تتواصل في هذا العدد جولتنا عبر أزقة ودروب القصبة بمدينة الجزائر العاصمة حيث نجد بالقرب من محافظة الشرطة وعلى اليمين منزل قديم صغير يدعى منزل الذكرى المئوية وقد بني عام 1930 إحتفالا بمروع مائة عام على إحتلال فرنسا للجزائر،وإستخدمت في بنائه مواد قديمة من المنازل التي هدمها الفرنسيون كالساحات والأعمدة والخزف والخشب المنقوش وغيرها وقد تحولت هذه الدار اليوم إلى مقر مديرية الثقافة لولاية الجزائر وتواصل الزيارة نزولا بإتجاه شارع المغاربة الواقع في سيدي رمضان وهنا تبدأ مدينة الأمير بولوغين بن زيري وينتهي بشارع سيدي رمضان إلى ساحة صغيرة تطل من خلالها على خليج الجزائر العاصمة من جهة اليمين ، ومن اليسار يوجد مسجد سيدي رمضان الذي يرجع تاريخ بنائه إلى القرن الخامس عشر وهو أقدم مسجد في القصبة مع المسجد الكبير ومئذنته ذات الهندسة المعمارية المغاربية وفي أسفل المسجد نجد حنفية سيدي رمضان العتيقة وهو الشيخ الذي كان يدرس علم الفلك والجغرافيا لتلاميذ الزاوية المجاورة للمسجد وبعده سلالم مؤدية إلى شارع بربروس وزفاقه المغطي ومنه إلى شارع القصبة وهذا أطول شارع إذ يوجد به 474 سلمه وعلى جانبيه منازل القصبة القديمة بنوافذها المزينة بالرسومات الحديدية دون أن ننسى أزقة القصبة التي ينتشر فيها الصناع الحرفيون المختصون في الأواني النحاسية الذين يمتلكون من الحرفة منذ أكثر من مائة سنة وبعدها طريق الشيطان بسبب متاهاتها حيث نجد أحد باعة المصنوعات النحاسية والبرونزية المستخدمة للزينة والديكور ثم يأتي شارع عربجي بإتجاه أسفل القصبة حيث توجد قصور الفترة العثمانية ومدرسة الجزائر العاصمة ومقام سيدي عبد الرحمان الثعالبي وعدد من أضرحة الأولياء الصالحين الأخرين إضافة إلى قبور الباشاوات والدايات. ويمكنك زيارة القصبة إنطلاقا من حي سوق الجمعة لتجد نفسك مقابل قصر خداوج العمياء الذي أصبح اليوم متحفا للفنون والتقاليد الشعبية الذي يجب زيارته لمعرفة أسطورة الأميرة خداوج وبالقرب منه يوجد قصران آخران هما دار الصوف وهو المكان الذي كان الداي مصطفى باشا يخزن الهدايا التي تقدم إليه وتميز بوابة القصر بالفخامة والجمال وبجوار دار الصوف يوجد قصر مصطفى باشا الذي يعد أحدى التحف المعمارية وكان مقرا لإقامة هذا الداي. فقصر مصطفى باشا أودار مصطفى باشا قد يني عام 1798 وبه مئات القطع من الخزف الإيطالي والجزائري والتونسي، وعدد كبير منها كان يشير إلى سفن الأسطول الجزائري خلال السنوات الذهبية للبحارة الجزائريين. وبعد الخروج من قصر مصطفى باشا الذي أصبح اليوم متحفا للمنمنمات وفن الخط ،نجد حمام الداي الذي كان يعرف بحمام سيدنا الذي بناه مصطفى باشا إبن الباي خير الدين خلال النصف الثاني من القرن السادس عشر الميلادي وغير بعيد عن هذا الحمام يصادفك قصر أحمد باي الذي تحول اليوم إلى مقر مديرية المسرح الوطني الجزائري، ومقابل هذا القصر المحكمة الحنيفية أي المحكمة التركية. وفي القصبة معالم تاريخية عديدة منها قصر عزيزة إبنة الداي حسين الذي يعتبر تحفة معمارية وقد إستخدم منذ عام 1830 إلى مقر لرجال الدين وتحول اليوم إلى مقر لديوان تسيير الأملاك الثقافية. ومقابل قصر عزيزة يوجد قصر حسن باشا الذي حول خلال الإحتلال الفرنسي إلى مقر للحاكم العام للجزائر وأخيرا نجد مسجد كتشاواة التي وسعها حسن باشا وحولها الفرنسيون إلى كاتدرالية منذ عام 1832 للقد بني هذا المسجد العثماني على هضبة كانت تقام فيها سوق الماعز وباللغة التركية تعني كلمة كتشاواة هضبة الماعز.