رغم أنّ خسارة منتخبنا الوطني أمام نظيره الصربي سهرة يوم الأربعاء الماضي تبقى مجرد خسارة في لقاء ودي تحضيري لا يمكننا من خلاله أن نحكم على ضعف تشكيلتنا أو على عدم قدرتها على مواكبة المنتخبات العملاقة في المونديال المقبل، إلا أن العديد من النقاط السلبية تستدعي أن نتوقف لنعالجها نقطة بنقطة ما دام الوقت يسمح بذلك ومادام التحدي الهام المقبل تفصلنا عنه ثلاثة أشهر ستكون كافية لاستخلاص الدروس والعبر وتفادي تكرار الأخطاء المرتكبة من طرف الطاقم الفني مستقبلا، نقول الطاقم الفني لأن أصابع الاتهام وجهت له من طرف الأنصار، النقاد، الأخصائيين والإعلاميين وكل من يفقه ولا يفقه أيضا في شؤون الكرة، ولطالما كان سعدان مفخرة كل الجزائريين ولطالما تباهى الكل بما صنعه لما قاد “الخضر” إلى المونديال ولطالما هتف المواطنون “جيش شعب معاك يا سعدان” في السراء والضراء ولطالما كنا كإعلاميين ندافع عنه وعن خياراته حتى خلال فترات مر فيها منتخبنا جانبا كلقاء الدور نصف النهائي من نهائيات كأس إفريقيا أمام مصر ولقاء مالاوي الذي قلنا إن الحرارة والرطوبة هما السبب وليس تقاعس اللاعبين أو ارتكاب سعدان وطاقمه أخطاء تكتيكية، لكن لا يمكننا في كل مرة أن نغطي الشمس بالغربال لأن مباراة صربيا كشفت لنا عيوبا كثيرة لا يمكن حجبها ما دام الوقت مناسبا لكشفها، وهي عيوب تتعلق بالدرجة الأولى بالخيارات التي قام بها الناخب الوطني تحسبا لهذه المباراة. أخطاء في التركيبة البشرية المستدعاة وغياب “بوڤي” وآخرين كان له تأثير سلبي وتبقى الخسارة خسارة مهما كانت أسبابها لكن خسارة صربيا أجبرتنا على العودة إلى الوراء لننتقد القائمة التي أعلن عنها المدرب سعدان منذ قرابة شهر، وهي القائمة التي فاجأت الجميع لدى الإعلان عنها بما أنها خلت من أسماء كانت قادرة على إعطاء الإضافة في مباراة من هذا النوع ونخص بالذكر صايفي الذي تم إبعاده دون سبب وكذلك رأس الحربة زياية الذي وفضلا على أنه لم يحصل على فرصته في أنغولا كسائر اللاعبين فإنه تم إبعاده بدون أسباب مقنعة، والأمر نفسه بالنسبة للاعب بوعزة الذي شفي منذ فترة من إصابته وكان قادرا على المساعدة، ومقابل ذلك وجه سعدان الدعوة إلى بعض اللاعبين المصابين ممن كان الوقت في صالحه لتعويضهم على غرار حليش، منصوري، بالإضافة إلى أن غياب بعض العناصر ألقى بظلاله سلبا على مردود التشكيلة لأن بوڤرة لو لم يصب لكان بوسعه أن يجنّب الدفاع تلك الأخطاء المرتكبة وبالدرجة نفسها مغني الذي لو حضر أيضا لتولّى مهمة صنع اللعب. ڤاواوي لم يكن ليدخل والمنطق يؤكد ذلك وكانت “الهداف” قد حذّرت وبشدة قبل المباراة من مغبة الاعتماد على ڤاواوي منذ البداية لأن حارس جمعية الشلف وبكل بساطة لم يسترجع لياقته البدنية المعهودة جراء غيابه عن أجواء المنافسة منذ شهرين بسبب العملية الجراحية التي خضع لها قبل نهائيات كأس إفريقيا، وهو نقص تجلى للعيان من خلال مردوده المهزوز في لقاء البطولة الأسبوع الفارط عندما اهتزت شباكه أربع مرات، وطالبنا في الوقت المناسب بمنح الفرصة للحارس زماموش المتواجد في أفضل أيامه وطالبنا أيضا بإعادة النظر في قضية معاقبة الحارس شاوشي، لكن كلامنا لم يجد آذانا صاغية من أحد وأوكلت مهمة حراسة مرمى “الخضر“ ل ڤاواوي طيلة اللقاء والنتيجة في نهاية المطاف يعرفها الجميع، لأن الهدف الأول الذي يتحمل مسؤوليته هذا الحارس هو الذي أخرج منتخبنا من المباراة مبكرا. ما جدوى إقحام حليش وهو مصاب وعنتر وهو ناقص لياقة!؟ عيوب خيارات سعدان لا تتوقف عند هذا الحد في هذه المباراة لأنّ ما يعاب عليه أيضا أنه لم يتعامل جيدا مع إصابة بوڤرة وتأكد غيابه في آخر لحظة، فعوض أن يوكل المهمة ل العيفاوي منذ البداية راح يضع ثقته في رفيق حليش العائد من الإصابة والذي لم يشرع في التدريبات إلا في هذا التربص التحضيري، ويعاب على سعدان أيضا لجوؤه إلى إقحام عنتر يحيى أساسيا رغم أنه لم يلعب ولا دقيقة مع فريقه منذ عودته من أنغولا ناهيك عن انشغاله طيلة الأسبوع الجاري بحفل زفافه، فوجد منتخبنا نفسه في ظل خيارات سعدان يواجه منتخب صربيا القوي بحارس لم يلعب منذ شهرين ومدافع كان مصابا منذ ثلاثة أسابع ومدافع آخر لم يلعب ولا دقيقة منذ شهر، بمعنى أنه كان منقوصا من ثلاثة لاعبين في الوراء. ثلاثة مسترجعين، لكننا خسرنا معركة الوسط وحتى لا يتورّط مع أي أحد وحتى لا يلقى اللوم من أي طرف وجد سعدان حلا سريعا كان يرى أنه ناجع وأقدم على إدراج ثلاثة مسترجعين للكرات دفعة واحدة، فتفادى سخط القائد منصوري وأبقاه وأبقى عليه كقائد للمنتخب رغم إصابته وأشرك إلى جانبه يبدة والوافد الجديد لحسن، وحينها اعتقدنا أنه قد يكون محقا بغلق المنافذ في وجه المنافس في الوسط وسدّ كل الثغرات في أوجه لاعبيه رغم أن اللعب بثلاثة مسترجعين في عقر الديار وفي لقاء ودي لم يسبق أن شاهدنا أي منتخب أو ناد يطبقه، وفي النهاية تأكد أن خياره هذا لم يكن صائبا بما أن معركة الوسط كسبها المنافس بامتياز رغم أننا لعبنا بخمسة لاعبين في الوسط باحتساب زياني ومطمور. غزال سيبقى معزولا دائما وأبدا في ظل هذه الخطة ورغم أن زياني ومطمور تحركا بعض الشيء وأقلقا المنافس بتحركاتهما وتوغلاتهما من على الجهتين اليمنى واليسرى إلا أن حركتهما كانت تبدو فاترة بعض الشيء في ظل النقص البدني الذي يعانيان منه والذي ظهر على مردودهما خلال المرحلة الثانية التي لم يظهرا فيها كلية، وهو أمر كان منتظرا من قبل بما أن الأول لم يخض ولا دقيقة مع ناديه “فولفسبورغ” منذ اللقاء الترتيبي أمام نيجيريا في أنغولا والأمر نفسه بالنسبة للثاني الذي كان قد اكتفى بلعب بضع دقائق مع ناديه “بوروسيا مونشنڤلادباخ” طيلة شهر كامل، وبخصوص غزال فيمكن الجزم هذه المرة بأنه صار ضحية خطة (4-5-1) التي يبقى سعدان متمسكا بها رغم عدم نجاعتها، وهي الخطة التي جعلته معزولا ككل مرة فلم تصله الكرات ولم يجد المساعدة من مهاجم يلعب أمامه أو خلفه حيث أحجم الناخب الوطني على إشراك العائد جبور منذ البداية وترك غزال معزولا يعاني من قوة مدافعي صربيا ويواجه سخط الأنصار من المدرجات. لماذا كل المدربين يُقدمون على التغييرات ماعدا نحن؟؟ وصلنا إلى نقطة أخرى تعاب على الطاقم الفني والمتمثلة في إحجامه خلال كل مرة عن القيام بالتغييرات اللازمة، فهو كان قد عجز عن القيام بالتغييرات اللائقة واللازمة خلال لقاء مصر في أنغولا وحينها قلنا إن اللعب بعشرة، أو تسعة أو ثمانية لاعبين أمر جديد عليه ولم يسبق أن واجهه كمدرب على رأس العارضة الفنية للمنتخب الوطني، لكن ما عسانا نقول عن لقاء ودي لم نجر فيه سوى 4 تغييرات في وقت أجرى مدرب المنتخب الضيف “أنتيش” تسعة تغييرات حيث منح الفرصة في بادئ الأمر للاعبيه الأساسيين قبل أن يمنح الفرصة لاحتياطييه لعله يجد وسطهم من يصلح ليضع فيه ثقته في التشكيلة الأساسية. هل جئنا ب بابوش، زماموش، أوسرير وعامري الشاذلي حتى نبقيهم في الإحتياط!؟ الأمر يفتح مجالا للتساؤل وبحيرة عن جدوى استدعاء 20 لاعبا لا نستفيد منهم كلهم في لقاء تحضيري كنا يمكن أن نكتشف من خلاله عناصر قادرة على المساعدة مستقبلا، عناصر كان من الممكن أن يستفيد منها الناخب الوطني في التحديات المقبلة فحارس مثل زماموش الذي يمر بفترة زاهية مع رائد ترتيب البطولة مولودية الجزائر كان بوسعه أن يكون أساسيا أو على الأقل أن يدخل كبديل ل ڤاواوي بعد الثلاثية التي تلقاها هذا الأخير، والأمر نفسه بالنسبة ل أوسرير الذي كان من الممكن أن يكون بديلا، ولاعب مثل بابوش ما جدوى أن نجلبه ونحرم منتخب المحليين من خدماته في وقت كان قادرا على اللعب هو الآخر ولو كاحتياطي، دون أن ننسى أن نتساءل عن جدوى جلب عامري الشاذلي وإعادته إلى المنتخب ووعده بأن الفرصة فرصته دون أن نشركه ولو لدقيقة، فاللاعب حقا كان مريضا وبدا لدى مشاهدتنا إياه يوم الاثنين الفارط وكأنه لم يشف بعد من نزلة البرد التي أصابته لكنه أكد لنا في حوار معه أنه مستعد للعب وهو مريض!؟ هي كلها تساؤلات لم نجد لها تفسيرا وقد لا يجد لها سعدان نفسه أي تفسير. لماذا لم نُجرّب عناصر أخرى لعلنا نجد فيها ما ينفعنا!؟ وما دمنا تيقنا الآن من أننا لم نستفد شيئا من هذه المباراة فمن حقنا أن تساءل أيضا عن الأسباب التي جعلت سعدان يحجم عن تجريب عناصر أخرى عوض أن يكتفي بمعاينتها مع أنديتها، على غرار ما فعله مدرب المنتخب الأمريكي في اللقاء الودي أمام السلفادور (لعب الأسبوع الفارط) عندما منح الفرصة لعدد من اللاعبين المحليين في البطولة الأمريكية وأعفى المحترفين وتركهم للقاء هولندا أول أمس، إذ كان من الأجدر ب سعدان أن يجرّب العناصر التي قيل عنها كلام كثير ما دام تعداده يعاني من نقص كبير بسبب الإصابات التي نخرت جسد لاعبينا ونقص اللياقة الذي يعاني منه البعض، لكنه ترك الفرصة تمر وأشرك 15 عنصرا منهم المصاب والعائد من الإصابة والغائب عن المنافسة، دون أن يستفيد حتى من تجريب من وجّه لهم الدعوة للمشاركة في هذه المباراة الودية. نحن مع المنتخب، لكن الوقت مناسب لكشف الحقيقة طالما نادينا مرارا وتكرارا بأن نقف إلى جانب المنتخب في السراء والضراء ما دامت الأمور حينها كانت تسير في الطريق الصحيح بما أننا يومها ضمنا تأهلنا إلى المونديال وبلغنا الدور نصف النهائي من نهائيات كأس إفريقيا، لكن اليوم لابد أن نتوقف عند العديد من النقاط السلبية التي خلفتها مباراة صربيا مادام الوقت مناسبا لذلك، حيث لا زالت ثلاثة أشهر تفصلنا عن المونديال الإفريقي ستكون في صالح سعدان لإصلاح ما يمكن إصلاحه بعد العيوب التي كشفتها مباراة صربيا، وذلك قبل أن يقع الفأس في الرأس في جنوب إفريقيا ونندب حظنا بعدها ونلوم أنفسنا على عدم القيام بتغيير هذا وذاك وغيرها من القرارات التي لابد أن تتخذ قبل فوات الأوان. ----------------------------------------------------- دليل على إستياء الجمهور هذه المرة محترفونا حضروا تحت الأضواء وغادروا في الظلام صرح لاعب “فولفسبورغ” الألماني كريم زياني من قبل عبر صفحات “الهدّاف” بأنه ورفاقه صاروا يعتزون كثيرا بحفاوة الإستقبال التي صاروا يحظون بها في وطنهم في كل مرة يحلون به وبطريقة الوداع الرائعة التي صاروا يغادرون بها في كل مرة، وقال: “الأمر يدل على أن الأمور تحسنت بما أننا في وقت سابق كنا ندخل ليلا خفية مثل السارق عندما يسطو على منزل أو محل أو ممتلكات غيره”، ومن الصدف أن الصورتين كانتا حاضرتان هذه المرة دفعة واحدة، صورة استقبال رائع لدى قدومهم من أجل المشاركة في مباراة صربيا الودية وصورة مغادرتهم صبيحة أمس نحو أنديتهم الأوروبية في صمت رهيب وكأنهم لم يكونوا هنا أصلا، وهو أمر وإن دل على شيء فإنما يدلّ على أن أنصار المنتخب الوطني الذين يعشقون الكرة حتى النخاع بل يتنفسونها أكثر مما يتنفسون الهواء غاضبون وممتعضون من الخسارة التي مني بها المنتخب سهرة يوم الأربعاء على يد المنتخب الصربي، ومستاءون من ذلك المردود الشاحب الذي قدّمه الجميع بدون استثناء. سيظلون أبطال أم درمان، لكن إذا إستفاق سعدان ومهما يكن سيظل الأبطال أبطالا في نظرنا رغم مرارة الخسارة، فمثلما كانوا بالأمس في أعيننا أبطال أم درمان سيبقون كذلك لأننا لا يمكننا أن نحكم عليهم بالموت قبل الأوان، والأمر يتعلق بخسارة في لقاء ودي تحضيري لا أكثر ولا أقل، لكن وحتى لا تشوه صورة هؤلاء الأبطال فما على “شيخ” المدربين رابح سعدان الذي نبقى نفتخر به بما أنه مهندس وصانع ملحمة أم درمان إلا أن يستخلص الدروس من لقاء صربيا مثلما قال، ويتفادى تكرار الأخطاء التي ارتكبها سواء المتعلقة بقائمة اللاعبين الذين وجّه لهم الدعوة والتي ضمت المصاب والعائد من الإصابة حديثا والغائب عن أجواء المنافسة منذ فترة طويلة، فضلا عن الأخطاء التكتيكية التي كرستها الخطة المنتهجة التي لم تعط ثمارها سوى نادرا كلقاء كوت ديفوار مثلا أو لقاء مالي. سيستقبلون بحفاوة لدى عودتهم، لكنهم مطالبون بالتدارك وعلى محترفينا ألا يتحسّروا لأنهم غادروا أرض الوطن هذه المرة في هدوء وصمت لأنهم سيستقبلون لدى عودتهم في شهر جوان المقبل بحفاة لا نظير لها لأن الجزائري بطبعه مسامح وينسى الكبوات بسرعة، ونحن ندرك أنها حقا كبوة جواد تعترض الصغير والكبير، لكنهم مطالبون يومها على الأقل عندما يغادرون مجددا نحو جنوب إفريقيا بأن يتداركوا كل ما فاتهم ويعوضوا الأنصار هذا الوجه الشاحب بوجه آخر أفضل في بلد “نيلسون مانديلا” أمام منتخبات لا تقل قوة وقيمة عن منتخب صربيا، كإنجلترا، سلوفينيا والولايات المتحدةالأمريكية. -------------------------------------------------------- ناقد إنجليزي يُرشح الحضري إلى حراسة مرمى إنجلترا في المونديال في تعليق ساخر له على الوجه الباهت الذي ظهر به حارس المنتخب المصري خلال المباراة الودية التي جمعت المنتخبين المصري والإنجليزي أول أمس الأربعاء على أرضية ملعب وامبلي والتي انتهت بفوز أشبال كابيلو بثلاثة أهداف لهدف، أكد ناقد صحيفة “ميرور” الإنجليزية دان سيلفر بأن الحضري بإمكانه حراسة شباك المنتخب الإنجليزي خلال نهائيات المونديال رغم الأخطاء الفادحة التي ارتكبها في لقاء الأربعاء، وخاصة في لقطة الهدف الثاني للإنجليز حين عجز الحضري عن صد تسديدة ضعيفة للاعب رايت فيليبس، وفي موقف يعكس سخريته واستهتاره بحارس منتخب الفراعنة قال سيلفر بأن المنتخب الإنجليزي سيكون محظوظا جدا إذا ما واجه خلال المونديال حراس مرمى على شاكلة الحضري لأن أشبال كابيلو لن يكونوا في حاجة لبذل مجهودات في الهجوم ما دام ثمة حراس يساعدونهم في تحويل الكرة نحو الشباك.