عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ضلَّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ . وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصم، وقال الصنعاني: (أي: الشديد المراء، أي الذي يحجُّ صاحبه) . وقال النووي الألدُّ: شديد الخصومة، مأخوذ من لديدي الوادي، وهما جانباه؛ لأنَّه كلما احتجَّ عليه بحجة أخذ في جانب آخر، وأما الخصم فهو الحاذق بالخصومة، والمذموم هو الخصومة بالباطل في رفع حقٍّ، أو إثبات باطل . وعن أبي هريرة، رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المراء في القرآن كفر، وقال البيضاوي: المراد بالمراء فيه التدارؤ، وهو أن يروم تكذيب القرآن بالقرآن؛ ليدفع بعضه ببعض فيطرق إليه قدحًا وطعنًا . وقال المناوي: (المراد الخوض فيه بأنه محدث أو قديم، والمجادلة في الآي المتشابهة المؤدِّي ذلك إلى الجحود والفتن، وإراقة الدماء؛ فسمَّاه باسم ما يخاف عاقبته، وهو قريب من قول القاضي: أراد بالمراء التدارؤ، وهو أن يروم تكذيب القرآن بالقرآن؛ ليدفع بعضه ببعض، فيتطرَّق إليه قدح وطعن، ومن حقِّ الناظر في القرآن أن يجتهد في التوفيق بين الآيات، والجمع بين المختلفات ما أمكنه . وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء، وإن كان محقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه .