ما حكم رفع اليدين في الدعاء أثناء خطبة الجمعة للإمام والمأمومين وهل هو بدعة؟ - إن الأصل في رفع اليدين في الدعاء أنه مستحب لما ورد فيه من أحاديث كثيرة منها: ما رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا (...)ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ. وما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنْ النَّاسِ. وما رواه الترمذي وابن ماجه عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ. أما رفع اليدين للخطيب يوم الجمعة ففيها خلاف بين أهل العلم فقد روى الإمام مسلم وأبو داود أن عُمَارَةَ بنَ رُؤَيْبَةَ رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَافِعاً يَدَيْهِ فَقَالَ قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ. وفي شرح النووي على مسلم - (ج3 /ص 255) «هَذَا فِيهِ أَنَّ السُّنَّة أَنْ لَا يَرْفَع الْيَد فِي الْخُطْبَة وَهُوَ قَوْل مَالِك وَأَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ. أما الإمام البخاري فقد خصص باباً في كتاب الجمعة أسماه باب رفع اليدين في الخطبة أورد فيه جزءاً من حديث أَنَسٍ قَالَ بَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلَكَ الْكُرَاعُ، وَهَلَكَ الشَّاءُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا. فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا» وفي شرح الباب في فتح الباري لابن حجر - (ج 3 / ص 342) «وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ حَدِيث عُمَارَة بْنِ رُوَيْبَة الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِم فِي إِنْكار ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقه لَكِنْ قَيَّدَ مَالِك الْجَوَاز بِدُعَاءِ الِاسْتِسْقَاء كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيث». وبالنسبة للمأمومين فلم يرد في حقهم شيء، فيبقى الأمر على الأصل، وهو استحباب رفع الأيدي. والله أعلم.