نحاول من خلال هذا الحوار الذي أجريناه مع المحامي والخبير القانوني الأستاذ حميدش غسان من مجلس قضاء ميلة التطرق إلى أهم ما جاء به القانون الجديد فيما يتعلق بالوقاية من عصابات الأحياء ومكافحتها، وكل ما أخذه المشرع الجزائري بعين الإعتبار للحد من الظاهرة. - بداية أستاذ كيف عرف القانون الجديد هذه العصابات؟ ^ لقد جاء تعريف عصابات الأحياء حسب القانون الأخير من خلال الأمر رقم 20 -03 المؤرخ في 30 أغسطس 2020 ، المتعلق بالوقاية من عصابات الأحياء ومكافحتها، علما أن «عصابة أحياء» هي « كل جماعة تتألف من شخصين أو أكثر ويقطنون في نفس الحي ومن عدة أحياء، بغية ارتكاب أعمال تسبب أجواء من انعدام الأمن سواء كانت تلك الأفعال ذات طابع مادي أو نفسي مما يعرض حياة الآخرين للخطر أو يؤثر على حريتهم وسلامة ممتلكاتهم. - كيف تصدى المشرع الجزائري لهذه الظاهرة التي تعتبر دخيلة على مجتمعنا المحافظ؟ ^ بالفعل عرفت عصابات الأحياء تناميا كبيرا في السنوات الأخير وهي ظاهرة غريبة جدا على مجتمعنا، خاصة بعدما أصبح الأمر يتعلق بما يشبه تنظيمات المافيا التي تشتهر بها دول غربية بعيدة عن تقاليدنا بصفة عامة، وبات من الضروري التصدي لهذا الأمر الخطير والغريب في نفس الوقت وهو ما استلزم تدخل المشرع الجزائري وذلك بسن قانون يقوض هذا الخطر المتنامي عن طريق الردع والصد ضد كل من ينضوي تحت هذه التنظيمات المافوية والعصابات التي أضحت شيئا فشيئا تنظم نفسها وتتنامى لتهدد حياة الناس وامنهم وممتلكاتهم. - كما تعلمون أستاذ فقد كان رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون حريصا على تعديل الجانب القانوني وتشديد العقوبة ضد هؤلاء؟ ^ بالتأكيد فإن السيد الرئيس عبد المجيد تبون كان قد وقف شخصيا على هذا الأمر الخطير وسهر عليه أين شدد على مكافحة تفشي ظاهرة النشاط الإجرامي لعصابات الأحياء من خلال سن قانون يردع هذه العصابات الخطيرة والتي اتخذت من العنف والإجرام مطية لترويع حياة المواطنين لاسيما في السنوات الأخيرة، خاصة في المدن الكبرى بسبب ضعف سلطة الدولة في وقت ما وانشغالها بمكافحة الأنشطة الإرهابية والتجارية كالتهريب مثلا، مما يقتضي الزيادة في إجراءات الردع القانوني لحماية المواطنين وممتلكاتهم من هذه العصابات الإجرامية التي يستخدم فيها المال الفاسد لخلق البلبلة وترهيب السكان وترويج المخدرات. - كيف ترجم المشرع تعليمات السيد الرئيس إلى أفعال؟ ^ ترجم المشرع ذلك من خلال منع استيراد أو بيع أو حيازة أو استعمال أو صناعة السلاح الأبيض من سيوف وخناجر قصد تزويد عصابات الأحياء به، مع استثناء استفادة المعاقبين من هذه العصابات من إجراءات العفو. - وعلى ماذا نص القانون الجديد في هذا المضمار؟ ^ في هذا الإطار نص القانون الجديد على عقوبات متعددة بحق تلك التشكيلات العصابية، فمن ينتمي إليها أو يشارك بأي من أعمالها معرض للسجن بعقوبة لا تقل عن 3 سنوات وقد تصل إلى 10 سنوات، بالإضافة إلى غرامات مالية كبيرة، وفي حالة وقوع جرائم قتل خلال ممارسة أعمال عنف فإن أعضاء تلك العصابة مهددون بالسجن المؤبد. وحسب نفس القانون فإن هذا يشمل حتى الاعتداء المعنوي فكل اعتداء لفظي من شأنه أن يخلق الخوف أو الرعب لدى الغير، كالتهديد أو السب أو الشتم أو القذف أو الترهيب أو الحرمان من حق يعاقب عليه القانون الجديد بشدة. - وماهي الأحكام الجزائية التي تضمنها التعديل القانوني؟ ^ لقد حدد نفس القانون في الفصل الخامس منه المتضمن أحكام جزائية تتضمن عقوبات بالحبس « من ثلاث (3) سنوات إلى عشرة (10) سنوات و بغرامة من 300 ألف دج إلى مليون (1) دج لكل من ينشئ أو ينظم عصابة أحياء، ينخرط أو يشارك فيها، بأي شكل كان، أو في عصابة أحياء مع علمه بغرضها، أو من يقوم بتجنيد شخص أو أكثر لصالح عصابة أحياء. - وماذا عن رؤوس المافيا التي تتزعم هذه العصابات؟ ^ في هذا الشأن تضيف المادة 23 من هذا القانون أنه « يعاقب بالحبس من عشرة (10) سنوات إلى عشرين (20) سنة وبغرامة من مليون (1) دج إلى 2 مليون دج كل من يرأس عصابة أحياء أو يتولى فيها أية قيادة كانت. - أحيانا تتسبب هذه العصابات في حالات عنف يذهب ضحيتها مواطنون عزل قد تصل إلى الوفاة، على ماذا نص القانون في هذا الشأن؟ ^ بالفعل أدرج المشرع عقوبات في هذا الشأن فحسب نص المادة 25 تكون العقوبة السجن المؤبد إذا ترتب على المشاجرة أو العصيان أو الاجتماع وفاة شخص من غير أعضاء العصابة، وإذا وقع ضرب أو جرح أثناء المشاجرة أو العصيان أو الاجتماع المنصوص عليها في هذه المادة تكون العقوبة الحبس من سنتين (2) الى سبع (7) سنوات والغرامة من 200 ألف إلى 700 ألف دج، و يضاعف الحد الادنى للعقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة إذا وقعت المشاجرة أو العصيان أو الاجتماع ليلا. - في بعض الأحيان نجد أن بعض الأشخاص يعملون على دعم هذه العصابات ماديا أو معنويا بنشر أفكارها سواء من أجل الإحتماء بها أو لإستخدامها وقت الضرورة وأحيانا خوفا من بطشها؟ ^ هذه الحالات موجودة وتم إدراجها في القانون الجزائري الذي يعاقب بالحبس من سنتين (2) إلى خمس (5) سنوات و بغرامة من 200 ألف إلى 500 ألف دج كل من يشجع أو يمول عن علم، بأي وسيلة كانت عصابة أحياء أو ينشر أفكارها بصورة مباشرة أو غير مباشرة أو يقدم لعضو أو أكثر من أعضاء عصابة أحياء مكانا للاجتماع أو الإيواء أو من يخفي عمدا عضوا من أعضاء عصابة أحياء، وهو يعلم أنه ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا الأمر أو أنه محل بحث من السلطات القضائية، أومن يحول عمدا دون القبض على عضو من أعضاء عصابة أحياء أو يساعده على الاختفاء أو الهروب. - بالموازاة مع الردع هل استحدث هذا القانون آليات وقاية للحد من الظاهرة قبل وصولها أو على الأقل التقليل منها؟ ^ بالتأكيد فقد فرض هذا الأمر وضع آليات الوقاية من عصابات الأحياء وذلك من خلال ما نص عليه من انشاء لجنة وطنية للوقاية من عصابات الأحياء التي ترفع تقريرها السنوي إلى رئيس الجمهورية وعرضه على الحكومة ومتابعة تنفيذها من طرف السلطات العمومية المختصة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، فضلا عن اللجنة الولائية للوقاية من عصابات الأحياء، المتمثل دورها لاسيما في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للوقاية من عصابات الأحياء على المستوى المحلي والرصد المبكر لنشاطات هذه العصابات وإخطار السلطات المعنية بذلك. - وماذا عن ضحايا هذه العصابات؟ ^ بالطبع يضمن هذا النص أيضا حماية ضحايا عصابات الأحياء من خلال التكفل الصحي والنفسي والاجتماعي، بما يكفل أمنهم وسلامتهم وحرمتهم الجسدية والنفسية وكرامتهم و تيسير أمر لجوئهم إلى القضاء لجبر اضرارهم ورد اعتبارهم النفسي والمادي.