بقلم: نجاة العدواني/ تونس استيقظت شهرزاد، مشطت شعرها، رتّبت أحلامها على السّرير، غسلت ملامح شهريار من أرق ليلة فقدت فيها لسانها. كانت ليلة ضجرة استدار حول قمرها أفعوان حجريّ، عيناه جمرتان يلتهمان سجائر شهريار يشعلان الغضب الرابض في مقلتيه. يصرخ الرّجل ملء المكان: - أعدّي حكايتك قبل أن يغتالك خنجر الكلام. الكأس المرتجفة على الطّاولة تضيق بخشونة أصابعه، تأوّهت، حاولت التملّص بات الانزلاق خارج قبضته مستحيلا، استنجدت بالسيجارة، أن تبحر في الرّئتين حتّى الموت. شهرزاد ترقبهما من مقصورتها، تكوي لسان امرأة انكمش، تعدّ العشاء، تسوّي مشكلات تلبّدت في سماء الغرفة، و تبحث تحت لسانها عن ثمن الفواتير الرّاقدة في الأدراج، تركب الأمواج أفراسا تهرب بأحلامها، تغلّف أجسام نساء حيّها ببعض منها فهي الحكاية، منذ أن زوّجوا النّيل و علّموا الصّبايا التبرّج لهلاكهنّ. هاهي تخيط عباءات الحكايا، تكثّف الألوان، ترشّ العطر، بياضها يشقّ الخمائل شفّافا. الطّائر يضطرب في الشّبكة و الوردة تسلم الروح على حافة المزهريّة. شهريار يوغل في أحزانه تبتلعه قهقهة كأس خاوية بعد أن لبسته التّهمة واتّسعت. يمدّ اليدين إلى شهرزاده منتظرا أن ينفجر الصمت عن وجهها الخرافيّ، أن تبحر عروسه في الكلام قبل أن ينطفئ آخر نجم في فضاء ليلته تلك، أن تهتزّ المنفضة بما فيها و تزهر تحت الرّماد أشباح نساء فقدن ألسنتهنّ ذات ريح في مواجهة شهريارات زمن تعتّق الثّأر في رئتيه. قبل أن يمزّق الدّيك قلادة الياسمين تهرع شهرزاد إلى مرآتها، تسرّح شعرها فيها و تسرح، تشرب القهوة معها، تشوي" السّلاطة " ،والرّغبات ، ترسل أريجها في أغنية تشتاق إلى احتراق فراشات الضوء. لحظة يجلس القمر في هودجه و تزغرد النجوم معلنة عودة شهريار ها، تركض شهرزاد مفتوحة الجناحين، تدور حول ظلّها مرتبكة في صدرها الأمنيات تضجّ، لكنّها حين تحتويها عيناه