- إنتاج 15 ألف كمامة والتفكير في صناعة ألبسة وقائية طبية - نداء مستعجل للمحسنين بتوفير المادة الأولية والخياطين للالتحاق بالورشات لا يزال الشباب الوهراني، وكعادته يبرهن أنه واقف ومستعد للتصدي لجميع الأزمات التي تمر بها البلاد وقادر على التغلب على مختلف الصعاب والمحن التي تواجه الوطن، لاسيما خلال هذا الظرف الصحي الاستثنائي جراء ارتفاع عدد الإصابات بفيروس «كورونا» الذي خلف العديد من الضحايا في بلادنا وفي الكثير من دول العالم. متطوعو وهران من خيرة شباب الجزائر قاموا بتحويل ورشة الخياطة بدار الصناعات التقليدية بحي الصباح، بعد موافقة إدارة الغرفة ممثلة في السيد محتار تاني نورالدين، لخياطة الكمامات الوقائية لفائدة المؤسسات الاستشفائية ومختلف الهيئات الفاعلة التي تنشط حاليا من أجل المساهمة في القضاء على هذا الفيروس القاتل، وحفظ الأرواح على غرار المستشفيات وأجهزة الأمن التي تسهر على أمن وسلامة المواطنين، حيث تسهر هذه الأيام على حث السكان والسائقين على ضرورة البقاء في المنزل تفاديا لتفشي العدوى واحترام قواعد الحجر المنزلي. وقد زارت أمس جريدة «الجمهورية» هذه الورشة بدار الصناعات التقليدية، لتقف على نشاط هؤلاء المتطوعين الذين ينطلقون منذ الساعات الأولى من الصباح بكل عزم وجدية لخياطة الكمامات الوقائية. تخصيص الحصة الأكبر للمستشفيات السيد كلثوم عيسى، طراز على القماش ومباركي نصر الدين، حرفي خياط وسوداني ناجي نور الدين، أستاذ في التعليم فني العام.. وغيرهم من الشباب المتطوعين، الذين فضلوا تغيير مهنتهم لخياطة الكمامات الوقائية، بعدما ارتفع سعرها في الصيدليات ليصل ثمن الواحدة منها إلى 250 دج، وفي هذا الصدد أكد السيد مباركي نصر الدين أن الفكرة جاءت من مبدأ الإيمان بأن الجزائر بحاجة إلى أبنائها في هذا الظرف الطارئ، لتوفير الكمامات بالأسواق ومد يد المساعدة إلى جميع المصالح الحيوية التي بقيت أطقمها مجندة في الميدان، لمحاربة هذا الفيروس القاتل، مضيفا أن عملية صنع الكمامات انطلقت من فكرة لتتجسد ميدانيا بتقديم عدد كبير من الكمامات إلى مختلف الهيئات الصحية، حسب طلب مديرية الصحة التي تتكفل بعمليات التوزيع، كما أشار أيضا إلى أن المادة الأولوية قد تم جلبها من قبل بعض المحسنين الذين فتحوا أبواب محلاتهم لاقتناء القماش مشيرا في ذات السياق إلى ضرورة تكاثف الجميع لتفعيل هذه المجهودات والتنسيق بين مختلف المصالح من أجل تجاوز هذه المحنة، مشيرا إلى أن العديد من الخياطين من الجنسين، أبدوا رغبتهم في التعاون، لخياطة الكمامات الوقائية، كما دعا السيد بو بكر المحسنين إلى التقرب من ورشة الخياطة، لتوفير المادة الأولية على غرار «القماش» والخيط والضفائر، لخياطة الكمامات بكميات كبيرة وتوفيرها إلى الأطقم الطبية التي هي بحاجة ماسة إليها. غلاء مواد الوقاية وراء التطوع وفي ظل ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس «كورنا»، شهدت مختلف الصيدليات بالولاية طلبا متزايدا على الكمامات التي كانت بالأمس القريب لا يتجاوز سعرها ال30 دج فقط، ليرتفع بين عشية وضحاها إلى 150 دج ثم إلى 250 دج، حيث استغل بعض السماسرة الفرصة لضرب جيوب المواطنين، الذين تهافتوا على اقتناء الكمامات ما دفع بمنظمة حماية المستهلك إلى المطالبة بالتعجيل في فتح تحقيق معمق حول سبب ارتفاع أسعار الكمامات ومختلف المواد الوقائية بالصيدليات وردع المخالفين الذين يلهثون وراء الربح السريع خلال هذا الظرف الصحي الاستثنائي، ولم تقتصر ظاهرة رفع أثمان المواد الوقائية على تجار التجزئة، بل تبين لاحقا أنه حتى محلات بيع بالجملة استغلوا الظرف للرفع من سعرها وهو الأمر الذي استاء منه المواطنون. تعميم المبادرة خياطة الكمامات لم تقتصر على دار الصناعات التقليدية بحي الصباح فقط، وإنما تعدتها إلى فتح ورشة بجامعة محمد بوضياف بإيسطو، حيث أقبل بعض الشباب المتطوع على خياطة الكمامات وحتى الألبسة الخاصة للأطقم الطبية التي اشتكت في العديد من المرات من ندرة هذه الوسائل الوقائية بالمستشفيات الصحية، ومن هذا المنطلق بادر العديد من المتطوعين بخياطة ألبسة وقائية وتوزيعها على الجهات التي تحتاجها، وهي المبادرة التي تستحق الثناء والتشجيع، حيث برهن اليوم أن الشباب الجزائري بمختلف مستوياته قادر على التصدي بكل حزم وطواعية لهذا الفيروس القاتل إيمانا منهم بأن الجزائر ستتجاوز المحنة بخير وعلى خير بفضل سواعد أبنائها المخلصين. كمية من المساعدات إلى مناطق الظل وبالموازاة مع هذه المبادرات، أطلقت العديد من الجمعيات والهيئات، مبادرات خاصة لتجنيد الشباب لمساعدة مناطق الظل، في تجاوز آثار الحجر ومنع تفشي هذا الفيروس القاتل في وسطهم، على غرار مديرية الشؤون الدينية والأوقاف، التي أشارت إلى أنه على الجميع الوقوف مع العائلات المعوزة، في مناطق الظل، من خلال تجنيد شباب لتوزيع الطرود الغذائية، وحتى تسليمهم حصة من الكمامات والقفازات ومواد التنظيف، لاستعمالها في الوقاية من فيروس «كوفيد19»، لهذا أكد لنا الشباب المتطوع الذي وجدناها في ورشة دار الصناعة التقليدية بحي الصباح، أنهم لم ينسوا هؤلاء السكان المحرومين، وسيتم تخصيص كمية من الكمامات المصنوعة بالورشة لتوزع عليهم، داعيا المحسنين وأصحاب المؤسسات والشركات الاقتصادية الكبرى إلى التطوع والمشاركة في مد يد المساعدة بتوفير المادة الأولوية في هذه الورشات، بغية خياطة أكبر عدد ممكن من الكمامات وتوفيرها في المؤسسات الصحية الجوارية لتوزيعها مجانا على المواطنين بهذه المناطق التي تشهد تعثرا كبيرا في التنمية. مواجهة أية ندرة محتملة وفي هذا الصدد أكد المدير دار الصناعة التقليدية محتار تاني نورالدين، أن الشباب في مختلف ورشات الخياطة، مجند لتوفير عدد كبير من الكمامات الصحية، وهذا حتى يبرهن للجميع أن الجزائري إنسان وطني ومستعد للتضحية في أيام الأزمات التي تعيشها البلاد، مؤكدا أن الرهان هو تصنيع كميات كبيرة من الكمامات وتوزيعها ليس فقط على وهران وإنما حتى باقي ولايات الوطن ولم لا؟ ولاية البليدة التي ستخرج منتصرة من هذه المحنة. كاشفا عن إنتاج 15 ألف كمامة منذ انطلاق العملية، مضيفا أنه يتم التفكير حاليا على خياطة ألبسة وقائية طبية للأطقم الصحية. من جهته أكد شارف أفغول عبد الوهاب، نائب رئيس غرفة الصناعة التقليدية والحرف ورئيس جمعية نادي الخياطة «الأيادي البيضاء»، أن هذا العمل التطوعي الهدف منه مواجهة أية ندرة قد تقع في الكمامات والقضاء على ظاهرة المضاربة في الكمامات التي أثقلت كاهل المواطن البسيط، وأننا مجندون بل ونطلب التحاق العديد من الخياطين في ولاية وهران، لصناعة كميات كبيرة من الكمامات حتى ندعم بها السوق ونوزعها مجانا على المحرومين والمؤسسات الاستشفائية وباقي الأسلاك المجندة في سبيل القضاء على هذا الوباء المعدي.