إن ما يحزّ في القلب أن جماهير عريضة تستخفّ بالتوصيات والتوجيهات التي تردّدها قنواتنا الوطنية، حول أساليب الحماية من فيروس كورونا وخطره على صحة الإنسان وأنه قاتلٌ وسريعُ العدوى، تحذيرات أطلقها الإعلاميون والسياسيون والأطباء، بل وحتى المصابون هنا وهناك وجّهوا إنذارا لهؤلاء الغافلين الذين رفضوا الانصياع متعمّدين. لقد خُوطب هذا الصّنف بكل أنواع الخطاب، الهادئ المليء بالرحمة والشفقة والعنيف الشديد اللهجة، فما نفع وعظٌ وما نفع زجرٌ كأن في آذانهم وقرا وفي قلوبهم غشاوة، ويذكّر في هذا الموقف السلبي بما حدث، نوح عليه السلام مع قومه الذين أصرّوا على المعصية، «قال ربّ إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا». - والغريب في الأمر أن هذه الجماهير التي فرضت الانضباط، ورضيت أن تكون مع الخوالف مُعرّضة نفسها لمهلكة محقّقة فإن سلمت مرّة فما تسلم الجرّة كل مرّة، من هذا الذي يرضى أن يكون رقما في المصابين أو رقما في المتعافين أو رقما في الهالكين؟! - قلت الغريب في شأن هذا الصّنف أنه لا يستخف فحسبٌ، بل يزعم أن هذا الأمر محضُ إشاعةٍ ولهم في هذا الزّعم تبريرات واهية ولعلّ أكثرها غرابة، أنّ فيروس «كورونا» مفتعلٌ لإيقاف الحراك الذي كان يزعج الدولة. أرأيتم إلى هذا التحليل السّخيف، و«الكورونا» التي ضربت العالم كلّه ودفعت كثير من الدول الثمن غاليا، كيف يرون ذلك؟ أهو أمرٌ مفتعلٌ؟ - ما أقبح أن يجتمع الجهل والعناد في المرء فيغدو مسْخاً آدميا أو نفاية بشرية. - إنّ أسلوب الزّجر الذي فرضته الدولة على هؤلاء المستخفّين من فرض عقوبات مالية أو حجزٍ للدراجات أو السيارات هو الأسلوب الرشيد لردع هذا الصّنف العنيد.