ظلت سمعة العائلة ومركزها ووضعها الاجتماعي تشكل حلقة مهمة في اختيار أحد الشريكين للطرف الآخر، وهي في مقدمة الأولويات التي يسأل عنها المقبلون على الزواج سواء من الرجل والمرأة، فيما يرى البعض أنها باتت من الماضي وقد تجاوزها الزمن، بحكم ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وانفتاحنا على الثقافات الغربية، حاولنا استطلاع رأي البعض حول مدى تقبلهم لهذا الموروث المتوارث وتطبيقه في الحياة اليومية، وهل تزال سمعة الأهل من الأولويات التي يسأل عنها عند الزواج؟ وإلى أي مدى يلعب دورا في التجاوز عن سمعة الأهل عند البعض؟ فتيات تدفعن سوء سمعة عائلاتهن تعد المرأة هي الضحية الأولى التي تحصد ثمن سوء سمعة الأهل مقارنة بالرجل، فتسهم الأسرة إما في رفع أسهمها عند تقدم أحدهم لطلب الزواج منها، وإما أن تخسف بها الأرض حينها، فتدفع ثمن سوء سمعة أهلهما ، ولهذا نجد كثيرا من الفتيات يظلمن إذا كان حظهن ضمن أسرة ليست ذات سمعة طيبة، وحتى ان حققت الفتاة لنفسها تقدما علميا وثقافيا وماديا في وسط أسرة سيئة السمعة، فهي كمن يبني في الهواء بناء لا أساس له، فتدفع ثمن سمعة أهلها السيئ، إما بحرمانها من الزواج أو بزواجها بمن هو أقل منها أو بمن لا يستحقها، وهنا اشتكت لي ب.ح، البالغة من العمر42سنة، من كثرة خلافاتها الزوجية معه، وأرجعت كل ما يحدث في حياتها من مشاكل إلى والدها السكير وسمعة إخوتها السيئة بسيرتهم إلي السيئة بتعاطيهم المدخرات، فهي جامعية وتعمل مسؤولة في القطاع الصحي، وبراتب ممتاز وتتمتع بالجمال والتربية أيضا مما يجعل الآخرين يقتربون منها للاقتران بها، ولكنهم كانوا يهربون عندما يسألون عن أسرتها، ولم تجد حلاً للخلاص من هذا الأب إلا بالرضا بمن هو اقل منها في المستوى للخروج من مأزقها كونها تعلم انه لن يتقدم لها صاحب المستوى اللائق بها لسوء سمعة والدها التي طغت على كل مميزاتها، هذه القصة وغيرها تحدث كثيراً وتدفع الفتيات والشباب أيضا ثمن سوء سمعة الآهل، حينما تطول السمعة الطرفين حتى بعد الزواج إلا أن الرجل أيضا يمكنه أن يحصد ميراثه من سمعة أهله، حيث تعتبر حلقة مهمة جدا، ومن الأوليات التي يسأل عنها المقبل على الزواج ، فهي ميراث الأبناء عن آبائهم ، ورغم أن الرجل عادة هو من يتقصى أكثر عن شريكة حياته لأنها الموكلة المسؤولة عن تربية أبنائه، وذلك فان المجتمع ينظر إلى الرجل على أن لا عيب فيه، وقد يجد من ترضى به، حتى ان كانت سمعة أهله سيئة، إلا أن الواقع أثبت أن سوء سمعة الأهل تسيء للأبناء سواء أكانوا ذكورا أم إناثا، بعد الزواج، حيث يلجأ الكثيرون على معايرة الطرف الأضعف عند حدوث المشاكل والخلافات الزوجية، وعليه تقول ياسمين، 32 سنة، والتي عانت كثيرا من انتقادات زوجها لها بسبب عائلتها، وقد تجرعت وراءها الكثير من الآلام والأحزان وذرفت الكثير من الدموع بسببها، فعلى حد تعبيرها كانت كلماته بمثابة خنجر يغرسه بأحشائها كلما ذكر لها عيوب والها وعايرها بهم، مضيفة:"إن العادات والتقاليد لم تتغير في هذا الشأن وما زالت سمعة الأهل في مقدمة الأوليات يهتم بها الرجل، ورغم ارتباط زوجي بي وعلمه بتاريخ الأسود لوالدي بدخوله السجن، إلا أنه يذكرني به كل لحظة يريد فيها تجريحي وأذيتي، حقا إن سمعة الأهل ترفع من أسهم الفتاة عند الزواج حتى إن كانت محدودة الإمكانيات، لأهمية الحسب والنسب عند الزواج، والعكس صحيح أيضا" نظرة تقليدية تجاوزها الزمن ومن وجهة نظر البعض فإنها تعد ثقافة قديمة تجاوزها الزمن، إذ أنه يمكن التجاوز عن سمعة الأهل في حالات كثيرة، بدليل مقدرة الكثير من الأشخاص على التميز بشخصيتهم، واثبات قدراتهم ووصولهم لأعلى المراكز والمناصب، رغم السمعة السيئة لأهاليهم التي لازمتهم منذ صغرهم، إذ يرى عبد الحفيظ، 45سنة، وهو أستاذ جامعي بجامعة بوزريعة، أن المستوى التعليمي للفتاة قادر على تغيير نظرة الغير لها، خصوصا إذا كانت صاحبة منصب ولها فكر ورأي وتتمتع بشخصية قوية، فان ذلك سيغطي على سمعة أهلها، حيث أن هناك من سيحترمها وينظر إليها بنظرة تقدير، من جهة أخرى يتوقف حكم الغير لها على طبيعة الأشخاص في حد ذاتهم، وما إذا كانوا محدودي الثقافة والوعي يقفون عند كل خطأ لتحطيم الآخر، وهو نفس رأي هدى، 27 سنة، مهندسة معمارية، قائلة:" سمعة الأهل اليوم ليست مقياسا للزواج، وخصوصا بعد تحرر المرأة وخروجها إلى العمل وتحررنا من كثير من العادات والتقاليد البالية والظالمة، فالبعض لا تفرق معه سمعة الأهل ولا يهمه سوى من يرتبط بها"، أما إن ارتبطت سمعة الأهل بسوء الأخلاق والفساد، فان ذلك سيؤثر سلبيا على زواج الفتاة، لكن ان ارتبطت بمساوئ أقل مثل سوء التعامل مثلا، فان ذلك قد يتجاوز عنه البعض وفيه وفي ظلم كبير وإجحاف في حق الفتيات اللواتي ليس لهن ذنب في الأمر. رأي علم الاجتماع : ليس صحيحا الفتاة تشبه أمها والولد يشبه أباه ويرى المختصون في علم الاجتماع أن سمعة الأهل السيئة تلعب دورا في عزوف البعض عن الزواج بأحد أفراد هذه الأسرة، معتبرين أن الأهل عندما يبحثون لابنهم عن زوجة لابنهم، فإنهم أول ما يسألون عنه صفاتها وسمعة أهلها في الأولوية، معتبرين أن من الخطأ الفادح الذي يقع به هؤلاء أنهم يظنون أن البنت تشبه أمها والابن يشبه أباه، فيتشددون بالسؤال عن الأم والأب لاعتقادهم بعادات قديمة لا أساس لها من الصحة، وهي أحكام غير صحيحة خاصة في عصرنا الحالي التي لا تشبه فيه الفتاة أمها ولا الولد يشبه أباه ولا الأخ يشبه ، لأن لكل منهم حياة خاصة به، فقد تكون الفتاة أكثر وعيا وفكرا من أمها، نتيجة تعليمها واحتكاكها بالآخرين، كذلك فإن ثقافة المجتمع وعاداته مازالت قاصرة وغير واعية، وكلها تعزز مفاهيم اجتماعية متوارثة من دون وعي، وأن معظم الأسر بمختلف مستوياتها تهتم بسمعة الأهل قبل كل شيئ، لأن المجتمع مازال يهتم بالمظاهر أكثر من اهتمامهم بالجوهر.