تتحمل المرأة فى زمننا المعاصر كثيرا من المسؤوليات والأعباء التى تشكل عليها ضغوطا نفسية وبدنية، إذ باتت تجمع بين العمل خارج المنزل وما يترتب عليه من جهد ومسؤولية. يرى الكثير من الرجال أن مساعدتهم للمرأة في الأعمال المنزلية ينتقص من رجولتهم ويقلل من قيمتهم كرجال، فيما يرى البعض أن هذه المساعدة تزيد من إستقرار العلاقة بينهما، ولهذا نطرح السؤال الآتي هل الرجل الجزائري يساعدة زوجته في الأعمال المنزلية؟ مساعدة زوجي لي وطدت علاقتنا هذا وتؤكد السيدة نعمية صر احة: "نعم زوجي يساعدني في المنزل، مما يجعلني أشعر بالرضا والسعادة والامتنان، لكونه متفهماً لطبيعة عملي داخل المنزل وخارجه، وهو يقدر مدى ما أبذله من جهد للاستمرار في تربية الأولاد والقيام بكل الواجبات، لذلك يساعدني في أعمال المنزل ويقاسمني العبء، وهذا بالطبع انعكس على علاقتنا الزوجية التي توطدت وأصبحت أكثر من رائعة. زوجي يساعدني في شراء حاجات المنزل هذا وقالت السيدة سميرة أستاذة بالطور الابتدائي:"أنه من المستحيل أن يساعد الرجل زوجته في المهام المنزلية، على عكس نظيره الأوروبي، موضحة أن الزواج يأتي بعكس توقعات الفتيات في ما يخص مشاركة الزوج في الأعمال المنزلية. زوجي يساعدني في متابعة التمارين الرياضية لطفلي الأكبر خديجة، مصممة أزياء، من بومرداس،أم لطفلين أكبرهما عمره 7 سنوات والآخر شهران، تؤكد أن العمل الأنسب للزوجة هو أن تدير مشروعها الخاص، فتتحكم في مواعيد عملها كما تفعل هي كمصممة أزياء. وتتابع: "أنسق مواعيد عملي بما يتناسب مع دوري كأم وزوجة، نظرا الى كوني أدير مشروعاً حراً، ورغم الصعوبة التي أعانيها منذ التحاق ابني الأكبر بالمدرسة، يقدم لي زوجي مساعدات ليست منزلية، لكنها هامة بالنسبة إلي، كاصطحابي الى أي مناسبة، وتكفله بتوصيل ابننا إلى النادي لممارسة الرياضة ومتابعة تمارينه". زوجي وحماتي يدعمانني فاطمة الزهراء من الحراش مديرة مكتب باحدى الشركات، تفيد بأن مشكلتها الكبرى كأم عاملة تكمن في تضارب المواعيد، وليس في دعم زوجها، وتقول: عملي يبعد عن منزلي مسافة ساعة ونصف ساعة، فلا أعود إليه المنزل قبل السادسة مساء، وأحياناً أتأخر حتى الثامنة، ومع دخول ابني إلى المدرسة تفاقمت هذه المشكلة، لكن زوجي دعمني وساعدني في الاعتناء بالطفل خلال فترة غيابي عنه، فأحياناً كان ينهي عمله باكراً ويعود الى المنزل ليحضر الطعام لابننا ويساعده في المذاكرة، وفي حال تأخره في العمل، كانت حماتي تستضيف طفلنا وتعتني به حتى أعود من عملي. عدم الواقعية التي يعيش فيها الشباب، راسمين صورا وردية للزواج، تكون سببا كبيرا في صدمتهم وفي هذا الإطار يرى علماء النفس، أن من المهم في العلاقة الزوجية أن يتعرف كلا الطرفين على ميول الآخر واهتماماته وهواياته وعمله، قبل أن يتخذا قرار الارتباط، وأن يدعم كل طرف الآخر في التقدم في ما يحب، سواء كان عملاً أو هواية، لكن ما هو غير الطبيعي أن يقف عائقاً بينه وبين طموحه بسبب تنصله من مسؤولية الدعم والمساعدة. ويرى علماء النفس أنه يأتي قرار الزواج بناء على الاتفاق والتفاهم والمساعدة والدعم، فيكون الزواج عقداً يبرم كلا الطرفين اتفاقه مع الآخر في كيفية تسيير الأمور في ما بعد، وبالتالي يجب على كلا الطرفين دعم الآخر من أجل التقدم في العمل، لكن عدم صوغ اتفاقات محددة هو ما يصيب العلاقة بخلل». كما أنه غالبا ما تعمل المرأة من أجل مساندة الأسرة وزيادة دخلها، لكن تنصل الرجل من مسؤوليته يحول الحياة الزوجية إلى جحيم، بحيث لا يشعر كلا الطرفين بمجهود الآخر ودعمه"، ومن جهة أخرى يكون الاكتئاب أيضاً يكون من نصيب الأم العاملة التي لا يساعدها زوجها، الأمر الذي ينعكس على الصحة النفسية للأطفال، فيصابون بدورهم بالاكتئاب، ويعانون التوتر وصعوبات التعلم، كما أن ضروب الخيال وعدم الواقعية التي يعيش فيها الشباب، راسمين صوراً وردية للزواج، تكون سببا كبيرا في صدمتهم، وبالتالي عليهم أن يكونوا أكثر واقعية. مساعدة الرجل لزوجته ضرورية يرى علماء الاجتماع أن مساعدة الرجل لزوجته تكون نتاج تربيته على التعاون والمشاركة، لكن الغالبية العظمى من الأزواج يتنصلون بشتى الطرق من أدوارهم في مساعدة زوجاتهم، خاصة العاملات، وذلك نتيجة تربية ذكورية فرضتها العادات والتقاليد على المجتمع، ومفادها أن الرجل يُخدَم من جانب جميع النساء... أمه وأخته وزوجته. لذا لابد على ضرورة المساواة بين الولد والبنت في التربية والمهام المنزلية، فيكبر الرجل على تحمل المسؤولية، لكن العادات والتقاليد أنشأت رجالا يتنصلون من المسؤولية، وبالتالي يفشلون في حياتهم الأسرية، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الطلاق المبكر، فضلا عن ارتفاع معدلات سن الزواج. مساعدة الزوج لزوجته العاملة واجب شرعي أما في الجانب الديني، علماء الدين ، أن مساعدة الزوج لزوجته العاملة في مهام المنزل ومتطلبات الأسرة واجب شرعي، لافتاً إلى أن الحياة الزوجية لا تقوم على كل طرف منفرداً، وإنما هي شراكة بين اثنين يتعاونان من أجل إخراج جيل جديد صالح يفيد المجتمع. «لقد أمر الله الناس جميعاً بالتعاون في قوله تعالى: «وَتَعَاوَنُوا على الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا على الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ». (آية 2) سورة «المائدة». وإذا كان أمر الله للناس جميعاً بالتعاون، فما بالنا بالزوجين، لذا ينبغي عليهما التعاون في تحمل أعباء الأسرة والمشاركة في المهام المنزلية، وتربية الأبناء تربية صالحة حتى يخرجا إلى المجتمع جيلاً يعرف معنى الحب والتعاون ومساعدة الآخرين». مساعدة الزوجة نقص في رجولة الرجل أما السيدة هجيرة من بوزريعة فترى أنه في مجتمعاتنا العربية لا يتقبل الرجل في الغالب أن قيامه بالواجبات المنزلية ومشاركة المرأة في إنجاز الأعمال البيتية هي حالة حضارية واجبة، بل على العكس فهو يرى أن تدبير شؤون المنزل من اختصاص المرأة فقط، وأن مساعدته لها مهانة وانتقاص من رجولته، خصوصا إذا علم أحدهم بأمر مساندته لها، فعدم مساعدة الرجل للمرأة والاستخفاف بالأعمال المنزلية، هو شكل من أشكال ظلم المرأة وعدم مساواتها بالرجل، إذ تُلقى الأعباء اليومية عليها وحدها، فكل الرجال ينتظرون من المرأة أن تكون ناجحة في عملها الوظيفي وفي حياتها المنزلية وواجباتها الاجتماعية، من دون معرفة كيفية التوفيق بين هذه الأمور، وغالباً ما تحاول المرأة المغلوبة على أمرها التغاضي عن رفض زوجها مساندتها، بل ربما تضطر أحياناً الى السكوت تجنباً للتعنيف، أو تفادياً للمشاكل، وفي الأخير ، تبقى المرأة العاملة سجينة واجباتها داخل المنزل وخارجه، تبذل جهوداً مضاعفة لتثبت للمجتمع أنها تستطيع تسيير أمورها على أكمل وجه، وكل ذلك في سبيل احتفاظها بوظيفتها التي تحقق ذاتها من خلالها. المرأة كالنحلة... لا تكل ولا تمل وتذكر الأستاذة عائشة من بوزريعة أن الأم والأب وجهان لعملة واحدة، وإن اختلفت فيزيولوجية كل منهما، فشعور الأمومة لا يختلف عن مشاعر الأبوّة نحو الأولاد، لكن نظراً الى صعوبة الحياة المادية، اضطرت المرأة إلى التخلي عن جزء من دورها كأمّ تقليدية تنحصر مهمتها في تربية الأطفال والطهو والقيام بمختلف الأعمال المنزلية، لتغادر مملكتها-بيتها الى عملٍ خارجي يضيف عبئاً آخر قد تنوء بحمله، تتقبل المرأة قدرها، لكن لا بد لها من صدر حنونٍ تلقي برأسها المثقل عليه، فلا ترى حينها خيرا من زوج متفهم يشاركها أعباءها ويخفف عنها تلك هي أمنية المرأة العاملة في عصر قلّما نرى فيه رجلا يرفق بحال زوجة تعمل بدأب كالنحلة من دون كلل أو ملل. في الحالات الطارئة فقط مريم ربة منزل متزوجة ولا تعمل، تلفت مريم إلى أنها تقوم بأعمال البيت وحدها، وزوجها ليس من النوع الذي يساعدها في تنظيف البيت، إلا في الظروف الطارئة، وتشير إلى أنها في بداية حملها قد تعبت كثيراً، فذهبت إلى منزل أهلها لكي ترتاح، وعندما عادت وجدت أن زوجها قد نظف أواني المطبخ الموجودة في حوض الغسيل منذ أيام. تضيف: «لا أعتقد أن من واجبه أن يساعدني في تنظيف المنزل، إلا في الحالات الطارئة، ولكن ما يزعجني أحياناً أنه لا يوضب ملابسه بعد أن يغيرها، ولكن بالنسبة إلي أرفض فكرة الزوج الذي يساهم أو يتقاسم العمل في المنزل مع زوجته، وذلك في حال عدم مزاولة الزوجة عملا خارج المنزل، فإذا كانت ربة منزل وزوجها موظفا، لا يجوز أن يساعد الزوج زوجته بعد انتهائه من عمله وعودته إلى البيت فهو بحاجة إلى الراحة، طالما هي موجودة في البيت، كما بإمكانه أن يساعدها في تربية الأولاد. فتيات اليوم يواجهن صعوبة في ممارسة الأعمال المنزلية في المقابل أكدت السيدة الزهرة 60 سنة، "نشأت في بيئة تفرض على المرأة القيام بمهامها المنزلية، وأعتقد أن الرجل لا يستطيع أن يقوم بالواجبات التي تقوم بها المرأة". وتتابع: "بت أعتبر العمل المنزلي بمثابة تسلية، إلا أن هذا الأمر لا ينطبق على فتيات الجيل الجديد اللواتي يواجهن صعوبة في ممارسة الأعمال المنزلية على الرغم من توافر التكنولوجيا (كالغسالات الكهربائية) وعاملات المنازل، عازية السبب إلى مزاولة الزوجات أعمالاً خارج المنزل، بغية إعانة أزواجهن بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، ما يصعب على الزوجة العاملة التوفيق بين المهنة والواجبات المنزلية، ويحتم على الزوج في هذه الحالة أن يساهم معها في الأعمال المنزلية، ولكن إذا انحصر اهتمام المرأة بالعمل المنزلي فيتوجب عليها أن تقوم وحدها بهذا العمل.