنَا فِيهِ ، أَنْ آتِىَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أَضَعَ يَدِى في يَدِهِ ، فَلأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيمًا ، فَجَاءَ فَأَسْلَمَ ، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى السَّرْحِ ، فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ ، جَاءَ بِهِ ، حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، بَايِعْ عَبْدَ اللهِ. قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلاَثًا ، كُلَّ ذَلِكَ يَأْبَى ، فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلاَثٍ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ، يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِى كَفَفْتُ يَدِى عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلَهُ. فَقَالُوا : وَمَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللهِ مَا في نَفْسِكَ ، هَلاَّ أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ. قَالَ : إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِى لِنَبِىٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ أَعْيُنٍ. أخرجه أبو داود (2683 و4359) و\"النَّسَائي\" 7/105 الألباني في \" السلسلة الصحيحة \" 4 / 300.
3- الأمانة في الودائع: ومن الأمانة حفظ الودائع وأداؤها لأصحابها عندما يطلبونها كما هي، مثلما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع المشركين، فقد كانوا يتركون ودائعهم عند الرسول صلى الله عليه وسلم ليحفظها لهم, ولذا فقد حثنا صلى الله عليه وسلم على رد الودائع إلى أصحابها , فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا ، أَدَّاهَا اللهُ عَنْهُ ، وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا ، أَتْلَفَهُ اللهُ ، عَزَّ وَجَلَّ.أخرجه أحمد 2/361(8718) و\"البُخاري\" 2387 .
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : \" ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ ، وَلَمْ يُوفِهِ أَجْرَهُ . أخرجه أحمد 2/358(8677) و\"البُخاري\" 2227 .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ : خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي ، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ ، وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ ، وَقَالَ الَّذِي لَهُ الأَرْضُ : إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا ، فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ ، فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ : أَلَكُمَا وَلَدٌ ؟ قَالَ أَحَدُهُمَا : لِي غُلاَمٌ ، وَقَالَ الآخَرُ لِي جَارِيَةٌ ، قَالَ : أَنْكِحُوا الْغُلاَمَ الْجَارِيَةَ وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ ، وَتَصَدَّقَا. أخرجه أحمد 2/316(8176) . والبُخاري (3472) و\"مسلم\" 4518 و\"ابن حِبَّان\" 720.
4- الأمانة في العمل: ومن الأمانة أن يؤدي المرء ما عليه على خير وجه، فالعامل يتقن عمله ويؤديه بإجادة وأمانة، والطالب يؤدي ما عليه من واجبات، ويجتهد في تحصيل علومه ودراسته، ويخفف عن والديه الأعباء، وهكذا يؤدي كل امرئٍ واجبه بجد واجتهاد. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا : أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ : إِنَّ الله يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ. أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان (4/334 ، رقم 5312) الألباني في \" السلسلة الصحيحة \" 3 / 106.
5- الأمانة في البيع والشراء : المسلم لا يغِشُّ أحدًا، ولا يغدر به ولا يخونه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا فَأَعْجَبَهُ ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ ، فَإِذَا هُوَ طَعَامٌ مَبْلُولٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّنَا.
وفي رواية : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا ، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلاً ، فَقَالَ : مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ ؟ قَالَ : أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : أَفَلاَ جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ ؟ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي. أخرجه \"أحمد\" 2/242(7290) و\"مسلم\" 197 و\"التِّرمِذي\" 1315.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ ، فَقَالَ ائْتِنِى بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ . فَقَالَ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا . قَالَ فَأْتِنِى بِالْكَفِيلِ . قَالَ كَفَى بِاللهِ كَفِيلاً . قَالَ صَدَقْتَ . فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَخَرَجَ فِى الْبَحْرِ ، فَقَضَى حَاجَتَهُ ، ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا ، يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلأَجَلِ الَّذِى أَجَّلَهُ ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا ، فَأَخَذَ خَشَبَةً ، فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ ، وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا ، ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ ، فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّى كُنْتُ تَسَلَّفْتُ فُلاَنًا أَلْفَ دِينَارٍ ، فَسَأَلَنِى كَفِيلاً ، فَقُلْتُ كَفَى بِاللهِ كَفِيلاً ، فَرَضِىَ بِكَ ، وَسَأَلَنِى شَهِيدًا ، فَقُلْتُ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا ، فَرَضِىَ بِكَ ، وَأَنِّى جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا ، أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِى لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ ، وَإِنِّى أَسْتَوْدِعُكَهَا . فَرَمَى بِهَا فِى الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ ، ثُمَّ انْصَرَفَ ، وَهْوَ فِى ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا ، يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِى كَانَ أَسْلَفَهَ ، يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِى فِيهَا الْمَالُ ، فَأَخَذَهَا لأَهْلِهِ حَطَبًا ، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ ، ثُمَّ قَدِمَ الَّذِى كَانَ أَسْلَفَهُ ، فَأَتَى بِالأَلْفِ دِينَارٍ ، فَقَالَ وَاللهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا في طَلَبِ مَرْكَبٍ لآتِيَكَ بِمَالِكَ ، فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِى أَتَيْتُ فِيهِ . قَالَ هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَىَّ بِشَىْءٍ قَالَ أُخْبِرُكَ أَنِّى لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِى جِئْتُ فِيهِ . قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الذي بَعَثْتَ في الْخَشَبَةِ فَانْصَرِفْ بِالأَلْفِ الدِّينَارِ رَاشِدًا. أخرجه أحمد 2/348(8571) و\"البُخاري\" 3/ هامش 73 و\"النَّسائي\" في \"الكبرى\" 5800 وأخرجه البخاري تعليقًا في 2/159(1498) الألباني في \" السلسلة الصحيحة \" 6 / 829 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.