بالأمس القريب كان المونديال بالنسبة لنا حلما يصعب تحقيقه، نهائيات كأس إفريقيا للأمم هي هدفنا فقط ومع مرور المباريات التصفوية اتضح أننا قادرون على الذهاب الى جنوب إفريقيا، أصبحنا في المونديال ويا لها من فرحة بعد غياب دام 24 سنة، الكل هتف بالناخب الوطني، جيش شعب معاك يا سعدان... الكل أثنى على صايفي بعد هدفه ضد زامبيا، الكل هنأ جبور بعد إصابته أمام مصر، الكل شكر شاوشي بعد الآداء الرفيع في موقعة أم درمان، الكل أشاد بعنتر يحيى بعد صاروخيته في مرمى الفراعنة، معاك يا الخضرا غنى الجميع في الجزائر وخارجها قبل التوجه الى جنوب إفريقيا، إذ فزنا على سلوفينيا لا أحد يمنعنا من التأهل الى الدور الثاني، ذلك هو كلام كل الجزائريين وهذا ما حدث، خسرنا اللقاء الأول فتقلصت حظوظنا لم تقدر على إستدراك ما فاتنا في هذه المباراة التي كانت في متناولنا وتبدد كل شيء، سعدان البطل قبل المونديال وجهت له كل أصابع الإتهام صايفي الذي شارك "دراع" في اللقاء الأخير هو محل سخط الجميع خاصة بعد إعتدائه على صحفية، غزال أضحى لغزا لا أحد وجد أسباب إشراكه ضد الولاياتالمتحدة بعد كشفة اللقاء الأول، الكل قال ومازال يقول أن فريقنا كان قادرا على التأهل الى الدور الثاني. الجمعة 11 جوان حزمت أمتعتي نحو الجزائر العاصمة قصد السفر الى جنوب إفريقيا، رحلتي كانت مقررة السبت لكنني ركبت يوم الجمعة مساء وفي المطار أجواء بهيجة صنعها الأنصار القادمين من كل صوب وحدب والمؤطرون في المطار منحوا لكل مناصر قميصا للفريق الوطني وقبعة وفوضى كبيرة عند عملية الإستلام لأن كثير من الذين لم يسافروا أخذوا هذه الأقمصة... وقفت حائرا من هذه التصرفات... قبل الركوب حلويات ومشروبات ومعاك يالخضرا في أول رحلة كان على متنها عائلات اللاعبين، شقيق يبدا وشقيق بوڤرة وزياني ووالد قديورة وآخرين وبعد رحلة شاقة دامت تسع ساعات و45 دقيقة وصلنا الى مطار جوهانسبورغ في حدود الساعة الرابعة من صبيحة السبت وأي برد لا تقدر لا على الوقوف ولا الجلوس ولأن كل شيء مضبوط بقيت لوحدي رفقة 4 مناصرين في المطار بينما إلتحق الكل بمقر إقامتهم، لماذا تركوني؟ السبب هو إلتحاقي بجوهانسبورغ مبكرا قبل الموعد المحدد لي، إنتظرت طويلا حوالي 5 ساعات ليحل المشكل وأغادر المطار لأتوجه الى مقر إقامتي عبر سيارة الجماعي، الجماعي كذلك موجود في جنوب إفريقيا، مقود السائق على اليمين مثل الإنجليز GO.DRIVER الوجهة الى بريتوريا 60 كلم عن جوهانسبورغ ضباب وبرد في الطريق، يخيل لك وأنك في لندن، وصلنا الى مقر الإقامة في مركز جامعي، كل شيء مضبوط إنتظرت كذلك حوالي 3 ساعات للحصول على مفتاح الغرفة، المسؤول عن هذه العملية لم يكن موجودا لأن وصولي الى المركز لم يكن مبرمجا، إنتهى الأمر، النوم ثم النوم، لم أقدر على الخروج، الأحد 13 جوان رغم التعب إستيقظت باكرا بسبب مزامير البافانا التي أقلقتني، تسمع هذه المزامير كل وقت، فطور الصباح، "لا خبز ولا براس لتضبط رأسك ولا تدخين كذلك...ممنوع التدخين حتى في الغرف وإذا ما أردت أن تدخن في الغرفة فإن جهاز فيها سيفضحك إذ أن جرسا يدق مباشرة، بدأت المعاناة، قلت إنها الفرصة لكي أتوقف نهائيا عن التدخين لكن بدون ما تشعر تجد نفسك تختبىء لتدخن، نودي الى الجميع، إنه موعد التوجه الى بولكوان على متن الحافلات على مسافة 300 كلم وأجواء بهيجة في الطريق المؤدي الى هذه المدينة، اليوم اليوم رابحين، توقفنا في منتصف الطريق وإذا بمصري يوقف سيارته ويهتف بحياة الجزائر ليعانقه الكل ولينضم الى الكورتاج رفقة سيارات أخرى قام بكرائها المناصرون الذين جاؤوا من الخارج، وان تو ثري فيفا لالجيري وكأننا متوجهين الى البليدة أو الى ملعب 5 جويلية، شاب جزائري قادم من كندا ظل يحمل الكاميرا للتصوير، آلات تصوير وصور وحفل كبير قبل المباراة، لن أبالغ الجمهور الجزائري أفضل جمهور في العالم، إستمرت هذه الأجواء وقبل الوصول سمعنا أن مناصرين إقتحموا محلا تجاريا ونهبوا منه كل شيء تصرف لقي إستنكار الجميع، قبل ساعتين من المباراة تجولنا في المدينة، الجالية المسلمة موجودة بكثرة ومساجد ومسلمون من كل الدول يقطنون في هذه المدينة، وصلنا الى الملعب وأي تنظيم، تضع تذكرتك في جهاز فيفتح لك الباب المؤدي الى المدرجات كل واحد لا بد أن يجلس في الكرسي المخصص له لا يمكن أن تجلس في مكان غير مكانك ولأن الأنصار غير متعودين على مثل هذه الأمور جلسوا في أماكن غير أماكنهم لكن بعد عملية المراقبة لا بد أن يلتحق الكل بالأماكن المخصصة لهم، في الملعب مصاعد للإلتحاق بها، من الطابق العلوي تابعت اللقاء الأول ويا لها من أجواء أفسدها فقط مناصر تسلق في عمود كهربائي، النظام ثم النظام وبعد نزوله ألقي عليه القبض وبعد أن دفعت له غرامة مالية أطلق سراحه، بين الشوطين كل شيء متوفر لكن ليس بالمجان طبعا والشيء المؤسف توفر الخمر، أم الخبائث نالت من عقول خاصة الأجانب لكن بدون أن يحدث أي شيء، خسرنا المباراة وانحطت معنوياتنا، الكل لام سعدان وشاوشي خرجنا من الملعب لنركب الحافلات ولا أحد منا احترم الطوابير بخلاف الجنوب إفريقيين، هذه المركبات نقلتنا الى خارج المدينة أين وجدنا حافلاتنا لنعود إلى بريتوريا 300 كلم أخرى، سخط واستياء وتعب في العودة الى مقر إقامتنا، لا وجبة عشاء ولا أي شيء في مقر الإقامة، الوجهة مطعم العم فوزي الذي يملكه لبناني وتأكل منه الحلال، الإثنين راحة وفسحة للمناصرين الذين رغم الخسارة إلا أنهم ظلوا يحتفلون كل ليلة على أنغام جزائرية في وسط مدينة بريتوريا، قادة الراس كان بعيد عني لم ألتقي به، قبل المجيء الى جنوب إفريقيا سمعت أن الخروج ليلا يشكل خطرا لكنني غامرت ولم يحدث لي أي شيء، سمعت فقط أن جزائري إعتدى على آخر بالسكين وسمعت أن مناصرا أراد التدخل بعد مناوشة بين جزائري وجنوب إفريقي فنال لكمة انتفخت على إثرها عينه، نال التعب مني لأعود في ساعة متأخرة الى مقر الإقامة لأنام لكن كالعادة المزامير تقلق، الثلاثاء على الساعة العاشرة صباحا التوجه الى كاب تاون 1460 كلم، كل 200 كلم تتوقف الحافلات وتعب تعب كلها الرحلة الى غاية الوصول الى بلوم فونتين لنقضي فيها الليلة، وصلنا إليها في ساعة متأخرة، مدينة باردة جدا، لم يسبق لي أن عايشت هذا المناخ، وجبة العشاء غير لذيذة وقبلها الإلتحاق بالغرف كان أمر صعبا لأن كل مناصر يريد الحصول على مفتاح قبل آخر، الجزائريون لا يحترمون الطوابير، "بيناتنا فوضى كبيرة" الأربعاء في الصباح الباكر سرنا نحو كاب تاون، توقف إجباري بعد 500 كلم كل الحافلات تمر على السكانير، بعد المراقبة إجتزنا هذه المحطة لكن وكما جرت العادة لا أحد يحترم التوقفات المبرمجة كل 200 كلم إذ بعد 50 كلم أو 100 كلم يأمر مناصر سائق الحافلة بالتوقف ليدخن لأن في الحافلة التدخين ممنوع، صعبت الرحلة وحتى يحل هذا المشكل مزح مناصر قائلا: كل مناصر لا بد أن تمنح له حافلة حتى يفعل ما يشاء، واحد يقول أنا بحاجة الى سيجارة، الآخر الى قهوة و... آخرون GO DRIVER، إنطلق يا سائق ولا تتوقف هكذا تواصلت الرحلة الى كاب تاون التي وصلناها ليلة الأربعاء، مدينة رائعة يخيل لك وأنت تشاهدها أنك تتابع فيلما، عبرنا هذه المدينة لنلتحق بمقر إقامتنا 40 كلم عن كاب تاون وبالضبط في ستيلنبورغ في جامعة أمريكية تتوفر على كل شيء وجدنا في إستقبالنا الجنس اللطيف، كل بنت قادت مجموعة نحو الإقامة، تنظيم محكم وكل واحد حصل على سندويش فيها لحم، لا أحد أكل، فقط الموز قبل التوجه الى المدينة ليلا بحثا عن الأكل الحلال، الخميس راحة وفسحة بكاب تاون التي لن أنساها أبدا، تجولت فيها ووقفت فقط على إعتداء، الإثنان من جنوب إفريقيا، الساعة كانت تشير الى الثانية مساء عندما سرق أحد محفظة آخر كان خارجا من سوق، لكن المواطنون تمكنوا من القبض عليه، شعرت بالخوف وإذا ما كان الأمر في الليل كيف تكون الأمور، قضيت يوما كاملا في كاب تاون، تناولت هذه المرة وجبة العشاء في النزل المخصص لعائلات اللاعبين، قادة كان معهم ويا لها من مأكولات وشتان الفرق مقارنة مع وجبات المراكز الجامعية، الساعة الحادية عشر ليلا لا بد أن أعود الى مقر الإقامة 46 كلم لم يبق سوى القطار الذي ينطلق في منتصف الليل، هذا القطار يشكل خطرا يقول لنا شرطي إنه غير آمن، ماذا نفعل، هندي لا أدري كيف جاء لنا لينقلنا بالمجان نحو سلنسبورغ، المزامير كالعادة لا تنام، الجمعة 18 جوان موعد المباراة، الإنجليز بكثرة في هذه المدينة، إنها مدينتهم، عدد كبير يقطنون فيها إضافة الى الذين جاؤوا من إنجلترا، مقهى يقصده الإنجليز اقتحمه الجزائريون ، وان، تو ، ثري فيفا لالجيري، لم يحدث أي شيء... الإنجليز بروح رياضية صفقوا لأنصارنا لكنهم توعدوا بهزمنا من 2 إلى 3 صفر وفي أجواء رائعة الوجهة إلى الملعب وأي ملعب ، هو تحفة بل أكثر من ذلك... أحيانا تقول أنا أحلم أو أشاهد فيلما... كل شيء جميل... دخلت إلى المدرجات ولأن المقابلة انطلقت بدون ما أبحث عن الكرسي المخصص لي فضلت متابعة المواجهة واقفا رفقة اللاعب خريص من وداد تلمسان ومن هذا المكان سأدخن بدون ما يراني أحد لكن التدخين ممنوع وأينما جلست يلاحقونك... انطلقت المواجهة لا غزال ولا صايفي ولا جبور الذين لا يأتي منهم الخير... لم يقحموا فكان الأداء رفيعا، وفي كم من مناسبة كاد الخضر أن يسجلوا سعدان أصلح أخطائه ويا لها من فرحة بعد التعادل... كاب تاون عاشت يوما تاريخيا وفي روح رياضية خرج الإنجليز رفقة الجزائريين من الملعب... الإحتفالات تواصلت وكأننا في الجزائر وحتى نستريح من عناء السفرية منح لنا يوم إضافي في كاب تاون أي السبت على أن نعود إلى بريتوريا الأحد صباحا و1460كلم على الساعة الخامسة صباحا عبر الحافلات فيما فضل بعض المناصرين الميسوري الحال العودة عبر الطائرة ثمن التذكرة 100 أورو.. استيقظنا مبكرا ولم يتخلف عن الموعد سوى مناصر من معسكر يدعى سردوك... اختفى ولم نجد له أي أثر علما أنه لم يكن يملك أموالا تسمح له بالعودة إلى بريتوريا... بقي لكن عائلات اللاعبين تكلفوا به وجمعوا له المال اللازم حتى يعود عبر الطائرة... نفس البرنامج والمبيت كذلك في بلومفنتين، برد ووجبات غير لذيذة... التعادل أنسانا كل شيء ثم واصلنا عودتنا إلى بريتوريا مكان إقامتنا الأولى ظننا أننا سنعود إلى غرفنا وبدون أي مشكل لكننا من جديد وجدنا صعوبة... انتظرنا طويلا لا مسؤول ولا أي مؤطر تكلف بنا وإلى جانب هذا فإن أنصارنا وبطريقة فوضوية لم يحترموا الطوابير... كل واحد يريد أن يمر قبل الآخر... معاناة طويلة قبل الإلتحاق بالغرف... هنالك من أخذ غرفة لوحده وهناك وهناك والمزامير ظلت تقلقنا وبعد ذلك لا بد أن تخرج إلى المدينة لتأكل ليس بالمجان طبعا وبعدها تجلس رفقة المناصرين الآخرين من الدول الأخرى في السهرة الفنية للإحتفال بالتعادل ضد الإنجليز... الحفل امتد إلى ساعة متأخرة ... الأربعاء صباحا ونحن في المقهى وإذا بجنوب إفريقي يحمل صورة لثلاثة مناصرين يبحث عنهم بعد أن سرقوا هواتف نقالة.. تصرف لقي استهجان الجميع.. الخميس التوجه إلى جوهانسبورغ 60 كلم ومدينة أخرى رائعة... الجمعة ولأن الملعب غير بعيد مشينا راجلين إليه رفقة أنصار الولاياتالمتحدة... اليوم اليوم إن شاء الله رابحين وما أن دخل منتخبنا تأسف الكل عن عدم إقحام بودبوز... جبور أساسي... عرض متواضع وهدف أمريكي بعد أن ضيع صايفي هدفا محققا... غزال يقحم ... ثلاثي الفشل... ثلاثي الإنهزام.. بودبوز أمامنا نودي إليه وعندما تأهب للدخول يقف صايفي وإذا به يحل مكانه... تذمر و استياء من سعدان وصايفي الذي اعتدى على صحفية بعد اللقاء... اليوم ضيعنا فرصة كبيرة في التأهل إلى الدور الثاني. .. التحقنا بغرفنا في بريتوريا في حدود الساعة السادسة مساء للراحة لكن نودي إلينا مباشرة لنحزم أمتعتنا قصد العودة إلى الجزائر، سلمنا مفاتيح غرفنا لكن الحافلة التي تقلنا نحو المطار تأخرت حتى الثانية ليلا برد ومعاناة كالعادة... وصلنا إلى المطار "الطايح أكثر من النايض" كلهم يريدون العودة إلى الجزائر لم يبق لهم مال ولم يحترموا تواريخ عودتهم... الشرطة الجنوب الإفريقية حتى يصطف المناصرون الواحد تلو الآخر... مناصر أغمي عليه فنقل إلى المستشفى... لم أقدر على الركوب في الرحلة الأولى... بقيت رفقة بوزيد كاتب مولودية وهران أنتظر وبدون نوم إلى غاية الجمعة صباحا وإذا بجباري الرئيس السابق لمولودية وهران يتوجه إليّ ويخاطبني عندما تعود إلى الجزائر سيستدعيك قاضي التحقيق بعد حوار مع بن عبو الذي انتقده. .. سبحان الخالق ، نحن في عالم وهو في عالم آخر... تركناه ومن حسن حظنا وجدنا عاملة في الخطوط الجزائرية فساعدتنا على العودة إلى الجزائر علما أن عودتنا كانت مقررة يوم الأحد 27 جوان ويا لها من فرحة بعد ركوبنا الطائرة 9 ساعات ونصف ثم الوصول والإلتحاق بوهران هذا باختصار ما حدث في جنوب افريقيا وعلامة كاملة لراديوز ولرئيسها ولمبولحي وللجميع وعقبال لمونديال البرازيل في انتظار معرفة مصير سعدان يوم 2 جويلية.