إرتدت الأعراس الجزائرية حلة جديدة متخلية عن ثوبها التقليدي المزركش بكل ألوان العادات المتوارثة عن الأجداد والجدات وشيئا فشيئا طفت إلى السطح ألوان أخرى غير مرغوب فيها على الأقل لأنها لا تمت لتقاليدنا بصلة لكنها مطلوبة كونها تخرج عن المألوف وتبعث المزيد من النشاط والسهر تقاليد دخيلة هي بمثابة مشاريع إستثمارية تكلف صاحب العرس ليخرج صاحب المشروع بأرباح ضخمة في ليلة واحدة وكلها مجرد شكليات الهدف من خلالها التباهي والظهور وكلام الناس حضرال »DJ« وغابت المداحات و ظهرت النڤافات والسيارات الفخمة لموكب العروس الذي يشترط أن يتزين هو الآخر بمختلف أنواع وألوان الورود كلها شكليات وأشياء ثانوية مكلفة هي التي جعلت الشباب يعزف على الزواج لأنه من الضروري أن يفعل كما فعل أصدقاءه وأقرباءه وجيرانه عليه أن يوفر كل تلك الطلبات التي أضحت في المقدمة ومن الأوليات وكلها مشاهد عصرية تواكب التطورات الحاصلة وبالموازاة هي تقليد أعمى لسلوكات بعيدة عن مجتمعنا لا يأتي من وراءها إلا الإفلاس خاصة وأن مثل هذه الأعراس لا يوجد فيها فرق بين الثري والمسكين وهذا الأخير عليه أن يتدين حتى يقيم حفل زفاف يتكلم عليه كل شباب ورجال ونساء الحي والنتيجة يتحملها لوحده وهكذا حال الأعراس الوهرانية اليوم ال» DJ« يفقد نكهة الفرحة غابت المداحات والقعدات »الزينة« ليظهر صخب ال »DJ« تاركا آثاره السلبية بإسم التطور والعصرنة التي خربت نظام التقاليد وأفقدت الأعراس الجزائرية توازنها وخصوصيتها التي كانت تميزها عن باقي حفلات الزفاف في العالم ولم تعد اليوم الأعراس الجزائرية تختلف عن الحفلات الأوروبية وسهرات الملاهي الليلية فالظروف فرضت على من شاء أو أبى إستعمال »الديدجي« حتى أنه أصبح من الضروريات وإلا فالعرس لن يسمى عرسا بدون صخب وفوضى و صراخ وإختلاط إلى الساعات الأولى من الصباح أو بالأحرى عند آذان الفجر في حين أن هناك من يواصل السهر حتى في الصباح وهنا يمكن المقارنة فتقاليدنا التي صرنا نخجل منها كانت تصنع الألفة بين الأحبة وتجعلهم يلتقون ويستمعون إلى أغاني المداحات ويتكلمون ويسمحون ولا أحد يشتكي أو ينزعج بل العكس الكل يتسلى ويطرب آذانه بالموسيقى والأغاني التراثية التي عادة ما تحمل أمثالا وحكم حطم ال »DJ« كل تلك العادات واحتل مكانة مرموقة وصار يحضر في كل المناسبات السارة حتى أعياد الميلاد وهكذا فإن الجيران مضطرين إلى السهر في غرف نومهم مع دوي الموسيقى المختلطة إلى الصباح ويصل ذلك الإزعاج المقلق إلى كل سكان المنطقة لأن مكبرات الصوت موزعة لتوصله إلى كل الجهات وهكذا كانت الحياة المعاصرة والشباب الذين كسروا العادات يا حسراه على قعدات المداحات إفتقدت الأعراس الوهرانية إلى النكهة الأصيلة التي كانت تطبعها وتميزها وتعطيها لمسة فنية خاصة وفريدة من نوعها تصنعها قعدات المداحات وهي قعدات تبقى راسخة في الذاكرة والمداحات عبارة عن فرقة غنائية تتشكل عادة من مجموعة من النسوة تؤدين أغاني المديح وعلى أساسها سميت بالمداحات أو تقدمن أغاني من التراث الوهراني في كلمات قصائد منثورة تحمل وزنا ومعنى وتعتمد سهرات المداحات على إيقاعات راقصة بإستعمال آلات موسيقية تقليدية كالبندير والطبل المعروف في الغرب الجزائري ب»الڤلال« وكذا آلة الرباب الشهيرة والتي ترتبط دائما بالموسيقى الشعبية أو المداحات كانت فرق المداحات تدعى من قبل صاحب العرس من أجل تنشيط أجواء الإحتفال وإعطاءها نفسا إبداعيا كما كانت الأعراس قديما تقام على البساطة التي تطرح بدورها البركة ولا يمكن أن يمر عرس بدون حضور المداحات التي كانت عادة تحرص عليها الأمهات والجدات إلى أن اندثرت أمام صخب ال»DJ« وكانت تعطي ذوقا جميلا للعرس المقام في خيمة منصوبة في الساحة مقابل منزل صاحب الفرح وهناك تجتمع المدعوات حول حفلة المداحات والراغبة في الرقص عليها أن تدفع وهكذا فرض النظام في الأعراس التقليدية وكل ذلك أصبح من ذكريات الماضي المنسية الشيخ حميد :»عبدو أساء إلى فن المداحات« صرح الشيخ حميد مغني المداحات الذي بدأ مشواره في هذا الطابع منذ 1991 إلى جانب الشيخ رشيد والشيخ سيد أحمد أن طابع المداحات له جذور أصيلة وهو يدخل في الأغنية الوهرانية والبدوي فقط لحقت به تطورات في الآلات الموسيقية وبقيت كلمات الأغاني تتوقف على مبادئ كل مغني فإذا كان هذا الأخير حسن الخلق فإن كلماته ستكون كذلك والعكس وأضاف قائلا: »الغناء الطايح خسر الحالة وعبدو وأمثاله أساؤوا لفن المداحات« وذكر أن هذا الطابع الأصيل كان قديما له قيمة كبيرة وكانت فرقة المداحات تنشط كل الأعراس الوهرانية وأعراس ولايات الغرب الجزائري عموما ولكن بدأت تفقد مكانتها بظهور شباب لم يحافظوا على الكلمة التراثية الموزونة وراحوا يرددون أي شيء وكل شيء ما جعل الكثير من العائلات المحترمة تنفر من هذا الغناء وتعمم الحكم القاسي في حين أن الأصالة و الكلمة النقية لا تزال عند المشائخ وأكد رحو حميد المعروف بالشيخ حميد صاحب الصوت القوي والبحة المتميزة أنه يعتمد في أغانيه على كلمات قديمة من التراث وبعضها يقوم بتأليفها يصف فيها حال الدنيا وهموم الشباب أو مواضيع تمس الواقع وسجل حميد ألبومين ويحضر لتسجيل ألبوم جديد من كلماته بعنوان »القلب المعطوب« فضلا عن هذا ينشط العديد من الأعراس مرفوقا بآلة الرباب وشارك في عديد الأسابيع الثقافية لوهران وله رصيد مميز ومشوار متألق يمثل به طابع المداحات القديم ويحافظ على روح الكلمة التراثية.