رئيس الجمهورية يولي أهمية خاصة لتعزيز روابط الجزائريين بتاريخهم المجيد    المنيعة: توفير أزيد من 18 ألف قنطار من البذور تحسبا لحملة الحرث والبذر    الجامعة العربية تؤكد دعم سيادة السودان ووحدة أراضيه    غرداية: إطلاق حملة تحسيسية حول أخطار الاستعمال السيئ للغاز    رافل (الكنفدرالية الإفريقية): انتخاب الجزائري محمد الأمين مايدي رئيسا جديدا للهيئة القارية    كرة اليد/ مونديال 2025 (مقابلة ودية): المنتخب الوطني يفوز على نادي بيوتركويانين البولوني    كاس إفريقيا 2025/ الجزائر: بيتكوفيتش يكشف عن قائمة ال26 لاعبا تحسبا لمواجهتي غينيا الاستوائية وليبيريا    علي بداوي يشارك بالمملكة المتحدة في أشغال الدورة ال92 للجمعية العامة للانتربول    الدرك الوطني: نداء للجمهور بخصوص شخصين متهمين بالنصب والاحتيال عبر مواقع التواصل الاجتماعي    صالون الجزائر الدولي ال27 للكتاب يفتح أبوابه للجمهور    ندوة بفرنسا حول حقوق الشعب الصحراوي    الرئيس تبّون يُهنّئ ترامب    إحباط محاولات إدخال 12 قنطاراً من الكيف    الطاقة النووية حل مستدام لمرافقة التحول الرقمي    حظوظ المنتخبات في تصفيات كأس إفريقيا متكافئة    جازي يستثمر..    هذا جديد عدل    عملية نوعية لشرطة البُرج    مشاريع حيوية في الكهرباء والغاز توضَع حيز الخدمة    آباء على قارعة الطرقات!    هذه تفاصيل حركة الولاة والولاة المنتدبين    لبنان: أكثر من 3000 شهيد منذ بدء العدوان الصهيوني    بجاية: تنظيم ملتقى لاستذكار بطولات قائد الولاية التاريخية الثالثة عبد الرحمان ميرة    الوزير الأول العرباوي يشرف على افتتاح صالون الجزائر الدولي للكتاب    مشروع قانون المالية 2025: تثمين المكاسب المحققة و الحد من تأثير الموجة التضخمية المسجلة عالميا    استعداد تام لتقوية علاقات التعاون الثنائي    قصف صهيوني مكثّف لليوم ال33 على شمال غزّة    ورقة طريق للتكفل النهائي بمطالب طلبة الطب    الثورة الجزائرية انفردت عن باقي الثورات بمعجزات    من أجل الفوز في غياب "الجوارح"    تفحُّص النظريات الغربية أمام واقع الإبادة    تعريف بالقدرات المحلية واستهداف الأسواق الخارجية    حلول مبتكرة للرفع من مستوى الإنتاج المحليّ    تسليم 2325 سكن بتلمسان    نماذج بطولية كُلّلت بالانتصارات    حجز 5 أطنان من المواد الاستهلاكية الفاسدة    خط جديد من المحطة البرية إلى المطار الدولي    48 رخصة لحفر آبار ارتوازية    زاد اللقاء لا يقبل القسمة على اثنين    بوعكاز أمام مهمة التدارك وتصحيح المسار    انطلاق "أندلسيات القليعة" اليوم    معرض "ميزو" لإنقاذ "دار النحلة" بالقصبة    غياب الوقاية والمراقبة المستمرة وراء المشكل    هجوم منجم حمام النبائل بقالمة... أولى العمليات إيذانا بانطلاق الثورة التحريرية المجيدة بأقصى الجهة الشرقية للبلاد    بداية انكسار المشروع الصهيوني    مجلس اللغة العربية يعرض إصداراته الجديدة    من فضائل الدعاء وآدابه    إعادة انتخاب جواج رئيسا للاتحاد الإفريقي    هذا موعد قرعة الحج    كلمة وفاء لأهل الوفاء .. للشهيد طيب الذكر الشيخ يوسف سلامة    دخول موسوعة "غينيس" بحلم يراود الحرفي بوشميت    تتولى تسيير أرضية رقمية تابعة للصيدلية المركزية للمستشفيات..خلية يقظة لتفادي التذبذب في توفير الأدوية    وزير الصحة: إنشاء خلية يقظة لتفادي التذبذب في توفير الأدوية    إجراء عملية القرعة يوم السبت المقبل لتحديد القوائم النهائية لموسم حج 2025    أين السعادة؟!    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    من مشاهد القيامة في السنة النبوية    الاسْتِخارة سُنَّة نبَوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النضال المسرحي .. الوجه الآخر للثورة الجزائرية

بُعيد اندلاع ثورة نوفمبر 1954، وانطلاقا من بيانها الأول الذي يؤكد على أن هذه الملحمة الفتيّة ستستغل كل الظروف والوسائل والإمكانات المتاحة لتحقيق أهدافها في سبيل التحرّر والانعتاق، كما جاء في ذات البيان : «.. انسجاما مع المبادئ الثورية، واعتبارا للأوضاع الداخلية والخارجية، فإننا سنواصل الكفاح بجميع الوسائل حتى تحقيق هدفنا .. » .
منذ ذلك الحين أدركت قيادة الثورة أهمية الفن في توعية الجماهير وتعبئة الشعب وتوسيع دائرة التفافه حول ثورته، واعتبارها الفن الرابع سلاحا من أسلحتها وفضاء جديدا للمقاومة، وعَرفت دَوره في تحسيس الضمائر الحية في العالم بالمسألة الوطنية والتعريف بها في المحافل والمهرجانات المسرحية والفنية العالمية، وتكذيب مزاعم الاحتلال الفرنسي وتفنيد أكاذيبه التي تروّجها دبلوماسيته ووسائل إعلامه المضللة، وتدعيم الدبلوماسية الجزائرية في الخارج، والتأكيد على أن القضية الوطنية قضية احتلال استيطاني نتج عن إلغاء دولة كانت قائمة بذاتها المستقلة وبكيانها الخاص في 05 جويلية 1830، وأن هذا الشعب يتُوق إلى تقرير مصيره وتحديد طبيعة مستقبله، وليس كما تدّعيه دولة الاحتلال الفرنسي، لاسيما بعد عقد مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956، وتجسيد قراراته ومخرجاته .
وضمن هذا السياق فقد وجّهت قيادة جبهة التحرير الوطني الجناح السياسي للثورة نداءً إلى كل المثقفين والأدباء والفنانين الجزائريين، لاسيما المتواجدين منهم بالجزائر وتونس والمغرب الأقصى وفرنسا وسويسرا.. داعية إيّاهم إلى الالتحاق بالثورة ومؤازرتها بقوة والترويج لها داخليا وخارجيا، بأعمال فنية وإنجازات ثقافية وإبداعات راقية تكون في مستوى أهدافها وغاياتها السامية وتطلعات شعبها، على الرغم من قدراتهم المحدودة وتجربتهم المتواضعة وإمكاناتهم البسيطة .
وقد كانت الاستجابة واسعة من قِبل مجموعة من الفنانين العمالقة، الذين فرضت عليهم المرحلة أن يكونوا مجاهدين مخلصين لوطنهم ولقضيتهم العادلة، على غرار مصطفى كاتب، عبد الحليم رايس، سيد علي كويرات، يحيى بن مبروك ..
وانطلاقا من هذا الوعي والإدراك بالدور الأبرز للفن تم تأسيس ( الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني ) خلال شهر أفريل 1958 بالشقيقة تونس، وقد » ضمت في صفوفها مجموعتين، الأولى مجموعة المسرح والثانية مجموعة الموسيقى والرقص الشعبي . وتشكلت الفرقة من نخبة من الفنانين أمثال مصطفى كاتب، عبد الحليم رايس، طه العميري، أحمد وهبي، حسن الشافعي، سيد علي كويرات، يحيى بن مبروك، وافية بلعربي ..« . إلى جانب الهادي رجب ، سحنون مصطفى، إبراهيم دري، الطاهر بن أحمد، أحمد حليت ..وقدّ تمكّنت هذه الفرقة الفنية الرسالية من تقديم عديد الأعمال المسرحية النوفمبرية ذات الصلة الوثيقة بالرسالة الثورية التي أنشئت لأجلها، ومن تلك الأعمال المسرحية الخالدة :
" نحو النور" : هي أولى الأعمال المسرحية لهذه الفرقة، وقد عُرضت بركح المسرح البلدي بتونس، خلال شهر ماي 1958 بعد شهر من تأسيسها، وهي من تأليف وإخراج مصطفى كاتب.
« أبناء القصبة " : مسرحية ثورية من تأليف المسرحي عبد الحليم رايس وإخراج مصطفى كاتب، قُدّمت في ماي 1959، كما عُرضت بعد الاستقلال من قبل المسرح الوطني الجزائري عام 1963 .
« الخالدون " : نص عبد الحليم رايس وإخراج مصطفى كاتب، تم إنتاجها في أفريل 1960، وأعيد عرضها بعد الاستقلال من قبل المسرح الوطني الجزائري عام 1966 " دم الأحرار " : مسرحية من تأليف الفنان عبد الحليم رايس وإخراج مصطفى كاتب، أُنتجت عام 1961 .
« الجثة المطوّقة " : مسرحية لكاتب ياسين، كان قد ألفها عام 1953 ..
وقد شملت عروض هذه الفرقة الفنية عديد الدول الصديقة والشقيقة، والمُحِبّة للسلام، خاصة بعض دول أوروبا الشرقية، كالاتحاد السوفياتي ( سابقا ) وتشيكوسلوفاكيا ( سابقا ) ويوغسلافيا ( سابقا )، حيث قدّمت عروضا مسرحية وطنية بها في كل من جمهوريات : صربيا والبوسنة وكرواتيا .. إضافة إلى الصين ومصر وتونس وليبيا والعراق والمغرب الأقصى .. كما أولت قيادة الثورة عناية فائقة بالمسرحيات والتمثيليات الإذاعية التي كانت تُبث عبر أثير إذاعات الدول العربية، خاصة تونس ومصر .. والتي فتحت أثيرها خدمة للثورة الجزائرية للوصول إلى النصر والحرية، يوم كان المذياع متربعا بامتياز على عرش المشهد الإعلامي .
دون إغفال النصوص المسرحية التي ألّفها نخبة من الكتاب المجاهدين الجزائريين موازاة مع ثورة المجد التي كانت مستعرة بالجزائر، كمسرحية ( حنين إلى الجبل ) للكاتب صالح خرفي، والتي كتبها في أربعة فصول عام 1957، وعُرضت ضمن النشاط المسرحي للطلبة الجزائريين بتونس، دون أن يتمكن من طباعتها آنذاك، ومسرحية ( مصرع الطغاة ) في أربعة فصول، للدكتور عبد الله ركيبي ، التي ألفها بتونس عام 1958 وصدرت بذات الدولة عام 1959، وهي أول مسرحية تُكتب وتطبع في هذا الاتجاه ( النضالي ) باللغة العربية الفصحى، ومسرحية ( ثورة نوفمبر ) للكاتب بوزياني الدراجي التي كتبها يوم كان طالبا بالمدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية، وقد مُثلت بالمدينة المنورة عام 1958 من قبل طلبة جزائريين وسعوديين كما أخبرني مؤلفها بذلك، وقد تطرقتُ إليها بإسهاب في كتابي المخطوط ( المسرح ببسكرة .. رحلة في الذاكرة ) .. وغيرها من الأعمال الفنية والإبداعات المسرحية التي واكبت ثورتنا المجيدة، والتي تحتاج إلى أكثر من وقفة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.