جانت، واحة تقع بأقصى الجنوب الشرقي للجزائر ،مسا حتها 83000 كلم2 ، وتبعد عن الجزائر العاصمة بحوالي 2100 كلم . تقع في الحظيرة الثقافية للتاسيلي تأسّست سنة 1972 كمؤسسة ذات طابع إداري و نظرا لثرائها الثقافي صنفت ضمن التراث العالمي في سنة 1982من طرف منظمة الأممالمتحدة للتربية و العلوم الثقافية "اليونسكو" ،كما صنفت كمحمية طبيعية في سنة 1986 من طرف شبكة الإنسان والمحيط من أجل تنوعها البيولوجي . تتكون مدينة جانت من 3 قصور و هي " زلواز ،الميزان و اجاهيل"، متشابكة من حيث البناء و النمط المعماري التقليدي و المتكون من مواد محددة مثل :حجارة الجرانيت ،الطين ، الطوب ،سعف و جذور النخيل ، وعملية التلبيس التي تتم بواسطة الطين الأبيض " تباريق " . من بين الطقوس الاحتفالية للمنطقة ،« السبيبا " الحدث الثقافي الخاص بجانت ، يتم إحياؤه بمناسبة عاشوراء من كل سنة ،حيث تنقل الروايات الشفوية أن أصول الاحتفال بهذا الطقس تمجيدا بنصر النبي موسى عليه السلام على فرعون ، فيخرجون لتمثيل اللوحة على شكل رقصات تلخص انتصار الحق على الباطل ، ويجسد ذلك كل من قصر الزلواز وقصر الميهان " الميزا "، و الرواية الأخرى تقول أن "السبيبا" احتفال من أجل تخليد معاهدة السلم التي تم توقيعها من قبل أجداد كلا من كيل الميزان و الزلواز من أجل إيقاف الحرب التي بينهما، وفض النزاعات العرقية التي دامت سنوات عديدة ، لتتحول من حرب دماء إلى حرب ألوان و لوحات فنية من رقصات و حركات تحكي تقاليد المنطقة . إلا أننا استمعنا إلى السكان الأصليين للمنطقة و كبارها و مما سردوه من حكايات حول طقس السبيبا ، أين ذهب فريق بتفسير أخر أن سر أغاني السبيبا أتت من أجل إيقاف رياح قوية أدت إلى إتلاف محاصيل المنطقة أين دامت الرياح أيام عديدة ، إلى أن خرجت امرأة بطبل صغير تغني و تبكي وسط تلك الرياح ،وكانت تقول كلمة'' السبيبا السبيبا" فتوقفت الرياح ، لكن بعد مدة من وفاة تلك المرأة تخلى السكان عن الاحتفال، بذلك اليوم العظيم الذي نجو من فساد حقولهم ،فعادت الرياح مرة أخرى بقيت مدة أسبوع ، فاعتقد أهل المنطقة أنها عادت بفعل تخليهم للاحتفال ، فعادوا للاحتفال به مرة أخرى و الحرص على نقل الطقس إلى الأجيال القادمة . الاحتفال ب « السبيبا» تبدأ التحضيرات للسبيبا في مطلع شهر محرم في كلا القصرين "الزلواز و الميزان" ، و تقام التحضيرات فيي المنطقة المخصصة لها لكلا الحيين ، بالنسبة للأهل الزلواز تكون في ساحة تيفريريت، أما بالنسبة للميزان فتكون في ساحة تحت قصر تغوريفت ، و المغزى الأساسي من هذه التحضيرات هي التبليغ و الإعلان عن الموسم ، و تكمن في خروج النسوة من الليلة الأولى ويبدأن بالضرب على الدف "قنقا" باللغة المحلية ، و تتخللها تعابير جسدية من طرف الشبان ، أين تتغنى مجموعة من النسوة بالقصائد الشعرية و اللائي يقفن على شكل نصف دائرة "اجديم" فتستمر هذه التحضيرات لمدة 8 أيام تحت مراقبة لجنة تحكيمية من شيوخ محترفين عايشوا موسم " السبيبا " لسنوات عديدة ، والهدف من ذلك هو انتقاء الأفراد الذين يشاركون في الاحتفالية الكبرى " يوم عاشوراء "، والذين يكون لهم الشرف في ارتداء "تاكومبوت"، وهي قبعة تعد من أبرز رموز "السبيبا " تكون مرصعة بحلي فضية على شكل مثلثات و خيوط متدلية إلى الوراء تدعى"اقضيض" أي الطير لأنها تتحرك أثناء الرقص ، ومن الجهة الأمامية يكون صاحب القبعة ملثم الوجه،فتتخلل السهرات رقصات واستعراضات للألبسة، أين يتجه أهل الميزان في الليلة السابعة إلى ساحة " تيفريريت" بحي" زلواز"، والعكس لتبادل الرقصات و التباهي بالزي، أما اليوم الثامن تتوقف التحضيرات في الميهان و يتجه الجميع إلى زلواز حيث تقع منافسة صغيرة بينهما ، و في اليوم التاسع التي تعد ليلة راحة واستعداد في منازلهم خاصة النسوة اللائي يحضرن ألبستهن و حليهن الخاص ب "السبيبا "، و في تلك الأوقات يقوم كبار الحيين بانتقاء المشاركين لليوم الموعود، وكما أنهم يقومون بتوزيع الأدوار أثناء الاحتفال . « تيللين» اليوم الموعود يكون في اليوم العاشر من محرم " عاشوراء" ، وهي بداية الاحتفال بين كيل الزلواز و كيل الميزان الذي يستغرق يوما كاملا منقسم إلى مرحلتين : الفترة الصباحية و المسائية ، ففي الصباحية ينزل الأهالي من كلا الحيين و من الأحياء الأخرى، اين يتوافدوا من كل المناطق داخل الوطن و خارجها ،خاصة النيجر و مالي و ليبيا التي توارثوا عادة حضور " السبيبة " مع التوارق . عند وصول الفريقين يدخل كل منهما من جهة ، مع المشاركين الذين انقسموا إلى فريقين : فرقة تردد قصائد" السبيبا " مع التصفيق، و أخرى تقوم بالضرب على الدفوف ، ليقف كلا الفريقين في انتظار إعلان البداية و التي تسمى " تينفار" يبدأ الإيقاع و الغناء من قبل النسوة كل حسب دورها ، بينما يشرع الرجال في الاستعراض بالرقصات حاملين السيف "تكوبا" في اليد اليمنى، و هو رمز للقوة و الشجاعة و الذي يرمز حسب سكان المنطقة إلى وسيلة الحرب التي كانت قائمة بين الكيلين و في اليد اليسرى حاملين منديل "المرخمت" يساعدهم في الحركة أثناء التلويح به، وهو كذلك يرمز إلى السلم الذي ساد المنطقة بعد فترة الحرب . كما ترفق هذه الرقصات باستعراض اللباس التقليدي في حركة فتح الأيدي لتظهر للجنة "تكميست" و ايلشان" لتنتهي الجولة الأولى . الجولة الثانية و التي تبدأ بعد الظهر و عودة المنافسة إلى الساحة لتكمل النسوة الغناء والتجديد في القصائد، فيشتد الرقص بين الرجال ذهابا و إيابا في ساحة العرض والنسوة من الوراء بالدفوف مشكلين لوحة فنية رائعة، وبعدها ينسحب كلا الفريقين مع غروب الشمس مع الإعلان عن الفريق الرابح .