انتصار شهرزاد وتحريرها لبنات جنسها جعل الرجولة المجروحة لشهريار تظهر هنا في هذا المقطع حتى يثار شهريار منها .وان كان الثار شكلي وليمضي في رحلة عنونتها الكاتبة برحلة الموت ( فما الموت في الأخير إلا رحلة لا عودة بعدها ) ليعانق نصها نصوصا أخرى ساعدت في تأثيث عالمها الروائي من جلجامش إلى أسطورة زوربا ورقصة الموت وحلولها مع الوضع المتأزم وظهور الدراويش والصوفية (رقص المتصوفة أو رقص الدراويش ..في حلقة الحلول ..دعوة للموت يكون البياض الذي يرمز للكفن والسواد الذي يرمز لظلمات القبر )وكان الدرويش هنا أراد القول (كنت ميتا واستيقظت .نعم إن الموت يقظة)، ليتوحد النص الروائي مع رائعة تولستوي إلياذة العصور الحديثة (الحرب والسلم ) إن حارب تولستوي الغزو الثقافي الفرنسي الذي تعرضت له روسيا (حيث كانت العائلات الروسية تتحدث الفرنسية كنوع من النفاق الاجتماعي ) حاربت الروائية الفكر المتعصب والعشرية السوداء التي جعلت الشعب يعاني نفاقا دينيا خوفا من المتعصبين الذين كسروا المجتمع الجزائري واهدوه نعوشا مجانية .فان كان كارون هو ربان الجحيم فان زمن المحنة مثل الجحيم بالنسبة للشعب الجزائري .أما شخصية بورحلة كانت صورة الرحالة ابن بطوطة الذي جعلنا نبحر في متاهات عالم فريد .أما البخور مثل رائحة الوطن في كل العصور رائحة الماضي والحاضر والمستقبل عود البخور مثل الموت وعقدة العودة . إن عودة رملية في الرواية تدل على الحضور المخادع للموت ، حيث تدل على نهاية فعلية للبطلة ، وخطت الروائية الموت كمرجعية تقوم على نوع من التعالق الرمزي بين الموت والانبعاث وشكل الموت عن ولادة جديدة حسب تعبير جيلبيردوران أرادت منه شهرزاد زاغز العودة لاكتشاف الجذور الثقافية لأن الفقد أو الموت يصبح كذلك نوعا من الأمومة المضاعفة والعودة إلى الأصل ، أي الأرض، فالأرض تصبح مهدا سحريا وناعما لأنها المكان الأخير للراحة بالنسبة لرملية والمكان الأول للانبعاث بالنسبة لاشير )، أما الصفحة 113-118 المعنونة ب « مزاج هيميرا راقصة المعبد « تعمدت الكاتبة حضورا طارئا لبعض المؤشرات الثقافية، وهو استجلاء لروافد الثقافة الروحية (هاهي الثياب حايك لك .وحايك له .وبعد الوصول إلى كدية الصفا انزعا الحايك وضعا البرنس ..أخبرني ..ما حكاية الحايك والبرنس)، (..نعم بورحلة ..هذا ما نقوم به الشامخة كلما مر عام على وجود أحد هنا، وحتى لا تعلم بلدة عطفان بخبرنا وما نفعله في هذا القصر تدس الشامخة السم في كأس يشربه الضيف لتقضي عليه مطمئنة أن سرنا لن يعرفه أحد).لعنة الوطن وجحيم نسائه كانت تطارد كل وافد إليه، إلا أن بورحلة لم يمت وحافظ على حياته وكان السبب خيانة قطر الندى للشامخة، وهنا اتحد ألف ليلة وليلة مع « كوكب العذاب « وحمل في طياته قصصا، لكن شهريار هو من استلم السرد لينتصر على أنوثة العذاب ويبيض صورته المشوهة في ألف ليلة وليلة، غير أن شهرزاد تفطنت لذلك وجعلت قطر الندى تهديه الحياة لتجعله حبيس العودة الفعلية إلى الجذور (الأنوثة) وكسر فكرة التصلب إزاءها. من خلال هذه النزهة السريعة في « كوكب العذاب « لشهرزاد زاغز نلمس موهبتها التي جمعت بين عقل الأديب والمفكر السياسي لتحقق لنا معادلة صعبة كان طرحها الكاتب الألماني برتولد بريخت، وأكدت أم قمر أن ما فرقته السياسة يمكن للقلم أن يجمعه ويصلحه.