يبرز متابعون لسيرورة حرفة الفخار والخزف بمدينة عزازقة شرق ولاية تيزي وزو مؤخرا، اصطدام الأخيرة بحزمة عراقيل تواجه تطوير هذه الحرفة الأصيلة، وتركّز بنات حواء اللائي تمارسن هذه الحرفة بمنطقة القبائل على معضلة المواد الأولية، التي باتت إحدى أهم "العراقيل" التي تحول دون إنجاز الأواني المصنوعة من الفخار والخزف. وأكدت بعض الحرفيات – اللواتي يعرضن أعمالهن الفنية في بهو دار الثقافة مولود معمري أنّ هناك صعوبة للحصول على المادة الأولية التي تتمثل في الصلصال والطين بالنسبة للفخار، والاسمنت والمادة الصمغية والكوارتز والكوالين بالنسبة للخزف. وفي هذا الصدد قالت "كاتيا ب" الحرفية في صناعة الفخار التقليدي من اعزوقن ، إنها تقوم بمجهودات شخصية دون الحصول على إعانات، مضيفة أنّ المادة الأولية التي تتمثل في مادة الطين تتطلب جهدا للحصول عليها، خصوصا أنها تتواجد في مناطق جبلية يصعب على النساء الوصول اليها نظرا ل "خطورة" تلك الأماكن. وأشارت بن عودة إلى أن عملية تحضير الفخار تتطلب توفر اليد العاملة والتي هي نادرة، فهذه الحرفة -حسبها- أصبحت "محصورة" في بعض العائلات فقط التي ما زالت متشبثة بالأصالة والتقاليد. وتسعى ذات الحرفية إلى تلقين بنات منطقتها (تيزي وزو ) هذه المهنة نظرا لارتباطها بصناعة الفخار، الذي ورثته أبا عن جد وهو ما جعلها تتجاوز العراقيل التي تعترضها وتعترض الكثير من رفيقاتها. من جانبها، أكدت الحرفية تاساعديت التي تعمل في فن الخزف، أنّ جل المواد الأولية التي تستخدمها في أعمالها "نادرة" وغير موجودة في الجزائر، حيث يتم استيرادها من بلدان أجنبية كإيطاليا واسبانيا والتي تقتنيها أحيانا بالعملة الصعبة، وذلك ليس في متناول كل الحرفيين. وتأسفت العارضة التي تتميز باستخدامها لمواد الأرض، على أن فن الخزف يعرف بعض "التراجع" نظرا لأسعار بعض المواد الأولية، وهو ما يؤثر حسبها على مبيعات آواني الخزف التي تباع بأسعار باهظة، مشيرة إلى أن ذلك يقلل من الاهتمام بهذا الفن واللجوء إلى المنتوجات المستوردة من الصين مثلا والتي تباع بأسعار "زهيدة". من جهتها، اعتبرت فروجة التي تشارك بقطع فنية تقليدية تمتاز بها منطقتها، أن صناعة الأواني الفخارية تتطلب وفرة المادة الأولية المتشكلة أساسا من الطين والحبر الأسود، نظرا لاختلاف الفخار الذي تنجزه عن أنواع فخارية أخرى، وتشير إلى أنّ الرجال احتكروا ميدان صناعة هذا النوع من الفخار، وذلك نظرا للمواد الأولية التي تجلب من أماكن بعيدة، بالإضافة إلى تمكنهم من التنقل اليها مشيرة إلى أن صناعة الأواني الفخارية تكثر خاصة عند قروب الموسم السياحي الذي يجعلها "مناسباتية" فقط. من جانبها، أثارت الحرفية سهيلة من بلدية واضية التي تتفنن في توشية عديد الأواني الفخارية التقليدية، مشكل نقص المعدات حيث ترى أن المعدات ناقصة مثل الفرن، وهو ما يجعل مهمتها صعبة خاصة أنّ هذه الحرفة تعد مصدر رزقها. أما تنهنان التي تعلمت أبجديات المهنة من والدتها، فتعتبر أنّ قلة الأسواق لعرض منتوجاتها يجعلها تحصر حرفتها في الورشة التي تمتلكها عائلاتها دون عرضها للبيع، وأضافت أنها كشابة في هذا الميدان الفني تسعى إلى التخصص في الفخار، وذلك عبر مشروع تود تجسيده بفضل مساعدة "نظام تشغيل الشباب" لتفتح ورشة خاصة بها. ويبدي عموم المهووسين إعجابا بصناعة المهراس الخشبي المستعمل أساسا في تحضير طبق السلاطة مهراس أو ما يعرف ب "الزفيتي" في الوقت الحالي، غير أنه كان فيما سبق حسب الحاجة سكورة بعاصمة الولاية، يستعمل لعديد الأغراض منها طحن مختلف التوابل والبن، بل وحتى تحضير اللحم المفروم في بعض الأحيان غير أن ظهور "الروبو" قلص من دور المهراس. والمهراس الخشبي معروف لدى عامة الناس بوصف "الهاون"، ويُلجأ في صناعته فقط إلى استعمال خشب البلوط الأخضر، كونه الوحيد الأصلح لهذا الغرض كما يحكي أحمد ذو الستين عاما، والذي كان يرافق الصناع بدءا من تحضير جذع الشجرة وانتهاء بصناعة المهراس.