على الرغم مما تُعانيه اللغة العربية من تراجُع وإهمال من الناطقين بها في الدول العربية، إلا أنها لا تزال تحتل تلك المكانة الرفيعة بين لغات العالم، وأحد أهم تلك اللغات انتشاراً، حيث احتلت "لغة الضاد" المرتبة الرابعة بين اللغات الأكثر انتشاراً في العالم، في دراسة أجراها أستاذ علم اللغات في جامعة "دوسلدورف" الألمانية أولريخ آمون. وأظهرت الدراسة التي استُغرق إجراؤها 15 عاماً بين إحصائيات ومُراقبة وإعداد، احتلال اللغة الصينية المركز الأول كأكثر اللغات بكل لهجاتها انتشاراً في العالم من حيث عدد المتحدثين بها، وتلتها اللغة الأوردو الهندية، ثم الإنجليزية في المركز الثالث، وحلت اللغة الإسبانية خامسة، والبنغالية سادسة، في حين جاء عدد الدول التي تتحدث الإنجليزية الأكثر في العالم، تليها الدول التي تتحدث اللغة العربية، والتي يبلغ عددها 22 دولة عربية. واعتمد الباحثون في تصنيفهم على أعداد المتحدثين باللغة، حيث يتحدث الصينية بجميع لهجاتها حوالي 1.39 مليار نسمة، وهو ما جعلها أكثر لغات العالم انتشاراً، بينما يتحدث الأوردو الهندية 588 مليون نسمة، في حين يتحدث الإنجليزية 527 مليون نسمة، مُقابل 467 مليوناً يتحدثون اللغة العربية، و389 مليون نسمة للإسبانية، ثم 250 مليوناً يتحدثون البنغالية، أما باقي اللغات الأساسية فتوزعت كالتالي: الروسية 254 مليون نسمة، والبرتغالية 193 مليوناً، والألمانية 132 مليوناً، واليابانية 123 مليوناً، والفرنسية 118 مليوناً، والإيطالية 67 مليوناً. وكشفت الدراسة عن أن القارة الأوروبية هي أقل القارات من حيث عدد اللغات، ويوجد فيها 286 لغة، بينما تصدّرت آسيا قارات العالم من حيث عدد اللغات التي توجد فيها بنحو2301 لغة، وفي إفريقيا يوجد 2138 لغة، وتوجد في الأمريكتين 1064 لغة، في حين يوجد في منطقة المحيط الهادئ 1313 لغة، وأشارت الدراسة إلى أنه على الرغم من أن عدد اللغات في العالم يصل إلى 7102 لغة، إلا أن أكثر من ثلثي سكان العالم يتحدثون ب12 لغة رئيسية فقط، وأقل من ثلث السكان يتحدثون حوالي 7000 لغة. وفي ضوء كثرة لغات العالم، فإن هناك العديد من اللغات المهدّدة بالانقراض، بحسب تقرير لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، والتي أوضحت في تقريرها أن كثيراً من اللغات لا يتحدث بها سوى فئة محدودة من الناس، حيث إن هناك حوالي 2000 لغة لا تزيد أعداد المتحدثين بها 1000 شخص في كل منها. ويوضح الدكتور أولريخ آمون، أستاذ علم اللغات في جامعة دوسلدورف الألمانية، والمشرف على الدراسة، أن أكثر اللغات في العالم طلباً للتعلّم هي الإنجليزية، ويتعلّمها قرابة 1.5 مليار نسمة حول العالم، وتليها الفرنسية ويتعلّمها حوالي 82 مليوناً، ثم الإسبانية والألمانية، ويتعلّمهما ما يقرُب من خمسة عشر مليون نسمة لكل منهما، وتليهما الإيطالية، ثم اليابانية بثلاثة ملايين مُتعلّم. وقد كشفت خريطة لغات العالم في طبعتها الثامنة عشرة، عن أن هناك 101 دولة تتحدث اللغة الإنجليزية، وتُعتبر اللغة العربية هي لغة المحادثة في 60 دولة، في حين تتحدث 51 دولة اللغة الفرنسية، و33 دولة الصينية، و31 دولة الإسبانية، و29 دولة الفارسية، و18 دولة الألمانية، و16 دولة الروسية، و13 دولة الماليزية، ومن جانبه، يقول الدكتور فتحي فاروق، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة القاهرة: إن هناك مؤثرات كثيرة في تصنيف لغات العالم وانتشارها، ومنها لغة التكنولوجيا الحديث والتطوّر واللغة التي يفرضها، وهذا ما يُفسّر تصدّر اللغة الإنجليزية للغات العالم من حيث الإقبال عليها وتعلّمها، وكثرة الدول التي تتحدثها، مُشيراً إلى أنه على الرغم مما تشهده اللغة العربية من تراجُع وإهمال في البلدان العربية لصالح التعليم الأجنبي واللغات الأخرى، إلا أنها تزداد انتشاراً خارج العالم العربي بفعل تأثيرات كثيرة، منها الرغبة في معرفة الثقافة العربية والإسلامية، في ضوء ما يُثار حول الدين الإسلامي، هذا بجانب ازدياد أعداد المسلمين حول العالم، وهو ما ينعكس على انتشار اللغة العربية، وتابع: هناك اهتمام عالمي مُتزايد باللغة العربية، حيث إن العديد من بلدان العالم افتتحت مدارس لتعليم العربية ومنها تركيا، لافتاً إلى أن بعض الدول الأوروبية اعتمدت اللغة العربية بعد تزايُد الإقبال عليها، ويرى الدكتور الطاهر مكي، أستاذ الدراسات الأدبية بجامعة القاهرة، أن اللغة العربية تمتلك الكثير من المقومات التي تميّزها عن اللغات الأخرى وتزيد من انتشارها، ومنها أنها لغة الإسلام، ويتحدث بها أكثر من عشرين دولة، هذا بجانب أنها تحمل ثقافة وحضارة عريقة أنارت العالم لمدة تسعة قرون، بالإضافة إلى الإمكانيات اللغوية الكبيرة التي تحتويها من مظاهر جمال، والقُدرة على التعبير بأشكال وكلمات مُختلفة وارتقاء وإجادة، تُميّزها عن باقي لغات العالم التي تفتقد لروح ومضمون وجماليات اللغة العربية، مُشيراً إلى أن اللغة العربية مع مُعدلات الانتشار المتزايدة، مُرشحة بقوة لأن تكون اللغة الأولى في العالم، وهذا ما توقّعته العديد من الدراسات والإحصائيات.