ووري الثرى عصر أمس بمقبرة عين البيضاء بوهران، عملاق الأغنية الوهرانية والمجاهد الكبير بلاوي الهواري، الذي توفي صباح أمس، عن عمر ناهز 91 عاما بعد مرض عضال ألزمه الفراش لعدة أيام. وفي جو مفعم بالحزن والأسى، أبى وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، السلطات الولائية والعسكرية، فضلا عن منتخبين في الغرفتين السفلى والعليا، ورفقاء الفقيد والأسرة الفنية بالولاية، أبوا إلا أن يحضروا مراسم تشييع جنازة المرحوم وإلقاء النظرة الأخيرة على هذه الأيقونة الفنية والجهادية الخالدة، التي كرست حياتها في الدفاع عن حياض الوطن والرقي بالطرب والأغنية الوهرانية في سماء الإبداع الأصيل والملتزم، حيث ساهم بفضله روحه الوطنية العالية، وموهبته الإبداعية السامقة، في تكوين عدة أجيال ومواهب شبانية، إذ وبشهادة الجميع، فإن الأستاذ أو الشيخ كما يسميه الكثير من الفنانين، عمل وبإخلاص من أجل غرس أبجديات حب الجزائر في نفوس تلاميذه، الذين تربوا على يديه، وحرص على صقل مواهبهم وإنجاح أغانيهم على غرار: المرحومة صباح الصغيرة، سامية بن نابي، حورية بابا، بارودي بخدة، معطي الحاج، هواري بن شنات... إلخ كما عرف الأستاذ بلاوي الهواري، بإنسانيته وحسه الفني العالي، حيث يمثل أحد رموز الثراث الموسيقي الجزائري، ليتم تكريمه مؤخرا بوسام الاستحقاق الوطني من قبل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة رفقة مجموعة من الفنانين و المثقفين. عرفانا بجهوده الكبيرة في تطوير الحقل الثقافي والإبداعي في بلادنا. وفي هذا الصدد قال نجله عبد الغاني على هامش تشييع جنازة الفقيد، أن المرحوم كان أبا لكل الجزائريين، حيث سجل اسمه بأحرف من ذهب في التاريخ، بداية بنضاله الثوري الكبير إبان الفترة الاستعمارية، كما أنه كان فنانا متميزا ومبدعا ملتزما، إذ خلّف وراءه رصيدا ثريا كما أنه أدى مختلف الطبوع الفنية على غرار الوهراني، الشعبي، العصري...إلخ من جهته قال الفنان والمطرب بارودي بخدة إن الراحل بلاوي الهواري كان بالفعل أيقونة عربية و دولية، ويعد أحد المجددين والمنظرين في مجال الموسيقى الجزائرية. مؤكدا أن رحيله يمثل خسارة كبيرة للفن دوليا، عربيا وجزائريا، وأنه من الصعب تعويض قامة من طينة هذا الفنان العملاق والعظيم. من جانبه أكد الموسيقار والعازف باي بكاي، أن الفقيد أعطى للأغنية الوهرانية والجزائرية بعدا فنيا عالي المستوى، حيث كان مبدعا منذ صغره وكان قارئا للنوتة ويكتب الجمل الموسيقية أفقيا ثم عموديا، حتى تتناسج فيما بينها، مضيفا أنه أبدع في البدوي وغنى للوطن وحب الوالدين والتراث فكان مجاهدا كبيرا وفنانا قديرا بشهادة أصدقائه.. وفي نفس السياق، أكد الفنان هواري بن شنات، أن المرحوم كان قامة إبداعية رفيعة ويبحث دائما عن التجديد والتحديث، كما يرجع له الفضل في تكوين العديد من الفنانين الشباب، موضحا أن المرحوم كان شحنة من العطاء الفني، فكان بحق قمة وقامة كبيرتين للأغنية الدولية والعربية والجزائرية.