كشف ارتفاع سعر البطاطا في أسواق الجملة والتجزئة بوتيرة سريعة وبفارق كبير عما كانت عليه أسعار هذه المادة في مثل هذا الوقت خلال السنوات الماضية, عن هشاشة برنامج ضبط الأسعار المعتمد للتحكم في تسويق البطاطا. فوجود 460 ألف قنطار من البطاطا بمخازن وغرف التبريد بولاية معسكر, لم يمنع من الارتفاع المضطرد للأسعار لتبلغ 70دج/للكلغ لدى تجار الجملة وأكثر من 90دج/كلغ في أسواق التجزئة بولاية منتجة للبطاطا. كما أن حقن السوق بهذه الكمية من البطاطا بصورة تدريجية لن يغطي الاحتياجات المحلية أو الجهوية سوى لبضعة أسابيع. بينما ستستمر فترة الفراغ الفاصلة بين محصولي البطاطا الموسمية و ما بعد الموسمية . وفي ظل غلاء الخضر الموسمية الأخرى, فإن سعر البطاطا مرشح لمزيد من الارتفاع إلى حين جني محصول البطاطا ما بعد الموسمية. من جهة أخرى فإن البلاد ما زالت في حاجة إلى وحدات لتحويل مادة البطاطا وامتصاص فائض الإنتاج, الذي يتحجج به المسؤولون في كل أزمة, بأنه وراء إفلاس المنتجين المؤدي إلى عزوفهم عن غرسها ومن ثم التهاب أسعارها في السوق مع كل دخول اجتماعي جديد . وهي أزمة ستتجدد ما لم تعالج السلطات العمومية ,النقائص التي تشوب برنامج ضبط الأسعار الذي تحول إلى منافس إضافي للاستحواذ على نسبة من المحصول السنوي, ولو باقتطاعه من احتياجات المستهلكين , بدلا من اكتفائه بالفائض عن الحاجة. كما أن برنامج ضبط أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع, هو نفسه في حاجة إلى ضبط تكاليفه حتى لا تصبح أسعاره «المرتفعة» مقياسا لبقية المتعاملين في السوق الوطنية, إذ كلما طالت مدة التخزين , كلما ارتفعت التكاليف وبالتالي أسعار المواد المخزنة, فضلا عن التدخل المتأخر لهذا البرنامج في تموين السوق بالكميات الكافية التي من شأنها التأثير النسبي على معدل الأسعار المتداولة , إذ رغم التهاب أسعار البطاطا منذ أكثر من شهر عبر الوطن , غير أن التعليمة الوزارية التي ترخص بإخراج المخزون الموجود بغرف التبريد لم تبلغ للمصالح المعنية إلا يوم الخميس الماضي ؟ و إذا أضفنا إلى البطاطا, الارتفاع الفاحش للكثير من المواد الفلاحية الأخرى المحلية والمستوردة والتي يفترض أن الحكومة تدخلت لضمان تسويقها بأسعار معقولة, فإن عدد علامات الاستفهام مهما كثر ليس كافيا لتفسير عدم قدرة الحكومة على التحكم في السوق وأسعارها.