عرف محيط محكمة سيدي امحمد بالعاصمة امس أجواء غير عادية صنعتها محاكمة القرن أو المحاكمة التاريخية التي تجري لأول مرة بشكل علني لرؤوس الفساد الذين عاثوا فسادا نهبوا وبددوا أموال الشعب بدون وجه حق واشرأبت كل الانظار نحو المحكمة التي كانت لتحتضن اول محاكمة تورط فيها اكبر المسؤولين في مقدمتهم وزيرين أولين سابقين هما "اويحيى وسلال" اللذين لم يكن أحدا ليصدق أنهم وراء القضبان لولا الحراك الشعبي الذي كان وكما سماه البعض القطرة التي أفاضت الكأس وفأل خير فضح المستور. وكانت المحاكمة التي أرجأت أمس قد أعادت الى الأذهان سيناريو الخليفة الذي كاد أن يتكرر لكن بشكل افظع أو كما وصفه وزير العدل "زغماتي" بالأمر المفزع.لكن الأهم من كل هذا وذاك فإن العارفين يجزمون بانقلاب الموازين السياسية جراء المحاكة التي ستجر أسماء تلوالأخرى في مسلسل مخيف أبطاله مسؤولون فاسدون.. هذا وعلى العموم عرفت محيط الجزائر الوسطى اين تقع المحكمة حالة تأهب وحذر شديدين لما قد ينجر عنه من انفلات بسبب المواطنين الغاضبين على رؤوس الفساد سيما وأن مدخل المحكمة وماحولها عرف تهاطلا لشباب ومواطنين كانوا يرغبون في حضور المحاكمة الى جانب وسائل الإعلام التي تنقلت بدورها منذ الساعات الأولى، أي مع حوالي السابعة لضمان مقعد أو مكان لنقل مجريات المحاكمة لحظة بلحظة في جو مشحون للغاية(...). و اتخذت المحكمة كل الإجراءات لإطلاع الجمهور بها بنصب شاشات عملاقة تنقل الحدث داخل رواق المحكمة.تلك السيول البشرية والتدافع حال دون وصول العديد من رجال الصحافة الى الداخل بسبب الكم الهائل للمواطنين في ظل تطويق أمني كبير واستثنائي لتأمين الجلسة التي لم تكن كسابقاتها فضلا عن مناوشات وملاسنات بين هيأة الدفاع مع النيابة بسبب البث المباشر للمحاكمة داخل المحكمة عجلت بتأجيل المحاكمة إلى يوم الأربعاء(...).بعد انسحاب هيئة دفاع المتهمين التي هددت ايضا بمقاطعة الجلسات الى ما بعد الانتخابات، متحججة بعدم تهيئة ظروف المحاكمة والمطالبة بنقلها إلى مجلس قضاء الجزائر.حيث كشف عبد المجيد سيليني نقيب المحامين أن الظروف غير ملائمة مصرحا للصحافة بأن الجلسة المرتقبة طبعتها الفوضى التي قد تتكرر الاربعاء(...).واصفا المحاكة بغير القانونية لضمها ملفات رجال الأعمال معزوز وبايري ودون مناقشة القضية وصدور قرار الإحالة. وهو ما أدى لانسحاب الهيأة - حسبه مردفا أن القانون يلزم في حال قرار الإحالة برمجة القضية بعد 20 يوما في حين تمت برمجتها بعد 10 ايام فقط(...)..كما اعتبر أن قضية الحال هي سياسية محضة والأحكام فيها ستكون مسبقة وجاهزة وسيتم فيها الاستئناف. متشبثا بضرورة نقلها إلى مجلس قضاء العاصمة لأن الظروف غير ملائمة نظرا لضيق المكانواستطرد سليني: "كان ينبغي احترام آجال الاستدعاء في جدولة القضية فالمحامين لم يتم تبليغهم بأوامر الإحالة(...).وشدد سيليني استحالة أن تكون محاكمة عادلة في ظروف مثل الظروف السائدة التي قال أنها تسدوها الضعينة وتصفية الحساباتأما المحامي "نجيب بيطام" فقد أكد بدوره أن ما جرى أمس داخل الجلسات حال دون المحاكمة فحتى محامو الدفاع لم يتمكنوا من الالتحاق بالقاعة نظرا للتعداد البشري.لافتا أن ملف اويحيى كان الأول وطالبت النيابة بجمع الملفات في ملف واحدوهو ما أحدث مناوشات بينها وبين هيئة الدفاع.موضحا أن التأجيل هو أمر عادي سيما في هذا النوع من القضايا الحساسة التي قد تؤجل لثلاث مرات واما عن الحالة الصحية للمتهمين الرئيسيين خاصة سلال وأويحيى فقد أكد أن معنوياتهم لحظة دخول المحكمة كانت محطمة يضاف لها التعب والأرق والخوف من المحاكمة. ولم يناموا طوال الليل(...). «القضية مفزعة» وكان وزير العدل حافظ الأختام "بلقاسم زغماتي" الاسبوع الماضي قد ذكر بأن القضية التي ستكون المحاكمة فيها علنية هي قضية "مفزعة "كونها تخص نهب المال العام في فضيحة مصانع السيارات والتي يتورط فيها رئيسا حكومة سابقين هما "عبد المالك سلال وأحمد أويحيى" فضلا عن رجال أعمال ومجموعة وزراء سابقين.مشيرا أن الشعب وحده من سيحكم علينا إن كنا نمتلك إرادة سياسية في محاربة الفساد وسوف يرى بنفسه جلسة محاكمة قضايا فساد مفزعة.لافتا أن المحققين قد توصلوا إلى نتائج إيجابية أولية فيما يخص هذه الملفاترابطا مكافحة الفساد بتوافر الإرادة السياسية في ذلك وليست مجاملة(...). «صراخ وسخرية» يذكر أن بعض المواطنين قد صرخوا لحظة وصول المسجونين بالشعار الذي كثيرا ما رفعوه خلال المسيرات الشعبية "كليتو البلاد يا السراقين " فيما صاح آخرون "كلينا الياوورت وشبعناه " تهكما على اويحيى وحمل البعض منهم علب الياغورت.وعن أهم الأحداث التي شهدتها المحكمة كما سبق وأن أشرنا فقد بدأ المواطنون والصحافة في التوافد الى المحكمة في الساعات الأولى. ووصلت سيارات المساجين في ال 10:15 ودخلت من الباب الخلفي. في حين طلبت في الساعة 11:20 / هيئة الدفاع تأجيل القضية في الساعة 11:15 تم إفتتاح جلسة المحاكمة وقبلها في الحادية عشرة تماما نظم الصحافيون وقفة إحتجاجية داخل المحكمة للمطالبة بمقابلة وكيل الجمهورية للسماح لهم بتغطية المحاكمة. ويشار أيضا أن الخزينة العمومية بدورها تأسست كطرف مدني في القضية وبعد أن عجت القاعة عن آخرها صعد البعض الآخر للطابق الثاني لمشاهدتها من خلال الشاشات العملاقة