في صورة انسية , أخجلت الحرف بطلعتها , روت للعاشقين قصص كفاحها و سفرها و جارت على السكينة و الهزيمة و الوجل ...ظلما بلا اشفاق ...أسرا بلا إطلاق...قيدا بلا حرية ...ليس بالسهل على أحد أن يحاول التأريخ لشخصية نسائية مربكة ...لأيقونة تجديد في الثقافة العربية في العقود الأولى من القرن العشرين...كان ''جرجي نقولا الباز'' صاحب أول كتابة بيوغرافية عن مرايانا مراش و هي على قيد الحياة الى أن كتب عنها الكثير من الأسرار ''اسكندر معلوف'' بعد وفاتها ذات حزيران عام 1919. قيل عنها في صالونات الأدب و الشعر أنذاك أنها حورية حلب و كانت مثل مدينتها شهباء المولد و الرحيل , من النساء الرائدات في ذلك الزمن الصعب وللزمن العسير نساء و مواقف و كانت مريانا شعلة نخبته, شاعرة و كاتبة سورية من مواليد 1848 , اشتهرت بجمال صوتها و ريشتها وحبها للموسيقى والفنون ...ولدتْ لأبِ كان يهتم بالعلم و باقتناء الكتب وكان لها شقيقين ''فرنسيس مراش'' المسيحي و ''عبدالله مراش'' المسلم الذي أصبح رائد النهضة في شمال سوريا أنذاك . درست اللغة العربية و الأدب الفرنسي في مدرسة الراهبات لتنتقل الى دراسة الموسيقى فيما بعد , احترفت الصحافة في سن مبكر و تناولتها جرائد رائدة على سبيل ''لسان الحال'' و ''مجلة الجنان'' الشهيرتين وقتها .عملت على انتقاد المرأة شخصا وواقعا وحلمت بالنهضة بنساء الشام و الرفع من مستواهن التعليمي والاجتماعي والثقافي و كانت بدايتها الكفاحية الحقيقية حين فتحت بيتها صالونا أدبيا وحقوقيا و جمعويا و ارتاده كتاب عرب وأجانب وكان حرفها الصارخ بمثابة درس تعليمي لنساء العالم يبث روح التحدي والتغيير والثورة ...ويحسب لها انها كانت صاحبة أول صالون أدبي بمفهومه الحديث في تاريخ الشرق الأوسط . يحكى عن مرايانا أنها كانت رقراقة الشمائل, عذبة المنطق ,طيبة العشرة ,تميل الى المزاج , هكذا وصفها الأديب ''قسطاكي الحمصي'' وكانت سيدة التناقض و الاختلاف فعاشت حياتها في جو من النعم و الألم ...وعايشت الأدباء و الشعراء و رجال الفن فقرأت ما كتبه الفرنسيون و أدباء العرب وتكونت لديها ثقافات تمزج بين القديم والحديث ... جمعت قصائدها لأول مرة في ديوان أسمته ''بنت فكر''...شعرها كان مجددا مغرقا في العاطفة و مقفى على سوناتات تتمايل في لغة بسيطة تكلمت فيها عن الأنثى والحق والحب والنبل والقيم والحياة والحريات والسلام ...شهادتها الشهيرة عن ''بنت فكر'' موثقفة كالآتي:''سادتي إنني دعوتها بهذا الاسم لأنها نتيجة أفكار بديهية صادرة عن قريحة غزيرة , بنت فكري خرجت من الخباء وعلى وجهها برقع حياء , تمشي الهوينا تحت ظل أهل الأدب فلا حرج عليها ولا عتب ,تلتمس من مطالعيها ذاك اللثام وتروم التعاضد مع الانثيات لتسرح واياهن في هذا الميدان للوصول إلى شجرة الفوائد التي تحمل دررا.. يتبع [email protected]