يعيش مرضى السرطان بمختلف أنواعه معاناة متواصلة مع الألم من جهة و مع رحلة العلاج الشاقة التي أصبحت تتوقف عند مرحلة العلاج الكيماوي و غالبا ما تنتهي فيها حياة المريض قبل انتهاء مراحل العلاج نظرا لصعوبة الحصول على الموعد من جهة و طول فترة انتظار المواعيد الخاصة بالعلاج الإشعاعي و التي تتجاوز الخمسة أشهر في غالب الحالات. كل هذا ناتج عن نقص الأجهزة المسرعة بالنظر إلى الضغط الكبير الذي يشهده المركزين الوَحيدين لعلاج الأورام السرطانية بوهران بكل من المستشفى الجامعي الدكتور بن زرجب الذي يعمل بجهاز واحد للعلاج بالأشعة و مثله بالمؤسسة الاستشفائية الأمير عبد القادر بمسرغين. النقص المسجل في وحدات معالجة الأورام السرطانية بوهران الذي يرافقه عجز كبير جدا في الأجهزة المعالجة بالإشعاع اعتبره مختصون في أمراض السرطان من أبرز الأسباب التي انعكست سلبا على التكفل الجيد و الأمثل بمرضى السرطان، مؤكدين أن المريض يجب أن يخضع إلى العلاج الإشعاعي في فترة لا تزيد عن شهرين بعد تلقيهم للعلاج الكيماوي في حين أن الواقع العلاجي بمستشفياتنا أصبح أكثر ألما و وجعا للمريض من السرطان نفسه هذا ما دفعنا لمرافقة بعض الحالات التي ذاقت الأمرين في طريق العلاج المملوءة بالصعوبات التي تزيد من مخاوف المرضى من موت وشيك تتغلب فيه الخلايا السرطانية على مناعة الجسم التي أنهكها الكيماوي و تنتشر فيه لتصبح الحالة في مراحل متقدمة من المرض و يصبح بالتالي العلاج غير مجد. ==== *"الجمهورية " تقضي يوما بمؤسسة الأمير عبد القادر لعلاج الأورام بمسرغين 5 أشهر لعلاج مفقود اتجهنا في حدود الساعة العاشرة و النصف إلى المؤسسة الاستشفائية لعلاج الأورام الأمير عبد القادر بمسرغين و تحديدا قسم العلاج بالأشعة أين تقربنا من بعض الحالات التي وجدناها تنتظر خارج القسم من بينها الحاجة "ف.ع" البالغة من العمر 65 سنة قادمة من منطقة حمام بوحجر ولاية عين تموشنت قالت أنها أصيبت بورم على مستوى الرأس و كانت قد أنهت العلاج الكيمائي و أخذت موعد للعلاج الإشعاعي بعد 5 أشهر، و بعثت نفسا طويلا و هي تخبرنا عن موعد العلاج المنتظر و تمنت أن تشفى كليا قبل ذلك الموعد الطويل و أن تصمد أمام السرطان القاتل حتى تنتهي رحلة العذاب التي عاشتها منذ أكثر من سنتين و غير بعيد عنها كان يجلس رجلا في العقد الرابع من عمره أنهكه المرض فبدا أكبر من عمره بسنوات و ذكر أنه قدم في الصباح الباكر من ولاية سيدي بلعباس لإجراء حصة العلاج الإشعاعي التي انتظرها مدة 4 أشهر كاملة قال انه طيلة تلك الفترة خاف كثيرا من انتشار الورم الموجود على مستوى الرقبة إلى أماكن أخرى بالجسم و تدهورت حالته النفسية طيلة فترة الانتظار، و واصل قائلا أن العجز المادي الذي يعاني منه المريض يزيد من صعوبة ظروف و إجراءات العلاج المتعب جدا و في نفس المؤسسة تقربنا من مصلحة أورام الأطفال حيث وجدنا أمهات يجلسن في بهو المصلحة يحتضن صغارهن المرضى بشوق و حسرة و تعب، و هذه سيدة قدمت من ولاية الشلف للفحص الطبي الدوري لطفلها البالغ من العمر 5 سنوات و المصاب بورم على مستوى الرأس و بعد أن تكفل أحد المحسنين بإجراء جميع التحاليل و كذلك السكانير عجزت و هي تنتظر العلاج بالأشعة الذي ضرب له موعد بعد 6 أشهر و قالت أن حالة طفلها لا تتحمل كل هذا الوقت و لن يستطيع الصمود أكثر. و حالات أخرى لياسين و محمد و عبد الرحمان و فاطمة أطفال من ولايات مستغانم و تيارت و غليزان أجبرهم المرض على مغادرة مقاعد الدراسة و البحث عن أمل في العلاج للعيش إلا أن أشهر انتظار الإشعاع تزيد حالتهم سوء و تدهور و حزنا يوما بعد يوم. ======= *بسبب تعطل المُسرِّع و الاعتماد على جهاز واحد بمسرغين توجيه جميع الحالات الجديدة إلى تلمسان و سيدي بلعباس توقفت مؤسسة علاج الأورام بمسرغين عن استقبال حالات جديدة للعلاج بالأشعة و ذلك بعد تعطل "راديو تيرابي" و بقي الاعتماد على جهاز واحد فقط لا يكفي حتى الحالات المتواجدة بالمؤسسة، ما جعل الطاقم الطبي يستقبل الحالات و يطلع على ملفاتهم الطبية و من تم توجيههم إلى ولايتي سيدي بلعباس و تلمسان لمتابعة العلاج بالأشعة، و حسب مصادر من ذات المصلحة فان الجهاز الوحيد الذي يعمل حاليا لا يمكنه استيعاب جميع الحالات الوافدة إلى المؤسسة إذ تستقبل في اليوم الواحد عشرات المرضى من 14 ولاية من الجهة الغربية و يتم في اليوم الواحد تجاوز طاقة استيعاب الجهاز التي من المفترض ألا تتجاوز 20 حالة حسب مصادرنا، كما أن هناك حالات استعجالية يستوجب التكفل بها في نفس اليوم. و هذه إحدى الحالات التي التقينا بها سيدة لم تتجاوز الأربعين من عمرها وجدناها في حالة نفسية سيئة، متعبة و علامات المرض بادية على وجهها في البداية رفضت التجاوب معنا و شيئا فشيئا بدأت تتكلم متحسرة قالت أنها أتت إلى المصلحة من أجل اخذ موعد للعلاج الإشعاعي و بعدما تم الاطلاع على ملفها تفاجأت بتوجيهها إلى ولاية سيدي بلعباس لمتابعة العلاج رغم أنها قاطنة بوهران و حالة أخرى من ولاية بوهران أيضا أنهت العلاج الكيماوي قبل أشهر و كان من المفترض أن تبدأ العلاج الإشعاعي منتصف جانفي المنصرم بعد أن تم توجيهها إلى ولاية تلمسان و لكنها ترددها على المركز المتخصص بتلمسان لم يأت بنتيجة إلى اليوم ولم تبدأ العلاج الأمر الذي انعكس سلبا على حالتها و هي تنتظر مصيرا مجهولا في مشوار العلاج المرهق و المظلم و الطويل جدا. و في هذا الإطار ذكرت مصادر من مديرية الصحة أن المسرِّعين الخاصين للعلاج بالأشعة على مستوى كل من ولايتي سيدي بلعباس و تلمسان تعطلا و لم يبق سوى جهازين فقط بوهران لعلاج جميع الحالات من وهران و من جميع ولايات الجهة الغربية، و هذا ما يجهله العديد من المرضى و حتى الأطباء الذين يوجهون الحالات مباشرة إلى الولايتين ليصل المرضى بعد شق الأنفس و يعودون أدراجهم دون معرفة الأسباب و ذلك ما يزيد في استياء حالاتهم الصحية و النفسية. ==== *بعد توجيه مرضى سرطان الثدي و الرحم إلى مؤسسة الأمير عبد القادر مصلحة الأشعة العلاجية بمستشفى بن زرجب للحالات الحرجة فقط ! علمنا من مصادر مقربة أن مصلحة الأشعة العلاجية بمستشفى بن زرجب ببلاطو تستقبل الحالات الاستعجالية فقط حيث يطرح المرضى الكثير من التساؤلات عن طبيعة الحالات الاستعجالية إن كان جميع مرضى السرطان في وضعية مستعجلة لا تحتمل التأخير في مواصلة العلاجات التكميلية، و عند تنقلنا إلى المصلحة التقينا ببعض المرضى يحملون ملفاتهم متذمرين و يائسين من الشفاء ما دام العلاج الإشعاعي أصبح حظوظا و تقديرات تتوقف على مدى تقدم المرض و تحديد الحالة الخاصة و المستعجلة، و ذكرت إحدى السيدات أنها جلبت جميع التقارير الطبية التي تؤكد حالة والدتها المصابة بسرطان الرحم و التي خضعت للاستئصال و تتردد باستمرار على المصلحة لأخذ موعد و يتم في كل مرة توجيهها إلى مؤسسة علاج الأورام الأمير عبد القادر بمسرغين حسب ما ذكرته و أضافت أن مؤسسة مسرغين بدورها وجهت المريضة إلى تلمسان بحجة الضغط و تعطل الجهاز و العمل بجهاز واحد، علما أن المريضة مقيمة بضواحي وهران و لا تسمح لها حالتها الصحية و لا المادية بالتنقل إلى خارج الولاية ،و قالت ابنة المريضة أن ما يقال في آخر النقاش هو "الله غالب" تأكيدا على استحالة التكفل بالحالة الوضع الذي يجعل المرضى و مرافقيهم يعلنون هزيمتهم أمام السرطان الشرس و العلاج المنعدم. و لم نتمكن من الحصول على أي معلومات رسمية من قبل إدارة المستشفى إذ فشلت كل محاولاتنا في معرفة بعض التفاصيل المتعلقة بالعلاج و عدد الحالات التي يتم استقبالها، في الوقت الذي يتوجه الكثير من مرضى السرطان من وهران و خارجها إلى المصلحة باحثين عن شعاع أمل للحصول على فرصة علاج تعتبر السلاح الوحيد لقهر السرطان و لكن قوة المرض و ضعف الإمكانيات الاستشفائية و قلة الأجهزة المتخصصة و انعدام التواصل و التعامل الحسن مع المرضى كلها أسباب لموت بطيء لمريض السرطان بكل أنواعه و حالاته. ===== * من المسؤول..؟ رحلوا في صمت قبل موعد الإشعاع حكايات مؤلمة جدا هي التي يحكيها أفراد عائلات مرضى رحلوا دون أن يُتموا مراحل العلاج. قصص مؤثرة و محزنة غالبا ما يُرد فيها اللوم على الجهات الطبية و أساليب التقصير الذي سمح للسرطان بقتل ضحاياه و هذا أحدهم المرحوم "ا.م" 40 سنة من بشار أصيب بسرطان الرئة و تلقى العلاج الكيمائي بوهران و توفي و هو ينتظر موعد العلاج بالأشعة ، و هذه امرأة أخرى أصيبت بورم في الرحم كان في مراحله الأولى أجرت الكيماوي و توقفت عنده رحلة العلاج حيث كانت تنتظر اخذ موعد للإشعاع و لكنها لم تصمد و رحلت قبل اخذ العلاج في سن 47 سنة، و هذه ضحية أخرى للظروف العلاجية الراهنة " م.ز"50 سنة من عين تموشنت مصابة بورم على مستوى الرأس قالت أنها في مرحلة متقدمة من المرض حسب طبيبها المعالج و رغم ذلك لم تتمكن من أخذ موعد و تتردد باستمرار على مصلحة العلاج بالاشعة بمستشفى بن زرجب منذ 5 أشهر و قد تم أخذ رقم هاتفها للاتصال بها في حالة إمكانية استقبالها. ====== *الإشعاع يقتل الخلايا السرطانية و يمنعها من الانقسام حالة المرضى مسؤولية الطبيب المعالج ذكر أحد المختصين في علاج الأورام أن الطبيب المعالج هو المسؤول عن تقدير و تحديد حالة المريض و حاجته إلى العلاج الإشعاعي و ما إن كانت حالته تستطيع الانتظار أم لا و هذا ما يسمى بالحالات الخاصة أو الاستعجالية حسبه- مؤكدا أن المدة المحددة بين الكيماوي و الإشعاع لا يجب أن تتجاوز الشهرين كحد أقصى بعد تلقيه العلاج الكيماوي، و ذكر أن قلة الأجهزة تتسبب في تمديد فترة انتظار المريض لبدء العلاج الإشعاعي، و أضاف انه لا يمكن الحصر أن جميع الحالات قد تصمد في مدة الانتظار و هذا تحدده طبيعة الورم و مراحل تقدمه، و ذكر المختص أيضا أن العلاج الإشعاعي من العلاجات المساعدة تعتمد على أشعة بطاقة عالية تعمل على قتل الخلايا السرطانية ومنعها من النمو والانقسام حيث يستخدم العلاج الإشعاعي لمنع الخلايا من الانقسام و يركز الإشعاع على المنطقة المحيطة بموقع السرطان الأساسي لتقليل خطر عودة الورم في تلك المنطقة. ===== بتكلفة 60 مليار سنتيم للمُسرِّع الواحد استلام جهازي "راديوتيرابي" قبل الثلاثي الأخير من 2018 ؟ تأخرت عملية جلب جهازين للعلاج بالأشعة اللذان كانا من المقرر أن يصلا من أوروبا إلى وهران قبل أشهر تتدعم بهما مصلحة العلاج الإشعاعي ببن زرجب و مؤسسة علاج الأورام بمسرغين، و أكدت مصادر من مديرية الصحة أن الجهازين سيسلمان رسميا قبل الثلاثي الأخير من السنة الجارية حيث انتهت جميع الإجراءات القانونية الخاصة بالصفقة و تصل تكلفة الجهاز الواحد إلى 60 مليار سنتيم و من شأن هذا المشروع أن يخفف الضغط على المركزين الحاليين و يخدم المرضى و يقلص من فترات الانتظار الطويلة، علما أن وهران تحتكم في الوقت الحالي على 3 أجهزة واحد معطل و 2 حيز الخدمة. ===== *المعهد الوطني لعلاج السرطان بايسطو مشروع أمل للتكفل الأمثل بالمرضى و تقليص فترات الانتظار تشهد وهران انجاز أول معهد وطني للسرطان بسعة 120 سرير متواجد بالمجمع الطبي الجامعي بايسطو و قد وصلت نسبة تقدم الأشغال إلى 70 بالمائة بعدما عرفت تأخرا كبيرا في الانجاز بسبب العجز المالي الذي نتج عنه بطئ كبير في وتيرة سير المشروع الذي سجل في إطار برنامج وطني سنة 2008 و انطلقت في الأشغال سنة 2014 على أن يسلم في آجال 36 شهرا أي أنه المعهد الوطني كان من المفترض أن يسلم خلال سنة 2017، هذا و قد تم بعث أشغال المشروع من جديد بعد استلام الاعتمادات المالية و دفع مستحقات الشركة المقاولة. و سيكون المعهد الوطني للسرطان الذي لم تحدد بعد آجال استلامه محطة للبحث العلمي إلى جانب توفره على جميع التجهيزات الطبية العلاجية المجانية منها 3 أجهزة راديوتيرابي جديدة في البرنامج و أجهزة سكانير و جميع التحاليل الطبية اللازمة لفحص وتشخيص الأورام السرطانية سيتم إجراءها على مستوى المصالح المتخصصة داخل هذه المنشاة التي تعول عليها مديرية الصحة لتخفيف الضغط على مصلحة مستشفى بن زرجب و مركز مسرغين، كما يحمل المرضى آمالا كبيرة في تقليص مدة العلاج و إيجاد الأيادي المسؤولة و الكفيلة بالتكفل بحالاتهم.