- المسار الديمقراطي هو اختيار الجزائر السيدة الحرة - تثمين وقوف الشباب بالتزامهم الوطني و وعيهم بالرهانات الحالية وجه أول أمس رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، رسالة بمناسبة إحياء يوم العلم (16 أبريل)، قرأتها نيابة عنه وزيرة الثقافة، مليكة بن دودة، خلال احتفالية نظمت بالمكتبة الوطنية (الجزائر العاصمة)، فيما يلي نصها الكامل: «بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أخواتي المواطنات الفضليات، إخواني المواطنين الأفاضل، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، اليوم الوطني للعلم أحد أهم الأيام في الذاكرة الوطنية والذي يصادف الأيام الأولى المباركة لشهر رمضان الفضيل، فهنيئا لنا جميعا المناسبتان. لقد حرِمنا السنة الماضية في مثل هذا الموعد من المباهج التي تبعثها رؤية أبنائنا وبناتنا يرددون - كما تعودوا - أشعار العلامة المصلح عبد الحميد ابن باديس ويخلدون مآثره. والحمد لله أن هيأ لنا اليوم بعد سنة من الصبرِ والجهد المتواصل وانحسارِ انتشار وباء كورونا (كوفيد-19) ظروفا أفضل تتيح لشعبنا الاحتفال بهذه المناسبة تمجيدا للعلم والمعرفة وإعلاء لشأن الفكر والثقافة وتقديرا لمكانة العلماء والباحثين والمفكرين والمثقفين والفنانين الجزائريين في كل حقول العطاء والإبداع. أيتها الأخوات الكريمات، أيها الإخوة الكرام، لقد اتخذ شعبنا من تاريخ رحيل العلامة المصلح المجدد الشيخ عبد الحميد ابن باديس يوما رمزيا للاحتفاء بالعلم والعلماء ودأب على ذلك، مكرسا هذا التقليد منارة تذكرنا بمرحلة من تاريخ الأمة، حيث انبرى شيخنا العلامة ومن معه من رجال نهلوا من العلوم وأحبوا الوطن، معهم متصديا لمخططات استعمارية حاقدة استهدفت طمس الهوية الوطنية وهدم ركائزها: عقيدة ولغة وثقافة ... منطلقا رحمه الله وطيب ثراه في هذا النهج الوطني الأصيل من محاربة الجهل والأمية وفضح الأساليب الماكرة لإشاعة الانحرافات والشعوذة وساعيا إلى تحرير العقل واستنهاض الهمم بسلاح العلم. أخواتي الفضليات، إخواني الأفاضل، إن الشعب الجزائري الذي يسجل للشيخ عبد الحميد ابن باديس ولجمعية العلماء المسلمين الجزائريين ولعلماء وشيوخ الزوايا الأجلاء دورا رائدا في الحفاظ على هوية الأمة وتراثها ومكونات الشخصية الوطنية ومحاربة الأساليب التدجيلية... يتطلع اليوم متمسكا بهويته ومعتمدا على طاقاته، إلى سياسات ناجعة للتعامل مع اشكالاتِ الحاضر وتحديات الغد، تقوم على الاستثمار الحقيقي في الإنسان، باكتساب العلم والمعرفة والتحكم في التكنولوجيا وخوض عالم المعلوماتية والاتصالات... ولقد كان هذا التوجه أحد أهم تعهداتنا التي باشرنا ترجمتها بالسعي إلى استجماع شروط نهضة حقيقة، عمادها الثروة الأساسية في البلاد، ثروة تتمثل في أزيد من 10 ملايين تلميذ يتابعون دراستهم في المؤسسات التربوية وأكثر من مليون ونصف المليون طالب يرتادون جامعاتنا ومدارسنا العليا. أخواتي، إخواني، إن المسار الديمقراطي هو اختيار الجزائر السيدة الحرة... وهو إلى جانب تثبيت دعائم السلم والأمن من الأهداف المرتبطة بالمصلحة العليا للبلاد التي نتوخى تجسيدها بتضافر جهود مؤسسات الدولة والطبقة السياسية وفعاليات المجتمع المدني. وفي هذا الصدد، فإنني أغتنم هذا اليوم من أيام الذاكرة الوطنية لأدعو كافة الشعب الجزائري، بكل شرائحه وفئاته، إلى التعبير بكامل الحرية وبأسمى الطرق الحضارية عن اختياره لممثليه، ونحن على أبواب استحقاقات سياسية، في ظل تحدياتٍ داخلية وخارجية تستوقف الجميع، لتغليبِ مصلحة الوطن عما سواها من النزعات والاعتبارات الضيقة، واثقا مِن أَن بنات وأبناء الجزائر سيمضون إلى وضع هذه اللبنة الأساسية في مسار بناء جزائر جديدة، ولن ينال من عزمهم خِداع أُولئك الذين سقطوا في وحلِ محاولات زعزعة الاستقرار وبث الفُرقة. ويجدر في هذه المناسبة التنويه بجهود الوطنيين المخلصين وتثمين وقوف الشباب بالتزامهم الوطني ووعيه بالرهانات الحالية، في وجه تكالب المساعي العدائية التضليلية ومخططاتها التآمرية الرامية إلى المساس بتماسك الشعب الجزائري وقداسة الوحدة الوطنية. وإننا ونحن نحتفل بذكرى يوم العلم، نرفع نداءنا عاليا إلى بنات وأبناء الجزائر ليجعلوا من أيامهم كلها احتفالا بالعلم وسعيا وراء كل جديد في عالم المعرفة والإبداع والتكنولوجيا. وفي يوم العلم هذا لا يفوتني أن أَحث بناتي وأبنائي الشباب من التلاميذ والطلبة في المدارس والجامعات ومعاهد ومراكز التكوين أن يشقوا طريقهم نحو التألق والنجاح بالاجتهاد والعلم ومكارم الأخلاق. كل عام وأنتم بخير في كنف الجزائر التي تحتفي بالعلم والعلماء وتقبل الله صيامكم وقيامكم. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار تحيا الجزائر والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته».