وصلتني المجموعة الشعرية " منتهى الحنين" باكورة إبداع رائعة للشاعرة نبيلة سنوساوي .. كنت قرأت لها في دفة " أصوات أدبية " الصفحة التي يعدها كل يوم أربعاء الشاعر الدكتور عمر عاشور " ابن الزيبان " في يومية " صوت الأحرار " في سنوات 1999 و 2000 ..وقتها اكتشفت اسما إبداعيا من مدينتي سيدي عيسى ..على صلة بالشعر وعلى علاقة متينة بالبوح وبهندسة حكايته الشاعرية ضمن منحى كله ومضات ولمسات تغازل اللغة الفراهيدية وتمسك بخيط اللعبة الشعرية. الشاعرة نبيلة سنوساوي تهندس لمولود لها هو باكورة شعرية من بوحها الحالم.. لامس حقيقتها وواكب حراكا لها في الدفة الإبداعية . ديوانا جميلا في منتهى الروعة.يؤسس لكينونة لها في الساحة الإبداعية والشعرية "منتهى الحنين " شهادة ميلاد كاملة مستخرجة من دفتر الشعر الأصيل ولها بعد ضمن قاموس الشعر الجميل لواحدة كانت تعشق فن نحت الكلمات ورسم صور لها من سجع الكلام. تريد للمرة الألف أن تعرف هويتها أن تمارس غواية لها في الواجهة الشعرية ، وهي التي غاصت في العروض وبحوره وتصالحت مع الفراهيدي، وعايشت مضامين بحوره وكابدت كي يصل كلامها إلى قارئ عاشق للشعر وفعلا أفلحت الشاعرة نبيلة سنوساوي أن تجد لذاتها هوية المعنى والإبداع وأفلحت أيضا في أن تعبد الطريق كي تنشر وتطبع أول ديوان لها عبر الوطن . كنت أتوسم فيها هذا النبوغ الشعري وهذا العطاء وهذه الملامح لشاعرة يبدو أنها تصالحت مع الكلمة المنحوتة تجعل منها " منمنمات " إبداعية موغلة في الشاعرية وفي معنى له البعد أن يعايش حراك المعاني التي تهندس للكلمة الموزونة بتراتيل بوح في منتهى الشاعرية ..لواحدة تعرف كما يبدو أن تعايش لحظتها الشاعرية وأن تتناغم مع زخم داخلي لها ..تكافح باللغة كي تصل إلى المعنى والى الحكاية الجميلة ..تغوص في البيان وفي اللغة وفي الروح الشاعرية تلونها فواصلا في قمة الدقة والتصوير وهي التي كما يبدو لي رافقت الشعر وتصالحت معه وعايشت زخمه بدون أن ترغم نفسها على أن تتعاطى مع الصنعة المفلسة والجاحدة التي تجعل من البوح حكاية يغلب عليها التصنع ودخول أروقة لا تليق بحضرة الشعر الذي نعرفه بديعا وترسيما لتشكيل جمالي بعيدا عن نظم فج لا يليق بالشعر والشاعرية ..نبيلة سنوساوي طرقت باب الشعر ولم تكن تتصور يوما أن يكون لها مولودا معها يرافقها في بعث ذاتها من جديد وفي ترسيم هويتها الإبداعية.. كانت تكتب وتتسلى وتحبك الحكايات شعرا هكذا ترسمه كي لا يعود إليها بل كي يذهب سدى في قصاصات صحف أو في مواقع وصفحات لا تعترف بالجميل ...وجاء الزمن الجميل وبتوفيق من الله وأفلحت أختنا الشاعرة في هندسة اتجاهها الشعري ضمن ديوان رائع وجميل ومنسق يحمل شحنة شعرية رائعة تتواتر فيها القصص والحكايات واللقطات والذكريات كي تتزاوج في بوتقة شعرية خالدة ...نسعد بها اليوم ونكرمها بطريقتنا الخاصة في كونها هندست فواصلها بطريقة متناسقة ديوانا شعريا جميلا هو عصارة اختمار جهد لها في الشعور واللاشعور يغرينا كي نقرأ مضمونه وهو يلح علينا كي نواصل معرفة الباقي من قصائد تضمنها ديوانها المميز " منتهى الحنين " .. وفي متن الديوان مقدمة تعيد إلينا هذا الوهج وتؤكده للرائع بدوره الشاعر الكاتب " ياسين بوذراع نوري " الذي هندس بطريقته صورة إيحائية جميلة من دراسة رائعة متناسقة غاصت في الديوان والمجموعة وأخرجت لنا صورة بيانية أخرى رافقت روعة الشعر والاحتراق ولامست مجهوه الشاعرة نبيلة سنوساوي من حيث عاينت هذه اللوحات الجميلة بشكل دلالي رائع . يقول الكاتب " ياسين بوذراع نوري " : " منتهى الحنين هو العنوان الذي اختارته نبيلة سنوساوي لكتابها الشعري الأول فما الذي همس به الحنين للشاعرة حتى تطلع علينا بهذه الزخارف الشعرية الطافحة بالفن والجمال والنظام ؟ " .." خصيصة من خصائص شعر نبيلة هي الإيقاع إيقاع يستمد عبقريته من تزاوج نادر بين سلم الخليل الموسيقي وعزف باطني يتحرك في عصب الكلمات توازن يرقى بالشعر الى مراتب الدهشة لا يمكن أن تبلغها الكلمات المنظومة ..." ".. كتاب شعري ثلاثي الأبعاد ..( عمود تفعيلة ونثر )حقل غردينيا لا يخرج منه إلا بطاقات زهر كفيلة بصناعة الربيع حيثما وضعتها "، " منتهى الحنين " مجموعة شعرية من " منشورات المثقف "بباتنة .. بقع في 124 صفحة بإخراج جميل وصور غلاف (تصميم زياد مراس ) تتناغم مع مضمون شعري حالم هو فعلا منتهى الحنين لشاعرة أرادت أن ترسم لنا ملامحها وفواصلها وحكاياتها كلها ضمن تبويب إخراجي رائع يحتوي على 44 قصيدة ..ستكون الإطلالة الرائعة التي نطل بها على شعر وشاعرية مبدعة نسعد اليوم أنها عرفت كيف تزورنا وكيف تجسد معناها في ديوان شعري مميز يغرينا كي نعود إليه في كل مرة عبر موقعنا سيدي عيسى فضاء روحاني بأسماء من ذهب ..نعايش محطاتها الشعرية ونغوص معها في معمعتها الرائعة التي ارتسمت بهذا الشكل المميز من المضامين والإبداعات التي جعلتنا والحمد لله نلتقي بشاعرتنا من خلال هذا البيان الشعري الرائع يطرزها نياشينا رائعة في ملكوت المعاني الحالمة، ويجعلنا نسعد أن بنت مدينة سيدي عيسى رسمت بطاقيتها الإبداعية، وعرفتنا من خلال مجموعتها بهذه المحطات الرائعة في زخم الشعر الجميل .. فمبروك لنا وللشاعرة ولعائلتها ولمدينتها ولحكايتها تتجسد في ترانيم حالمة هي في منتهى الحنين .