شرّع الله تعالى جملة من العبادات والمعاملات على عباده والتي من شأنها التّقرب منه سبحانه وتعالى، وتوطيد الصّلة بينهم وبين خالقهم، وما شرّع الله تعالى هذه العبادات إلا ولها مقاصد منها ما ندرك ومنها ما لا ندرك.ومن هذه العبادات أن شرّع الزكاة وجعلها الركن الثالث من أركان الإسلام بعد التوحيد والصّلاة، فعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صَلى الله عليه وسلم يقول: (بُنِي الإِسْلام عَلَى خَمْس: شهَادَة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رَسُول الله، وإِقام الصّلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان) [رواه البخاري و مسلم]. حكم الزكاة فُرضت الزكاة في السنة الثالثة للهجرة، وهي فرض عين على كل مسلم قادر على إخراجها. وقد اقترنت بالصّلاة في سبع وعشرين 27 موضعا في القرآن الكريم وهذا يدل على أهميتها كقوله تعالى:﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَءَاتُواْ الزَّكَاةَ...(43)﴾ [سورة البقرة]. شروط الزكاة يشترط في مال الزكاة: . الملكية التامة للمال: فلا يمكن للمسلم أن يزكي من غير ماله. بلوغ النصاب: وهو مبلغ معين من المال محدد شرعا، لا تجب الزكاة في أقل منه وتختلف قيمته حسب نوع المال. حولان الحول: وهي المدّة الزمنية التي تمر على النصاب والتي تقدّر بسنة هجرية كاملة. قابلية المال للنماء: فلا يكون من الأصول الثابتة كالأرض، أو البيت أو السيارة... مقاصد الزكاة للزكاة مقاصد اجتماعية، تربوية واقتصادية منها: .تجريد قلب المزكي من الأمور الدُنيوية لقول الرسول صلى الله عليه وسلّم: (الصّدقة برهان) [أخرجه الإمام مسلم]. العبودية لله تعالى: فالله تعالى هو الذي أمر عباده بالزكاة في كتابه العزيز، لقوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَءَاتُواْ الزَّكَاةَ...(43)﴾ [سورة البقرة]، لذلك وجب عليهم إتباع أوامره كلها. تطهير نفس المزكي: فبالزّكاة يُطهِر المسلم نفسه من الشح والبخل، كما ينقيها من عبودية المال، كيف لا؟ وقد قال المولى عزّ وجل ﴿خُذْ مِنَ اَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا...(103)﴾ [سورة التوبة]. تطهير المال: فالزكاة طُهْرَة للمال، لتعَلُق حق الفقير بمال الغني، لأنها عبادة فرضها الله تعالى على أغنياء الأمة لفقرائها. حلول البركة والنماء في رزق المزكي. سد حاجات الفقراء: فالزكاة عبادة مالية واجتماعية، تُسدٌّ بها حاجات الناس وتفرج كُربَهم، ومن فرّج كربة النّاس فرّج الله كربه يوم القيامة، لحديث الرسول صلى الله عليه وسلّم: (من نفّسَ عَنْ مُؤْمنٍ كُربةً مِن كُربِ الدُّنيا، نفَّس الله عنه كُربَة من كربِ يوم القيامة)[رواه الأئمة الترمذي، ابن ماجة ومسلم]، وهي أيضا إعفاف للمحتاجين من ذُلِّ السؤال، وربُنا عزّ وجلّ قال في محكم التنزيل:﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ...(70)﴾[سورة الإسراء]. التأليف بين قلوب الأغنياء والفقراء: فبالزكاة يحنُّ الغني على الفقير، ولا يحقد الفقير على الغني، فتتألف القلوب وتتمتّن العلاقات وتُقوى الروابط، وهذا من مقاصد أحكام الشريعة الإسلامية