في الأعمال المنزلية ضرب من الخيال «للأسف لا يوجد رجل يساعد زوجته في الأعمال المنزلية»، بهذه الكلمات الصادمة تبدأ حنان، الإجابة عن سؤال: «هل يساعدك زوجك في المهام المنزلية؟»... وتتابع: «أدركت مبكراً أن مساعدة الرجل لزوجته العاملة ضرب من الخيال، لذا غيّرت مجال عملي قبل إتمام الزواج بشهرين، رغم كوني حاصلة على ليسانس في الإعلام، وعملت في مجال العلاقات العامة سنوات عدة قبل الزواج، لكن إدراكي لصعوبة الاستمرار في الوظيفة اليومية جعلني أترك هذا المجال، فدرست التجميل على مدار سنة بعد الزواج، وبعد وضعي لابنتي بدأت العمل بشكل جاد». وتكمل حنان حديثها: «اخترت مهنة حرة أتحكم في مواعيدها من أجل مراعاة أسرتي وطفلتي، خصوصاً أن زوجي يراني قادرة على تحمل كل الأعباء، وبالتالي يُعرض عن مساعدتي، وأقصى مساعدة يقدمها لي عندما يتغاضى أحياناً عن تناول الطعام المطهو في المنزل. أما المساعدة الأهم فتكمن في انتظاره أتوبيس مدرسة ابنتنا نظراً الى قرب مركز عمله من المنزل، واصطحابها إلى منزل أهلي في الحي نفسه، من دون أن يجلس معها وقت غيابي، أو حتى يعتني بها في تلك الفترة، لذا أؤكد أن الزوجة تبذل مجهوداً يفوق مجهود الرجل بكثير». دنيا: زوجي يساعدني في شراء حاجات المنزل من خلال معرفتها بطبيعة الأزواج ، تبين دنيا وهي صحفية بالتلفزيون، أن من المستحيل أن يساعد زوجته في المهام المنزلية، على عكس نظيره الأوروبي، موضحة أن الزواج يأتي بعكس توقعات الفتيات في ما يخص مشاركة الزوج في الأعمال المنزلية. وتتابع: «لهذه الأسباب قررت أن أتزوج رجلاً يعمل في المجال الإعلامي، وبالفعل تزوجت بصحافي يقضي كل وقته خارج المنزل، حتى لا يقف عائقاً أمام طموحي المهني، وحتى يكون أمامي متسع من الوقت أنهي فيه مهامي المنزلية من دون تعكير صفو حياتي الزوجية، أو إلزامي بتغيير مجال عملي، أو التخلي عن طموحي المهني كما هو حال غالبية الزوجات». وعن معاناة الأم العاملة، تقول دنيا: «في بداية الزواج تسير الأمور على ما يرام، لكن تبدأ المعاناة بالتزامن مع الحمل، نظراً الى مراحله المرهقة، وكان رد زوجي الطبيعي عند الشكوى من التعب هو التخلي عن طموحي والتفرغ لشؤون البيت، خاصة أنني لا أشارك براتبي في شراء حاجات المنزل، فتعلمت ألا أشكو حتى لا يطلب مني ثانية ترك العمل، لكن جاءت الصدمة الكبرى بعد الولادة، فكيف لي أن أكون مسؤولة عن كائن ضعيف عليَّ الاعتناء به وتربيته الى جانب مهامي الوظيفية ومهامي كزوجة في الوقت نفسه! عندها حلّت ساعة الجنون، خاصةً أنني اضطررت إلى العودة الى العمل بعد شهر واحد من الوضع، فقررت الانتقال بحياتي الأسرية إلى منزل أهلي، ووافق زوجي مرغماً حتى تساعدني أمي في رعاية رضيعتي بينما أكون في وظيفتي». وتضيف: «بالفعل حاولت تنظيم حياتي وفقاً لمواعيد أمي، خاصةً أنها تعمل مثلي، فكنت أستيقظ باكراً لأرتب المنزل وأُعد الطعام، وبعد عودة أمي من عملها أترك لها رضيعتي وأذهب بدوري إلى عملي الذي جعلت دوامه في فترة ما بعد الظهر. وعند عودتي إلى المنزل مساءً، أمارس مهامي كأم لا ينام رضيعها كعادة كل الأطفال في الشهور الأولى، وأسهر حتى مطلع الفجر، لأعاود السيناريو نفسه في اليوم التالي... وسط هذا الكم من المعاناة، اقتصر دور زوجي على تفهم المرحلة ودعمي نفسياً، وأنا شخصياً كنت راضية بهذا الدور، خاصة أن الكثير من الرجال لا يتقنونه، فتقع الزوجة في براثن الاكتئاب». وعلى الرغم من التعب والجهد الذي تبذله المرأة، ترى دينا سامي أن عمل المرأة مفيد لأطفالها، نظراً الى امتلاكها ذمة مالية منفصلة، فينشأ الأطفال على الاستقلالية، هذا فضلاً عن مواكبتها الأحداث الجارية والتكنولوجيا، فتكون أمّاً مثقفة تخرج جيلاً مثقفاً مختلفاً». أمنية: زوجي يساعدني في متابعة التمارين الرياضية لطفلي الأكبر أمنية ، مصممة أزياء، أم لطفلين أكبرهما عمره 7 سنوات والآخر شهران، تؤكد أن العمل الأنسب للزوجة هو أن تدير مشروعها الخاص، فتتحكم في مواعيد عملها كما تفعل هي كمصممة أزياء. وتتابع: «أنسّق مواعيد عملي بما يتناسب مع دوري كأم وزوجة، نظراً الى كوني أدير مشروعاً حراً. ورغم الصعوبة التي أعانيها منذ التحاق ابني الأكبر بالمدرسة، يقدم لي زوجي مساعدات ليست منزلية، لكنها هامة بالنسبة إلي، كاصطحابي الى أي مناسبة، وتكفله بتوصيل ابننا الأكبر إلى النادي ومتابعة تمارينه». تفيد أمنية بأن هذه الأمور هامة جداً بالنسبة اليها، وأنه لا ينبغي أن تنحصر مساعدة الرجل لزوجته في المطبخ أو أعمال النظافة، بل من الممكن أن تكون مساعدات مختلفة تسعدها بتحمله المسؤولية تجاه أسرته... وتقول: «في المقابل، ثمة رجال يساعدون زوجاتهم في المهام المنزلية، فأخي على سبيل المثال كان يطهو ويعتني بأطفاله الكبار بعد ولادة زوجته. وأعتقد أن تعاون الرجال مع زوجاتهم يعود إلى التربية، فغالبية الرجال الذين يتنصلون من مساعدة زوجاتهم قد نشأوا في بيئة وثقافة ذكورية قائمة على أن الرجل يُخدَم فقط». الدكتور أحمد عبدالله: عدم مساعدة الزوج تعرّض الزوجة للاكتئاب في الجانب النفسي، يؤكد الدكتور أحمد عبدالله، أستاذ الطب النفسي، أن من المهم في العلاقة الزوجية أن يتعرف كلا الطرفين على ميول الآخر واهتماماته وهواياته وعمله، قبل أن يتخذا قرار الارتباط، وأن يدعم كل طرف الآخر في التقدم في ما يحب، سواء كان عملاً أو هواية، لكن ما هو غير الطبيعي أن يقف عائقاً بينه وبين طموحه بسبب تنصله من مسؤولية الدعم والمساعدة. ويتابع: «يأتي قرار الزواج بناء على الاتفاق والتفاهم والمساعدة والدعم، فيكون الزواج عقداً يبرم كلا الطرفين اتفاقه مع الآخر في كيفية تسيير الأمور في ما بعد، وبالتالي يجب على كلا الطرفين دعم الآخر من أجل التقدم في العمل، لكن عدم صوغ اتفاقات محددة هو ما يصيب العلاقة بخلل». ويضيف أستاذ الطب النفسي: «غالباً ما تعمل الأم من أجل مساندة الأسرة وزيادة دخلها، لكن تنصل الرجل من مسؤوليته يحول الحياة الزوجية إلى جحيم، بحيث لا يشعر كلا الطرفين بمجهود الآخر ودعمه». ويتابع: «الاكتئاب أيضاً يكون من نصيب الأم العاملة التي لا يساعدها زوجها، الأمر الذي ينعكس على الصحة النفسية للأطفال، فيصابون بدورهم بالاكتئاب، ويعانون التوتر وصعوبات التعلم». ويختتم الدكتور أحمد عبدالله حديثه موضحاً أن ضروب الخيال وعدم الواقعية التي يعيش فيها الشباب، راسمين صوراً وردية للزواج، تكون سبباً كبيراً في صدمتهم، وبالتالي عليهم أن يكونوا أكثر واقعية.