ليس غريبا أنّ يقدّم الحرس الجمهوري التحيّة الشرفية لروح و جثمان الرجل الأشوس ، وليد و دفين حي بلكور ، المناضل و المجاهد و صانع الملاحم الوطنية بالفكر و الفعل ، عثمان بلوزداد ، و فخامة الاسم تكفي ، فالرجل أخ محمّد و سحنون بلوزداد و الأخير مجاهد مناضل و شهيد مات تحت التعذيب الفرنسي إبّان الثورة ، و العائلة ثورية بامتياز ، تضاف إليها في صلة القرابة و النضال و الاستماتة و الاستشهاد البطلة حسيبة بن بوعلي . انتقل إلى رحمة اللّه آخر رجال مجموعة ال 22 التاريخية التي صنعت للجزائريين تاريخا نضاليا و قادتهم إلى مصير لا حياد عنه و هو الاستقلال عن أشرس قوّة استعمارية في القرن الماضي . المجموعة التي تحدّت تململ حزب انتصار الحريات الديمقراطية بعد جملة التخبّط التي شهدها ، و من بعده عدم قدرة اللجنة الثورية للوحدة و العمل على جمع الصفوف و توحيد الكلمة نظرا للأزمة التي ميّزت الحركة الوطنية قبيل اندلاع الثورة المجيدة ، فكان اجتماع 23 جوان 1954 في بيت إلياس دريش بالمدنية الفاصل الذي كتبه 22 مناضلا ، كلّهم من مفجري الثورة التي قادت الجزائر إلى الاستقلال ، و كان عثمان بلوزداد واحدا من أولئك الثوّار و إن ظلّ متخفّيا عن أنظار و تحري الإدارة الاستعمارية إلى أن ألقي عليه القبض و اعترف بانتمائه إلى جبهة التحرير الوطني ، فكانت بدايات الحبس و السجن و التعذيب و التنقّل به بين الجزائر و فرنسا . رفقاء السلاح لقد شرب المجاهد من ضرع نضال المنظمة الخاصة التي كان لأخيه محمّد بلوزداد ( 1924 – 1952 ) المتوفى متأثرا بالسل ، فضل في إنشائها باعتباره مسؤولها الأساسي ، فقد كان للمين دباغين الفضل الأوّل في الخروج عن عباءة أب التيّار الاستقلالي مصالي الحاج ، الذي ظل يؤمن بالنضال الشرعي و الذهاب إلى انتخابات كحل من أجل إنهاء الاستعمار ، ثمّ بعد ذلك عاد رأس المنظمة الخاصة في 1947 إلى محمّد بلوزداد الذي لم يمهله السلّ رؤية الثورة تندلع و يبلي فيها الجزائريون خير البلاء. و قادت أفكاره و مخططاته مجموعة ال 22 التي ضمّت في عضويتها عثمان بلوزداد إلى النضال المسلّح، و قد حضر عثمان اجتماع المجموعة في جوان 1954 بقيادة الشهيد الرمز مصطفى بن بولعيد ، و حضره كل من باجي مختار، رمضان بن عبد المالك، مصطفى بن عودة، مصطفى بن بو العيد، العربي بن مهيدي، لخضر بن طوبال، رابح بيطاط ،زبير بوعجاج، سليمان بو علي، بلحاج بوشعيب، محمد بوضياف، عبد الحفيظ بوصوف، ديدوش مراد، عبد السلام حبشي، عبد القادر لعمودي، محمد مشاطي، سليمان ملاح، محمد مرزوقي، بوجمعة سويداني و زيغود يوسف . و هو الاجتماع الذي تمّ الاتفاق من خلاله على ضرورة إطلاق الثورة التحريرية ، و كان عثمان عضوا أيضا في المنظمة الخاصة و بعدها في اللجنة الثورية للوحدة و العمل و هو مدبّر و منفّذ عملية ( بترول موري ) للتكرير في العاصمة ، و التي على إثرها تمّ إلقاء القبض عليه و اعترف بانتمائه إلى حزب جبهة التحرير الوطني ، فسجن ، و من فيلا محي الدين للتعذيب إلى سركاجي حيث قضى سنتين ، و بعد المحاكمة قُضي عليه بالسجن مدى الحياة ، فكل السجون تعرف الرجل من الحراش إلى لومبيز فقسنطينة ،ناهيك عن مرسيليا و تولوز و بيزيي، و غادر سركاجي في 1962 ، غداة الاستقلال .