* «أوباما » و«رومني» وجهان لعملة واحدة تصب في خدمة إسرائيل * «الربيع العربي» لن يكتمل إلاّ بتحرير فلسطين حذر الدكتور الشيخ عكرمة سعيد صبري خطيب المسجد الأقصى المبارك وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في حوار حصري أجرته معه جريدة «الجمهورية » من مخاطر التهويد المتواصل للمسجد الأقصى وأضاف الشيخ عكرمة صبري بأنه حان الوقت لجميع الدول العربية والإسلامية كي تتحرك لمنع هذه المخططات الصهيونية التي باتت تهدد الأوقاف الإسلامية في فلسطينالمحتلة، كما تحدث خطيب المسجد الأقصى في قضايا أخرى تتعلق بالإستيطان والإنتخابات الأمريكية المرتقبة والربيع العربي تابعوها في هذا الحوار الشيق والحصري : * في البداية، هل يمكن أن نعرف آخر مخططات الصهاينة فيما يتعلق بتهويد مسجد الأقصى، وهل فعلا أن هذه المخططات شهدت في السنوات الأخيرة تطورا بات يستدعي تحركا عربيا ودوليا لمواجهتها في أقرب الآجال ؟ *الشيخ عكرمة :صحيح الوضع اليوم في فلسطينالمحتلة لا يبشر بالخير وأن هذه المطامع الصهيونية باتت خطيرة ومقلقة الأمر الذي يستدعي تحركا عربيا على أكثر من صعيد لمواجهة هذه الحملات الدنيئة لتهويد القدس، ودعني أقول لكم إن الشيء الجديد بالنسبة لهذه المخططات التي تستهدف المسجد الأقصى بالذات هو أن بلدية القدس «الإسرائيلية» تعتبر اليوم ساحات الأقصى بأنها ساحات عامة تخضع للبلدية وليس للوقف الإسلامي وهذا الأمر يعني السيطرة على ثلاثة أرباع ساحة الأقصى ككل، وأما الخطر الآخر الذي بودي أن أكشفه للرأي العام العربي والإسلامي ، هو أن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية يزعم بأن الأقصى يقع تحت سيطرة اليهود وأنه جزء من هذا الكيان الغاضب، وأمّا الخطر الثالث ، فهو أن أحد أعضاء الكنيست الإسرائيلي من حزب الليكود الحاكم يدّعي بتخصيص أيام لليهود للصلاة في الأقصى وأياما أخرى بالنسبة للمسلمين، وهو ما يعرف بالتقسيم الزمني «أيام وأيام» ، فكل هذه المحاولات والمكائد أضحت اليوم تتم في العلن ولكن أمام صمت عربي رهيب! * فضيلة الشيخ : الوضع في الأقصى اليوم لا يبشر بالخير وقد انتقدتم هذا الصمت العربي بشدة، فبرأيكم ، ماهي الأسباب الحقيقية لهذا السكوت عن هذه التدنيسات المتعمدة من قبل الصهاينة، وأين هو دور السلطة الفلسطينية لمنع هذه المخططات الخطيرة ؟ *الشيخ عكرمة :أدعو اليوم كل الضمائر الحيّة ولا سيما الحكام والشعوب العربية والإسلامية للتحرك في أسرع وقت لنصرة الأقصى، لأن المسألة خطيرة ومقدساتنا الإسلامية أصبحت اليوم مهددة بالزوال والتهويد، والطامة الكبرى هي أن السلطة الفلسطينية تقول إنها قد وقعت على إتفاقية أوسلو مع الكيان الصهيوني عام 1994 وهو الأمر الذي ترتب عنه تأجيل موضوع مدينة القدس إلى محادثات أخرى، ولكن للأسف الأقصى اليوم بات رهينة لهؤلاء اليهود النجس ولا سيما المتطرفين منهم الذين يتعمدون في كل مرة تدنيسه بزعم إقامة صلواتهم وطقوسهم الدينية فيه وهذا بتواطؤ من الحكومة الإسرائيلية التي تتغاضي الطرف عن هذه الجماعات اليهودية المتطرفة *إنقسام الفلسطينيين سهل مهمة اسرائيل القذرة معذرة على المقاطعة سماحة الشيخ عكرمة صبري بإعتقادكم وأمام هذا الوضع المزري أنتم بصدد التحدث عنه بخصوص مسجد الأقصى وكامل المقدسات الإسلامية المتواجدة فيه من هم الذين سيحمون القدس من هذه المكائد الصهيونية المتواصلة؟ إن الذي يحمي الأقصى بعد الله سبحانه وتعالى هم أهل بيت المقدس والمرابطون وإخوانهم في مناطق ال 48 وبإعتقادي فإنه ما دام هناك إنقسام. وتشرذم بين الإخوة الفلسطينيين فهذا لن يكون في صالح كفاحنا ونضالنا المستميت ضد الصهاينة الغزاة لذا أنتهز الفرصة لأوجه نداء لجميع الأطراف المتخاصمة أن تفعل مسعى المصالحة الذي وقعت عليه حركتا فتح وحمس في السعودية وأن يتم طي صفحة الخلافات بينهما للتفرغ إلى المسائل المهمة كوقف الإستيطان وعودة اللاجئين ... إلخ... * تفصلنا أيام فقط عن الإنتخابات الأمريكية (الحوار أجري قبل أيام من الرئاسيات التي تمت أول أمس بالولاياتالمتحدةالأمريكية) وكما تعلمون فإن المرشحين لكرسي البيت الأبيض باراك أوباما وميت رومني أعلناها صراحة بأن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل فهل يعقل أن نثق في مرشحين يرتكز برنامجها الإنتخابي على تهويد القدس بصفة دائمة وأبدية؟ الأمر ليس جديدا بالنسبة لنا لأننا ندرك تمام الإدراك أن جميع المتسابقين للبيت الأبيض يعملون على إرضاء إسرائيل واللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدةالأمريكية والسؤال المطروح والذي يحتاج إلى إجابة صريحة وحقيقية هو كيف لدعاة التطبيع مع الكيان الصهيوني أن يفتروا علينا وعلى أنفسهم ويزعمون أن حل القضية الفلسطينية لا ينبغي أن يكون بمعزل عن إشراك الأمريكان كوسيط في هذه القضية الشائكة وكيف لنا أن نثق بطرف منحاز إنحيازا تاما للإسرائيلين فلا أوباما الديمقراطي ولا حتى رومني الجمهوري بإمكانهما دعم الفلسطينيين لأنهما يعملان على تحقيق أجندة سياسية لا تخدم سوى الساسة الإسرائيليين في منطقة الشرق الأوسط لذا يجب على الدول العربية أن تتحرك بمفردها ولا تعتمد على أي طرف ولاسيما أمريكا هذا الوسيط غير النزيه والمنحاز... * تطالب بإنهاء الإستيطان وليس تجميده إلى جانب مساعي الصهاينة لتهويد الأقصى يسعى «نتنياهو» وزبانيته إلى توسيع مشاريع الإسيتطان في فلسطينالمحتلة وإزالة كافة المجمعات السكنية التي كانت متواجدة من قبل إلى أين وصلت هذه المشاريع الإستيطانية الهمجية؟ الإسيتطان لا يزال مستمرا ومصادرة الأراضي في محيط القدس باتت يومية الأمر الذي حول هذه الأرض الطاهرة إلى ما يشبه سجن كبير ومحتشد مظلم فنحن لا نطالب فقط بتجميد الإستيطان مثلما تطالب به السلطة الفلسطينية بل والعكس من ذلك نلح ونؤكد على ضرورة توقيفه وإنهائه بصفة قطعية فالعديد من الأسر أضحت اليوم مشردة ومرمية في العراء تواجه خطر الترحيل إلى مدن وأوطان أخرى لتتضاعف بذلك مشكلة اللاجئين التي أضحت هي الأخرى مسألة جوهرية لا ينبغي التنازل عنها لأنها حق فلسطيني ومن المقدسات التي يجب أن ندافع عنها ولا تسامح بشأنها في سبيل تحرير أوطاننا من الإستدمار الصهيوني ... * لو نعرج إلى قضية الإساءة المتعمدة والمتكررة التي تستهدف الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في نظركم ما هي الأسباب الخفية وراء بث الفيلم الأخير المسيء بصورة نبينا المصطفى عليه الصلاة السلام في الآونة الأخيرة ولماذا جاءت في هذا الوقت بالذات؟ أولا يجب أن أؤكد مسألة مهمة وهي أن الله سبحانه وتعالى رفع قدر محمد صلى الله عليه وسلم فلا يوجد شخص في العالم يمكنه أن يؤثر على هذه المنزلة الربانية لسيدنا وحبيبنا المصطفى عليه أزكى الصلاة والتسليم ونحن بهذه المناسبة نقول ما قاله الله عز وجل وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم فإن محاولات الإساءة التي تستهدف نبيّنا في أوروبا وأمريكا وباقي دول العالم كانت سببا في إسلام العديد من غير المسلمين وأن الكثير من المسلمين الذين لم يكونوا ملتزمين بدينهم أصبحوا اليوم أكثر وأكثر متشبثين بإسلامهم وبرسالتهم السماوية السمحاء ونحن نقول أن محمدنا هو خاتم النبئيين وسيد الخلق أجمعين لذلك وجب على كل مسلم نصرته والدفاع عنه حتى نرد وندرأ عنه هذه الإساءات المتعمدة من قبل الحاقدين عليه وعلى ديننا القويم المستقيم * الربيع العربي الحقيقي في تحرير الأقصى بعد سنوات من الإنتظار جاءت رياح الربيع العربي الهوجاء لتعصف ببعض الدول التي كانت ترزح لعدة عقود في الإستبداد والتسلط فهل برأيكم هذا الربيع الذي كانت تشده الشعوب العربية حقق أهدافه المرجوة أم لا؟ إن نجاح «الربيع العربي» مرهون بتحرير الأقصى من كيد اليهود الغاضبين لأن فلسطين باتت اليوم منسية ومغيبة بسبب إنشغال البلدان العربية بمشاكلها الداخلية التي تمخضت عن هذه الثورات والإنتفاضات الشعبية الكبيرة لذلك نحن نحمل المسلمين في العالم أجمع مسؤولية تحرير المسجد الأقصى المبارك من براثن اليهود النجسين وأن ينصروا هذه القضية ويدافعوا عنها بكل هوادة وأن لا يتركوا الشعب الفلسطيني بمفرده يكافح ويناضل هذه الدولة المتصهينة المتجبرة. * وماذا عن الوضع في سوريا الذي يبدو معقدا وشائكا وحله مؤجلا؟ لا أعرف كيف سيكون الوضع ولكن نتمنى فقط أن يتوقف حمام الدم المنهمر في سوريا وأن تتحقق آمال هذا الشعب وطموحاته التي يتوق إليها مثل باقي شعوب العالم * كلمة أخيرة سماحة الشيخ تختمون بها هذا الحوار شكرا لجريدتكم الموقرة على إتاحتها لي الفرصة كي أجيب فيها عن أسئلتكم كما أوجه شكري لفخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وكذا للشعب الجزائر الذي كان دائما في مقدمة الشعوب التي دافعت ولا تزال تدافع عن الفلسطنيين المقهورين والمضطهدين في أرض المحشر والمنشر.