مؤسسات صغيرة ومتوسطة تدخل بورصة الجزائر للحصول على أموال من أجل إطلاق مشاريعها. استحداث مخبر خاص بالمالية. تُطرح الإصلاحات المالية بإلحاح في المشهد الإقتصادي الوطني ، التي تبقى السبيل الوحيد لتطوير الجهاز المصرفي والمنظومة البنكية في بلادنا ، التي لا تزال تسير بالطرق التقليدية ، وحالت دون رفع معدل نمو الاقتصاد الوطني ، الذي ظل يراوح مكانه بسبب مجانبته للرقمنة والتكنولوجيات الحديثة التي يشهدها هذا القطاع الحساس والمهم على الصعيد العالمي...يأتي هذا في الوقت الذي تسابق فيه الدولة الزمن من أجل تفعيل وتيرة مخطط الإنعاش الاقتصادي ، الذي تراهن عليه من أجل الخروج من تداعيات أزمة كورونا ومحو آثارها السلبية أو بالأحرى الكارثية ، وأيضا لوضع أولى الخطوات في الإقتصاد الجديد والبديل لريع المحروقات والخلاق للثروة ، الذي بدأت فعلا ملامحه ترتسم اليوم في المشهد الاقتصادي ، من خلال التركيز وتثمين الصناعات المحلية والتصدير...هذا ما أكدته الأرقام التي كشفت عنها وزارة التجارة ، حيث كشفت أن الصادرات الوطنية خارج المحروقات قد حققت مداخيل تقدر ب 2.03 مليار دولار خلال السداسي الأول من السنة الحالية ، أي أنها ارتفعت بنسبة 95.55 بالمائة ، عما كانت عليه في نفس الفترة من سنة 2020 ، وهذا رغم إشتداد حدة جائحة كورونا التي لا تزال تضرب بعنف. مما لا شك فيه أن هذه الأرقم الإيجابية ، ستتضاعف بكثير في حال عصرنة قطاع المالية بكل فروعه وأنظمته المتعددة من جهة ، تحسين مستوى الخدمات فيها ، وأيضا باعتماد الكثير من مشاريع المؤسسات الناشة ، ذات الصلة بتطوير وعصرنة كل القطاعات الحيوية والمهمة لاسيما المالية ، الذي يعتبر دعامة وركيزة أساسية في الإقتصاد الوطني ، لأن الحالة باتت مستعجلة للغاية ، ولا تحتمل المزيد من التأخير...وستختصر في كل الحالات والأحوال ، الكثير من الإجراءات الإدارية الماراطونية ومن الوقت ، وتختزل الكثير من المشاكل التي لا تزال مطروحة ، لأنها لم تجد بعد طريقها إلى الحل ، كما أنها ستساهم في التخفف من حدة الفساد ، الإداري والمالي على حد سواء ، وهذا هو الأهم ، الذي تعاني منه كل القطاعات دون استثناء ، وتحول إلى هاجس حقيقي وكابوس مرعب يطارد المتعاملين الإقتصاديين والمستثمرين ، وأجهض الكثير من مبادرات الإستثمار. لقد تم اعتماد آليات جديدة لتمويل حاملي المشاريع المبتكرة ، بعيدا عن البنوك الكلاسيكية والطرق التقليدية ، في محاولة للهروب من البيروقرطية ولربح الوقت ، ويتعلق الأمر هنا بصندوق دعم المؤسسات الناشئة ، الذي أستحدث خصيصا لهذا الغرض ، من أجل تفعيل ودعم المقاولاتية وطاقة الإبتكار لدى الشباب ، كما لا يجب إغفال الدور المهم الذي بدأت تلعبه بورصة الجزائر في عملية تمويل المشاريع المبتكرة ، والتي يبدو أنها استفاقت من سباتها العميق والطويل ، الذي جعلها محل انتقاد من قبل خبراء الإقتصاد والمال والأعمال في وقت سابق ، بسبب عجزها عن تقديم أي إضافة للإقتصاد الوطني ، وتحولت بذلك إلى الحلقة الأضعف في قطاع المالية ، لكنها اليوم عادت إلى الواجهة ، من خلال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، حيث تسعى 6 مؤسسات خاصة للحصول على الأموال لإطلاق مشاريعها من خلال دخولها البورصة ، بعد استكمال الإجراءات اللازمة التي تمكنها من الإنضمام إلى هذه المؤسسة المالية ، التي تطمح إلى خلق مناخ ملائم لجلب المزيد من الاستثمارات للاقتصاد الوطني ، لا سيما تلك المرتبطة إرتباطا وطيدا باقتصاد المعرفة ، حيث سارعت إلى إستحداث مخبر خاص بالمالية تحت إسم " فين لاب" الذي يعنى أساسا بالتكنولوجيات المتطورة جدا في مجال المالية ، وكذا كل التطبيقات الخاصة بها. إن الإقتصاد الجديد الذي تراهن عليه الدولة ، بات متوقفا على النتائج الملموسة التي ستحققها المقاولاتية على أرض الواقع ، وعلى الشباب من حاملي الأفكار والمشاريع المبتكرة ، إثبات قدراتهم الفكرية والعلمية ، وفرض أنفسهم في عالم المال وريادة الأعمال ، وعليه فهم مطالبون برفع هذا التحدي ، وعدم تفويت هذه الفرصة من أجل البروز والمساهمة في بناء الإقتصاد الوطني.