شهدت الجزائر خلال شهر أوت المنصرم عدة حرائق اندلعت بمناطق مختلفة من الوطن خاصة بولاية تيزي وزو، حرائق أتت على الأخضر واليابس وأودت بحياة بعض سكان هذه المناطق وبعض عناصر الحماية المدنية وأفراد الجيش الوطني الشعبي الذين كانوا الدعم الكبير لإخماد هذه النيران. كما تنقل العديد من المواطنين من مختلف ولايات الوطن لمد يد العون لإخوانهم بتيزي وزو وإطفاء النيران ومن بينهم الشاب جمال بن إسماعيل الذي لم يتردد لحظة وحمل حقيبته وكانت الوجهة إلى منطقة الأربعاء نا8ەثيراثن لمساعدة المنكوبين ولم يكن يدري أنه لن يعود إلى أحضان والديه مرة أخرى و أنه سيلقى مصيرا دمويا. بالفعل، استهدف جمال بن إسماعيل من قبل مجموعة من "الإرهابيين" الذين لفقوا له تهمة إشعال النيران قبل أن يلحقوا به داخل سيارة الشرطة ويقتلوه وينكلوا بجثته ويسحبوها مسافة مئات الأمتار ولم يكتفوا بذلك بل ألهبوا فيها النيران. ومن هنا كانت وسائل الإعلام الوطنية العمومية منها والخاصة مُخيرة ما بين لجوئها إلى السبق الصحفي وإظهار الصور الشنيعة لمقتل جمال بن إسماعيل لتجلب أكبر عدد من القراء أو المشاهدين إليها وتحقق أعلى نسبة مبيعات أو مشاهدات وما بين مسؤوليتها أمام الجزائر ودورها في الحفاظ على اللُحمة الوطنية حيث أنه لو نشرت هذه الصور المريعة لهذه الجريمة التي تجرد مقترفوها من كل صفات الإنسانية لفجرت غضب الجزائريين من كل الولايات و لانزلقت الأمور إلى أحداث خطيرة وربما حتى اندلاع حرب أهلية وهو ما خططت له أياد خارجية ومنظمات إرهابية. وهنا اختارت وسائل الإعلام العمومية منها و الخاصة أن تحمي الجزائر من كل خطر قد يحدق بها وتناولت القضية بكل حذر وتريث وانتظرت ما قد تخرج به التحقيقات الأمنية و اكتفت فقط بنقل الأحداث وعدم الدخول في متاهات قد تؤدي بنا إلى ما لا يُحمد عقباه. وضعت وسائل الإعلام مصلحة الجزائر فوق كل اعتبار قبل مصالحها الخاصة والفردية ، فالجميع يعلم أن الجزائريين متشبعون بحب هذا الوطن، بلد المليون ونصف المليون شهيد و أنه لن يكرر تجربة العشرية السوداء فقد حفظ الدرس جيدا وكل فرد منا يعتبر جنديا يحمي وطنه ويكون درعا متينا أمام كل من تسول له نفسه المساس بالوحدة الوطنية. وأصدق مثال على ذلك والد الشهيد جمال بن إسماعيل الذي بالرغم من كونه كان مفجوعا بوفاة فلذة كبده إلا أنه أرسل برسالة إلى الشعب الجزائري كانت مثل كرة كبيرة من الثلج أطفأت غضب الجزائريين حيث أكد أنه يرفض أن تُستغل حادثة وفاة ابنه في تأجيج الفتنة بين أبناء الجزائر ووصف البعض أن جمال رحمه الله أطفأ نيران الحرائق التي كانت تشتعل بالأربعاء ناثيراثن ووالده أطفأ غضب الجزائريين. وفعلا نجح والد جمال ونجحت وسائل الإعلام من خلال هذه التجربة العويصة في الحفاظ على تماسك الجزائريين ووحدتهم وأسكتت الأبواق الداخلية والخارجية التي كانت تحاول أن تجعل من هذه الحادثة الشرارة الأولى من أجل إدخال الجزائر في نفق مظلم. لكن هيهات... فالجزائر وما أدراك ما الجزائر لن تركع ما دام أبناؤها واعين و يحملون في قلوبهم حبا لها لن يغيّره أيا كان و بأي طريقة كانت. وكل مرة يحاول فيها أعداء الجزائر أن يفرقوا بين أبنائها تبوء محاولاتهم بالفشل وتكون السبب في أن تكون العلاقة أوطد فهنا حاولوا أن يتهموا أبناء منطقة القبائل بمقتل الشاب جمال بن إسماعيل خدمة لفكرة الجهوية لكن هذه الحادثة كانت سببا في تماسك الجزائريين بطريقة أكبر وأسكتوا كل من يُنادي بالجهوية.