اختزل الطريق ووقف عند نقطة واحدة رسمها بشارع أول نوفمبر، ليعلق أهم موروث تقافي تقليدي جزائري صنع الحدث عبر جميع الأزمنة ، خاصة خلال الثورة التحريرية المجيدة، وقد يصل سعر الواحد منه إلى 10 ملايين سنتيم ..، إنه موروث "الجلابة" الذي تفنّن فيه السيد "صابري عبد القادر" ، وهو من مواليد 1952 بولاية عين تموشنت ، مهنته الوحيدة بيع الجلابة الموجهة للرجال . يقف " سي صبراوي " من الصباح إلى غاية المساء في نقطة واحدة لم يبرحها منذ أكثر من 20 سنة حسب تصريحاته، فكل العوامل الطبيعية من أمطار وحرارة ورياح تمرُّ عليه وهو يعانق "جلابته" خوفا عليها من تأثيرات هذه العوامل، مؤكدا أن حلمه الوحيد أن يحصل على محل لبيع هذا الموروث ، باعتبار أن مثل هذه التجارة التقليدية مُنعدمة بالولاية، حيث لا يوجد محل مُختصٌّ في بيع الجلابة التي يأتي بها من مختلف ولايات الوطن، بدءا بوهران والجلفة ومسْعَد، ويبيعها بعد أن يُعلّقها على شباك موضوع على الحائط ، وهي الطريق التي وجدها "سي صابري" مناسبة لعرض سلعته بعدما تعذّر عليه عرضها في مكان لائق لياقة وقيمة هذا الموروث الجزائري العظيم . ويشير السيد صبراوي إلى أن الأسعار التي يبيع بها الجلابة لا تتعدى 2500 دج للواحدة ، بالرغم من وجود جلابة بأسعار تتعدى 10 ملايين سنتيم، إلا أن القدرة الشرائية للزبون لا تسمح له بشراء جلابة بهذه الأسعار مما يجعله يقتصر على اقتناء الجلابة ذات الأسعار المتوسطة، وتلك التي هي في متناول الجميع، مؤكدا أن القليل ممن يفضلون الجلابة على المعطف الصوفي، لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد زبائن أوفياء يفضلون ارتداءها. تركنا السيد صبراوي وهو واقف عند الحائط ، يحمل في يده "الجلابة " يُداعبها بأصابعه ، ليظهر للزبائن مدى جودة الصُّوف المصنوعة منها، آملا أن يتمّ الحفاظ على هذا المورُوث الجزائري عن طريق عرضها داخل محل لائق.