صدر عن مخبر البحوث الإجتماعية والتاريخية بجامعة معسكر، العدد الرابع من مجلة الناصرية، وقد تميّز العدد الجديد بحجمه وبمحتواه وبشمولية أبحاثه، كما عوّدنا على ذلك الطاقم المشرف على هذه المجلة المتخصصة، حيث امتد العدد الرابع على أكثر من 550 صفحة جمعت بين طياتها 30 بحثا ودراسة تمحورت كلها حول موضوع «الحرف والمهن في المغرب الأوسط» وهي بحوث ودراسات ساهم بها أساتذة جامعيون من 13 جامعة جزائرية (ثلثهم من جامعة معسكر) ممن أطروا فعاليات الملتقى الوطني الأول حول الموضوع السالف الذكر، تكريما للباحثة المتخصصة في التاريخ العثماني الدكتورة عائشة غطاس التي وافتها المنية في ماي 2011 ووصفها الدكتور أبو القاسم سعد الله «بفقيدة البحث العلمي» في كلمة تأبينية لها نشرتها الصحافة بمناسبة عيد الطالب في 19 ماي 2011، 9 أيام بعد إنتقالها إلى رحمة الله، وقد تضمن العدد الرابع من الناصرية كلمة تأبينية مؤثرة أخرى للفقيدة بقلم رئيس تحرير المجلة الدكتور ودان بوغفالة ذيّلها بعرض موجز حول تصور الدكتورة عائشة غطاس حول موضوع «الحرف والحرفيين» من خلال المقاربة الإجتماعية الإقتصادية التي أقامتها للحرف والحرفيين بمدينة الجزائر العاصمة بين 1700 و1830 في أطروحتها لنيل شهادة الدكتوراة وخلصت إلى تفنيد الرأي القائل بأن إحدى خصائص المدينة العربية ندرة الموظفين الحضريين وكذا مقولة الفوضى العارمة التي روجتها الدراسات الغربية التي تفتقر إلى أي سند تاريخي». مدير المجلة أبرز في كلمته للعدد الرابع من «الناصرية» أهمية البحوث المدرجة في العدد الجديد من منطلق «ما لدراسة تاريخ المهن من أهمية في الإحاطة بتاريخ الشعوب والأمم والمجتمعات، بعيدا عن التاريخ الرسمي الذي استأثر بإهتمام جل الباحثين والمؤرخين، ولكي تتعرف الأجيال الحالية، على أن أسلافهم قد بنوا حضارة راقية وشامخة بالجد والكد، وتثمين قيمة العمل واحترام الوقت، لا بالتراخي والتهاون والإستهتار بالوقت واحتقار بعض الحرف والمهن...» افتتاحية العدد خصصها رئيس التحرير الدكتور بوغفالة ودان لاستعراض عناوين المساهمات وأصحابها ومنها مساهمة الباحثة مصدق روبي من جامعة معسكر التي تناولت فترة المسالك الوطنية النوميدية لتبحث مسألة تواصل الحرف وصانع الفترة القديمة مع الفترة الإسلامية، كما درست الأستاذة سمية مزدور من جامعة سكيكدة مستوى معيشة التجار والحرفيين في المغرب الأوسط، كما استقطبت الفترة الزيانية باهتمام جل الباحثين لوفرة المصادر الخاصة بهذه الفترة التي تطرق إليها أكثر من 10 دارسين. كما إنفردت بعض الحرف والمهن بدراسات خاصة كمهنة القضاء بمدينة بجاية للباحثة مريم هاشمي وصنعة التصوير للأستاذ بلحاج معروف من جامعة تلمسان وحرفة البناء للأستاذ اسماعين من جامعة الجزائر وغيرها من الدراسات التي أبرزت الإنعكاسات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والدينية، لنشاط الحرفيين والمهنيين في المغرب الأوسط وفي مختلف العصور والحقب، مما يجعل العدد الرابع من مجلة الناصرية، مرجعا هاما في هذا الموضوع للطلبة والباحثين على حد سواء.