سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وزير المجاهدين الطيب زيتوني يدعو في حوار ل"الجمهورية" الردّ على "الوهراني" بانجاز الأشرطة و الأفلام القيّمة وبكتابة التاريخ لما يعلم الفرنسيون ما اقترفه أسلافهم سيعتذرون
اعتبر وزير المجاهدين السيد الطيب زيتوني أنّ أفضل رد على فيلم "الوهراني " هو انجاز أعمال تاريخية تليق بعظمة الثورة و بأبطال وهران، ودعا المجاهدين في حوار أجرته معه جريدة "الجمهورية" إلى الإدلاء بشهاداتهم و المساهمة في كتابة تاريخ الثورة معتبرا ذلك من حق الجزائر والأجيال الصاعدة، وقال أنّ مصالحه في اتصالات دائمة مع البلدان الشقيقة والصديقة لاسترجاع الأرشيف الوطني الذي تحتفظ به وليس مع فرنسا فقط، ويرى وزير المجاهدين أنّ ما اقترفته فرنسا من جرائم لا إنسانية بالجزائر، هو أفظع بكثير من ذلك وطالب بالتسمية المعتبرة ، وأجابنا وزير المجاهدين على عدد من الأسئلة التي تهم المجاهدين و الجزائر، كتجميد منح صفة المجاهد ،وملف الذاكرة، و قانون المجاهد و الشهيد، و تفاصيل أخرى تجدونها في هذا الحوار. * يجب أن نتجاوز مرحلة التنديد بخصوص فيلم "الوهراني" ونقابله بأعمال تاريخية راقية. * جزء كبير من التاريخ كُتِب، لكننا نبحث عن المزيد * ثورتنا كبيرة و عظيمة، لا يمكن الزجّ بها في خانته ضيقة أو تقزيمها * نجري اتصالات مع جميع البلدان لاسترجاع أرشيفنا و ليس مع فرنسا فحسب * كاتب التاريخ يجب أن يكون ذا ضمير * 10 بالمائة فقط من بنود قانون المجاهد و الشهيد لم تطبق و هي قيد إعادة الدراسة و التنقيح * أضعف الإيمان أن نقيم معالما لرموزنا وأبطالنا * لنا مع فرنسا علاقات اقتصادية و ثقافية لكن بيننا تاريخ يجب أن يُفصل فيه * ندوة دولية حول التعذيب و التنكيل و التشريد و التدمير و الاغتصاب بوهران في ماي المقبل * ما اقترفته فرنسا في الجزائر ليس جريمة ضد الإنسانية فحسب بل هو أفظع من ذلك * أغلب الأجانب الذين شاركوا في ثورة التحرير منحت لهم صفة العضوية * الظاهرة التي تحدث مع مذكرات المجاهدين صحية و الدور على المؤرخ للتحقيق والتدقيق في صحتها. * فرنسا ستعترف عاجلا أو آجلا بذنوبها في الجزائر * سنجعة من متحف المجاهد بوهران مركز إشعاع علمي وثقافي يليق بالولاية الخامس * الجمهورية: تطرح الضجة التي أثارها فيلم " الوهراني" أكثر من سؤال ، وسؤالنا : ما هو رأي وزارة المجاهدين حول ما اعتبرته الأسرة الثورية إهانة لمجاهدي المنطقة ووهران ؟
*وزير المجاهدين : نحن الآن أمام أمر واقع ، بمعنى أنّ الفيلم صدر ، وكَتبت عنه الجرائد، كما بُثّ على مستوى بعض قاعات السينما ،وليكن في علم الجميع ، أننا في وزارة المجاهدين، نرفض رفضا قاطعا تشويه سمعة التاريخ والثورة والمجاهدين ، لنا تحفظات بالنسبة للاسم لأننا بحاجة في هذه الفترة بالذات لأن نجمع ولا لأن نفرق ، ونوحد لا أن نشتت ،لقد اتصلنا بوزارة الثقافة ،وهذه الأخيرة أسست لجنة للتحقيق ،نعمل فيها معا لتسوية هذا الخطأ ، لكن الذي يجب أن يعرفه العام والخاص ، هو أنّ الدفاع عن الثورة ومكاسب الثورة ليس احتكارا على وزارة المجاهدين وفئة المجاهدين وذوي الحقوق ،وإنما هي من صلاحيات كل الجزائريين ،وفق الديمقراطية والشفافية واختلاف الآراء ،بمعنى أنّ المجتمع المدني هو الذي يدافع بالدرجة الأولى عن مثل هذه الأمور والمستجدات ، وبخصوص الفيلم المعني ،كما صرحنا سابقا ، فكل ما يسيىء للثورة ، نرفضه رفضا قاطعا ، وكل ما يدعم الثورة ندعمه ماديا ومعنويا بكل ما أوتينا بقوة. والوهراني هو جزائري ، وجزء لا يتجزأ من الجزائر ، ما أطلبه من المواطنين ، هو أن لا نبقى في مرحلة التنديد ، هناك جماعة من الناس قالت أنها ستقوم بوقفات احتجاجية أمام الإدارات أنا أقول : لا ،يجب أن نتجاوز مرحلة التنديد ، أتمنى أن يُقابل هذا العمل بوقفات ترحم بمقابر الشهداء ، كمقبرة عين البيضاء ومداغ ..يجب أن ندعم ذلك بتنظيم حملات تنظيف لهذه المقابر ، يجب أن نقيم احتفالات وننظم ندوات بالجامعات والمؤسسات التربوية وبالمرافق والهياكل التاريخية.. ردّ الفعل يجب أن يكون بهذه الكيفية وبهذه الطريقة لا غير . أُنجِز فيلم الوهراني.. نُنجز نحن أفلاما وأشرطة أخرى والوزارة مستعدة لتدعيم مثل هذه الأعمال ونوجه نداءنا عبر جريدة "الجمهورية" ، إذا ما كانت هناك أعمال تثبت مشاركة المواطنين في الثورة التحريرية الكبرى ، من إعداد إعلاميين أو كتاب او فنانين ، عبر جميع الولايات ،فنحن ندعمها .... لا يجب أن نبقى في مرحلة الدفاع، فأحسن دفاع هو الهجوم ، وهو ما يجب أن يكون بطريقة علمية وثقافية وحضارية ،يجب أن نحترم تاريخنا ونمجد شهدائنا ..نطالب من المجاهدين بأن يلتحقوا بالمدارس والجامعات ومراكز التكوين ، يلتقون بالتلاميذ والطلبة بالتحاور والمحاضرات و معارض الكتب ...ندعو للمشاركة كل من شارك في ثورة التحرير وخاصة المتواجدين بولاية وهران، من المحكوم عليهم بالإعدام ومعطوبي الحرب و أرامل الشهداء وأصولهم والمجاهدين الذين ما زالوا على قيد الحياة .. نقيم تكريمات لهؤلاء في احتفالات لرد الاعتبار لهذه المدينة ، وبهذه الطريقة يكون الجواب على هذا الفيلم ومخرجه . *الجمهورية :لا تنسوا معالي الوزير أنّ مخرج فيلم "الوهراني" ، إلياس سالم نال بإمارة أبو ظبي جائزة أحسن مخرج شاب؟ * وزير المجاهدين : لا يهمني إن نال الفيلم جائزة أم لم ينل ، فما يهمني كما سبق وأن قلت ماذا نفعل نحن ؟ هذه الأيام سيُبث العرض الأول لفيلم الشهيد كريم بلقاسم ،وقبل نهاية السنة سيتبعه فيلم العقيد لطفي ،ثم في الأيام القادمة، سنشرع في تصوير فيلم الشهيد العربي بن مهيدي ، كما انجزنا 30 شريطا وثائقيا .. وهكذا يجب أن يعتني جميع الجزائريين بالجانب التاريخي ، ويهتمون بإظهار معاناة الشعب الجزائري خلال الاستعمار الفرنسي .. كتابة التاريخ هي مسؤولية الجميع وفي مقدمتهم المثقفين والباحثين ، فالتاريخ قاسم مشترك بين الجزائريين ، وعندما نجهل تاريخنا ، فإننا نقزم من ثورثنا التي هي من أعظم الثورات.... أقمنا قبل أيام ملتقى دوليا بولاية الشلف ، حضره أجانب جاؤوا لتمجيد مآثر الثورة وخصال المجاهدين الجزائريين والانعكاسات الإيجابية لهذه الثورة العظيمة على الدول الأفريقية والآسيوية ،شهادات لم تُذكر سابقا ،هناك صحوة داخل الوطن وخارجه ، ومرة أخرى أدعو جميع المجاهدين للادلاء بشهاداتهم.. نقود حاليا حملة كبرى لجمع هذه الشهادات ، و كل ما له علاقة بثورة التحرير الوطني ،وثائق و أشياء ورموز متحفية ..وبهذه الطريقة نجيب على كل من تخول له نفسه مجرد التفكير في المساس بثورثنا العظيمة برجالاتها وإنجازاتها ، وقد سطرنا في إطار الاحتفال بستينية الثورة برنامجا ثريا يجب أن يدعمه ويثريه الجميع.. حان الوقت لتبليغ الرسالة للأجيال الجديدة وإعطاء كل ذي حق حقه . *الجمهورية :أترون أنه لا يزال هناك مجاهدون لم يدلوا بعد بشهاداتهم ، وإلى متى نظل نطالب بكتابة التاريخ ؟ *وزير المجاهدين: يخطئ من يقول لا يوجد هناك كتابة للتاريخ ،هنا جزء كبير كُتب ، وهو موجود في المكتبات و في المتاحف وفي مركز الدراسات والبحث العلمي... والآن نبحث عن المزيد ، عندنا وسائل سمعية بصرية جدّ متطورة وأمضينا اتفاقية مع وزارة الاتصال والمديرية العامة للإذاعة الوطنية ،اعددنا استديوهات للتسجيل على مستوى المتاحف الولائية والمتحف الوطني ... ورغم ذلك لا نظن أنّنا أدينا دورنا كما يجب وينقصنا الكثير إلى آخر يوم من أعمارنا ... مساحة الجزائر كبيرة وثورتنا أكبر وأعظم ، لا يمكن أن نجزّ بها في خانة ضيقة تسيء إليها أو تقلل من قيمتها . *الجمهورية :على ذكر الأرشيف هناك اتفاقا بين الجزائروفرنسا لاسترجاع هذه الذاكرة المسلوبة ،ولكن لحدّ الآن لا يوجد أية نتائج ملموسة ؟ *وزير المجاهدين :ما يوجد بمركز الأرشيف الوطني ، وما يوجد بالمتحف الوطني ومركز الدراسات والبحث في الحركة الوطنية يكفي لكتابة التاريخ ، وهذا لا يعني أننا لا نطالب باسترجاع الأرشيف المتبقي ، فنحن في اتصالات مع وزارة الخارجية وفي تنسيق مع مصلحة الأرشيف الوطني لاستعادة أرشيفنا من جميع البلدان وبدأت العملية تعطي ثمارها ، وذلك بالاتصال والتفاهم مع بعض البلدان الشقيقة والصديقة للثورة التحريرية ، كالبلدان الاشتراكية سابقا والبلدان العربية .. ثم فالأرشيف عند الجزائريين ، وأذكر على سبيل المثال أنني دخلت بيوت بعضهم فوجدت عندهم متحفا ومكتبة ، قد يستفيدون منها بالفعل هم أو أبنائهم ، لكن من حق جميع الجزائريين الاطلاع عليه ، ومن حق الجميع ،من طلبة وباحثين ومختصين في التاريخ الاستفادة منه ، كما يجب منحها لمصالح الأرشيف ، وهي صدقة جارية ، وأمانة ، آثم قلبه ، من يتكتم عليها أو يخبئها ،فهي تختزن تاريخا كبيرا ، هي ماضي الشعب الجزائري وحاضره ومستقبله . *الجمهورية :في رأيكم ، عندما يكتب المؤرخ الجزائري ، يكتب بحرية ؟ *وزير المجاهدين:الذي لا يستطيع أن يكتب بحرية ، لا يملك ضميرا ،يجب أن يكون من يكتب التاريخ ذا ضمير ، أمّا الذي يكتب التاريخ ،ويقول أنه لم يكن حرا عند الكتابة ،فتاريخه ناقص ..من يكتب التاريخ يجب أن يكون على دراية وعلى يقين بما يكتب .. و أن يكتب بدون خلفيات ، وبدون حسابات ضيقة ، ويكتب بحقائق وأدلة ، وبعد سماع جميع الأطراف . *الجمهورية : هل تضم مصالح وزارتكم ، تقنيات أو وسائل للتأكد من مصداقية الشهادات التي يدلي بها المجاهدون ؟ *وزير المجاهدين :طبعا يوجد مجلس علمي على مستوى مركز الدراسات ، ومجالس علمية بالمتاحف ،متكونة من أساتذة جامعيين ومختصين في التاريخ ، وكلهم من الكتاب الكبار ،مهمتهم التدقيق في هذه الشهادات وتصحيح الأخطاء حتى توضع هذه الشهادات تحت تصرف الباحثين والطلبة . *الجمهورية :أين وصل قانون المجاهد والشهيد ؟ وزير المجاهدين: قانون المجاهد والشهيد هو قيد التطبيق، وقد صدر كما تعلمون في 1999 ،90 بالمائة من بنوده طبقت نهائيا و بقيت 10 بالمائة تحتاج إلى مراجعة ، وقد نصبنا خلية لهذه المهمة ، تضم مختصين سيهتمون بإثراء وتعديل هذه المحاور وتنقيحها . *الجمهورية :تخليد الشهداء ورموز الجزائر من شخصيات و أبطال ،بالمجسمات والمعالم التذكارية ،(طريقة فرنسية ) هل هي في نظركم الطريقة التكريمية الأمثل ، وهل في إمكاننا ان نؤسس أفكارا وطرقا أخرى لتكريم هذه الرجالات : وزير المجاهدين :نحن في عالم واحد، ولسنا منغلقين على أنفسنا ،كبداية يجب أن نضع معالم تذكارية لمراكز التعذيب ولسجون الثوار وللأماكن التي سقط فيها الشهداء وأبطال الثورة ،فأضعف الإيمان أن نقيم معلما لكل ذلك ، لماذا ؟ حتى نُعلِم الآخرين بها، وكي نبرزها في كتابة التاريخ ، و نُعرِف بها الجيل الصاعد ، نفعل ذلك لتقصي حقيقة الوقائع من وراء هذه المعالم ،ليعلم الجميع أنّ الحرية لم تأت هكذا من العدم ،بل جاءت بعد كفاح مرير ..فمنذ 1830 وفرنسا تحطم الإنسان الجزائري ، وكل ما يرمز لأصالته من لغة ودين ، والحمد لله ،كسرت ثورة نوفمبر شوكة الاستعمار ، بعد بسالة وثبات ..بقي الآن كيف نكتب هذا التاريخ وهذه الأحداث ..ومقابر الشهداء هي إحدى هذه المعالم التي ننطلق منها في كتابة التاريخ ،وليكن في علمكم أنّ بالجزائر يوجد 1301 مقبرة شهداء ، تجمع رفاة أكثر من مليون ونصف مليون شهيد ،ومن الشهداء من لا يزالون في المطامير ، فبولاية غليزان التي حظيت بزيارتها ، تُقبر في بئر واحدة رفاة 350 شهيد ويوجد في بئر ثانية ، 250 رفاة أخرى ،كلها أدلة قاطعة على شراسة الاستعمار الفرنسي ،وأدلة قوية على بطولة الشهداء ، الذين قدموا أنفسهم ثمنا لتحيا الجزائر ،و إنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز أن نمجد هؤلاء ونخلدهم بالمعالم والاحتفالات والكتابات التاريخية والأفلام والأشرطة الوثائقية ...نفعل ذلك ، كي يعلم الجيل الجديد بالجزائر، كما سبق وأن ذكرت أنّ أسلافه كانوا أبطالا وأنّ الفرنسيين خرجوا من بلادنا مهزومين ومعهم الحلف الأطلسي ,.. لقد كنا في نظر المستعمر أقل رتبة من الدواب والبهائم ...يحكي لي أحد المجاهدين ، أنه كان يعمل حمالا، وكان يستعين بالحمير في عمله، لكن فرنسا كانت تحجز سلعهم وتضربهم لما تكون هذه المواد والوسائل محملة على ظهور هذه الحيوانات ، وتتركهم يمرون بسلام إذا كانت موضوعة على ظهورهم..إذن يجب أن يعرف الشباب الجزائري كيف تحصل آباءهم وأجدادهم على الاستقلال ..لقد زارني أحد المحكومين عليه بالإعدام بمكتبي ولدى مغادرته أوصاني بالقول : "حافظوا على الأمانة ولا تنسونا .."... الأمانة هي الجزائر ، أما لا تنسونا ، فكان يقصد بها ، ذكِّروا الأجيال بأننا ضحينا لأجل أن يحيوا ونموت نحن .. وقد أخبرني الدكتور طيبي بقصة مؤثرة جدا ، وقعت بإحدى القرى بولاية تلمسان ،" أنّ العساكر الفرنسيين باشروا في أحد الأيام التفتيش عن أحد المجاهدين ،وبعد أن عثروا عليه سقط شهيدا ،وحاولوا الاعتداء على زوجته ، وكان لديها رضيعين توأمين ،فهربت بهما إلى الغابة ، فلحق بها الفرنسيون ، ولما حل الظلام عادوا أدراجهم إلى الدشرة،لكن المسكينة أحاط بها الذئاب ، فاحتارت في كيفية تخليص نفسها ، فإن هي عادت سيُهان شرفها وإن بقيت ستنهشها وأبنائها الحيوانات المفترسة ، فارتأت أن تضحي بأحد فلذات كبدها ، فسلمته للذئاب حتى تتمكن من إنقاذ أحدهما .. إنها قمة التضحيات ، ومثل هذه الشهادات لها قيمة في كتابة التاريخ .. لا نسمح بأن يكتب تاريخنا من الخارج ومن وراء البحار،من فرنسا التي تكتب ما تريد .. نحن لسنا ضد فرنسا ، لنا معها علاقات اقتصادية وتجارية وثقافية ، لكن بيننا تاريخ يجب أن يُّفصل فيه عاجلا أم عاجلا ، ونحن بصدد تحضير ندوة دولية حول التعذيب والتنكيل والتشريد والتدمير والاغتصاب ، وندعم ذلك بكتب أصدرها ضباط فرنسيون ، ندموا على ما فعلوه في الجزائر، وهناك كُتّاب ومحامون فرنسيون أيضا أصدروا مذكرات كتبوا فيها عن أبشع ما اقترفته فرنسا في حق الشعب الجزائري الأعزل ..فخط شارل وموريس ، شهادة وأرشيف ، وكذلك القنابل المزروعة تحت الأرض ، التي مُنحنا خرائطها في اتفاقية "أوتاوا " ،لكنها تغيرت بفعل العوامل الطبيعية والجوية وأزيحت هذه القنابل عن أماكنها الأصلية ، وأصبحت تقتل اليوم أكثر مما كانت تقتل بالأمس ففي العريشة بتلمسان قتلت هذه الألغام قبل شهر طفلين وأُصيب الأب والأم بجروح بليغة ..كيف نسمي كل هذا ؟ كيف نسمي 8ماي 1945 ، كيف نسمي القائمة اللامحدودة للمُعدمين والمحكوم عليهم بالإعدام ، كيف نسمي أرامل الشهداء ، كيف نسمي كبار المعطوبين المبتورين الأطراف والعينين ..ما وقع ضد الجزائر وفي الجزائر ليس جريمة في حق الإنسانية فحسب بل هو أفظع من ذلك،يجب أن نبحث في قاموس تسمية هذه الجرائم التي وقعت بالجزائر ، وهذا لا يعني أننا ضد الفرنسيين ، فهناك فرنسيون شاركوا إلى جانبنا في الثورة .. فرنسيون دافعوا في ندوة الشلف عن القضية الجزائرية وتعذبوا من أجل الجزائر ، هناك فرنسيون يملكون حاليا شهادة العضوية ، وطالب بعضهم بأن يُدفن في الجزائري ،و في هذا السياق نعكف على تنظيم ندوة خاصة بأصدقاء الثورة وتكريم هذه الشخصيات (رجالا ونساء ) التي وقفت إلى جانب الحق ضد الباطل *الجمهورية: على ذكر أصدقاء الثورة ، نعلم أنّ للجزائر أصدقاء من دول كثيرة ،من فنزويلا وكوبا ومن المغرب وتونس ... هل تسمح القوانين الجزائرية بمنح صفة المجاهد ( العضوية ) لهؤلاء؟ وزير المجاهدين : أغلبية الأجانب الذين شاركوا إلى جانب الجزائريين في الثورة التحريرية الكبرى ، منحت لهم صفة العضوية وإذا كان هناك آخرون ، فقادة الثورة الموجودين على قيد الحياة ، يعلمون من شارك ومن لم يشارك ، لدينا أرشيف يذكر المشاركين في ثورة التحرير ، بعضهم كانوا منضوين تحت لواء جيش التحرير الوطني ومسجلين في وزارة الدفاع الوطني ، وعندنا من هم مسجلين لدى وزارة العدل ، وجميعهم نرحب بهم ونكرمهم. *الجمهورية :على ذكر التكريمات ،ألا ترون معالي الوزير أنّ بعض الامتيازات الممنوحة لهذه الفئة ، تمس بكرامتهم ، مثلا كالاستفادة من رخص سيارات الأجرة أو شهادات اقتناء السيارات من الخارج التي تسمح لهم ببعض التخفيضات لدى مصالح الجمارك؟ وزير المجاهدين : والله ، إذا كنتم ترون أنّ هذه المنحة أو رخصة سيارة الأجرة امتياز، لست أدري كيف سنكرم هؤلاء المجاهدين ..بوهران مثلا هناك من استفاد من رخصة سيارة الأجرة ببعض البلديات، لكنه لم يجد لمن يؤجرها..هناك من المجاهدين من لا تكفي منحته عائلته ،لقد استقبلت مجاهدين طلبوا مني شخصيا أن نسحب منهم المنحة التي يتقاضونها ،ونوفر لهم بدلا عنها مناصب عمل لأبنائهم ..مثل هذه الامتيازات تضمن للمجاهد على الأقل معيشة محترمة وتجنبه السؤال .. ما الذي مُنِح للمجاهدين ؟ هم فئة بسيطة ،نعرف مثلا الأغنياء بوهران ، لا يوجد بينهم مجاهدون ..مثل هذا الكلام مجرد باطل أُريد به حق ..ما يُمنح للمجاهدين وأرامل الشهداء ببلادنا أقل مما يُمنح لهذه الفئة ببلدان أخرى ،الذي يعتبر رخصة سيارة الأجرة أو المنحة الضئيلة لذوي الحقوق امتيازا لست أدري كيف سيرى المجاهد في المستقبل ؟...هل نترك رموزنا تتسول ؟ هل نترك المعطوب الذي يعيش بدون أطراف يبحث عن لقمة العيش؟ عيبٌ ذلك ، ما يمنح للمجاهدين هو من حقهم ، وبالعكس هم يستحقون أكثر من هذا بكثير ، وأنا أظن أنّ كل الشعب الجزائري في تكريمه للمجاهدين ، لا ينظر إلى هذه الأمور من هذه الزاوية .. *الجمهورية:في ظل هذا العالم الذي أصبح قرية ، غني بمواقع التواصل الاجتماعي ، اليوتوب ، الفايسبوك ..أين موقع وزارة المجاهدين من هذا التحول التكنولوجي ؟ وزير المجاهدين : وزارة المجاهدين تواكب هذا الجانب العلمي المتطور ولهذا قمنا بما يلي : دشنا معرضا للذاكرة بوسائل تقنية متطورة ، يتناول تاريخ الجزائر عبر الشاشات والمواقع ومختلف الأجهزة الالكترونية،من 1830 إلى موعد رفع العلم الوطني فيي 1962 ؟ ومثل هذا المعرض مبرمج بوهران وبقسنطينة و ورقلة ،ولنا أيضا في كل ولاية ملحقة وسنضع في كل ولاية متحفا يليق بعظمة ثورة الجزائر ..يبقى أن نكتب التاريخ بأسس علمية متينة وواضحة ، الاسمنت المسلح الذي يزيد من قوتنا ووحدتنا هو الثروة الطبيعية التي نملكها التي وهبها الله عز وجل لبلادنا ، والكفاءات والحمد لله موجودة .. فقط يبقى على الجزائريين والجزائريات أن يعتنوا بالتاريخ والعلم والمعرفة .. ونحن قادرون على أن نوصلها إلى أحسن مما هي عليه الآن ، الآن الجزائر ورشة ، إنجازات ضخمة في كل ولاية ،ابتدائيات بكل حي ، اكماليات وثانويات ومدن جامعية ، ومساكن توزع هنا وهناك ، تسهيلات في استخراج الوثائق من مصالح وزارة العدل ومن مصالح وزارة الداخلية ونفس الاجراءات أقرتها وزارة المجاهدين بشأن شهادة العضوية التي يمكن الآن استخراجها من جميع الولايات بعدما كان يقتصر ذلك في السابق على الولاية التي جاهد فيها المجاهد أو استشهد فيها الشهيد كما فوضنا إطارات بذات الولاية لإمضائها نيابة عن المديرالولائي للمجاهدين في حالة غيابه .. ملفات إعادة النظر في المنح ، التي كانت تنتظر منذ 5 سنوات تم دراستها ،ولم يبق منها إلا مااستقبلته مصالح الوزارة قبل شهرين، ونعمل جاهدين لتسوية جميع الملفات قبل نهاية السنة ،وسنستمر في التخفيف من جميع الاجراءات وسنحارب البيروقراطية وكل من يتسبب في البيروقراطية ... *الجمهورية : أدلى مؤخرا بعض رموز الثورة من شخصيات بارزة ،بكلام وتصريحات تنتقد رموز ثورية أخرى ،هل ترون أنّ هذا التشكيك في جانب من التاريخ الجزائري ، جاء في وقته المناسب ، وهل هو من اللباقة ؟وأمَا كان من الواجب أن يكون هذا التراشق بعيدا عن الصحافة ؟ *وزير المجاهدين:بكل ، صراحة ،وبكل بساطة ،أعتبر ما يحدث شيئا ايجابيا ، أولا هنا كتابة ، ثانيا هناك ديمقراطية ، ثالثا هناك شفافية ،يكتبون وينتقدون بعضهم البعض ، ربما في الماضي لم تتح لهم الفرصة ، ولم يقدرون على الكتابة ، الآن الظاهرة التي تحدث مع مذكرات المجاهدين ،ايجابية وصحية،ومن دور الباحث والطالب والمؤرخ التحقيق في المعلومة وتقصي الحقيقة ، و ارجاع الصواب لهذه التصريحات ، الكتابة والتراشق شيء ايجابي ، فهذا يبرهن أنّ هناك ديمقراطية وهناك صحوة في كتابة التاريخ .. *الجمهورية:ولمّا تتعلق هذه الانتقادات برموز كزهرة بيطاط و ياسف سعدي وما حدث بينهما بين قوسين من "اتهامات" وتشكيك في بعض المواقف التاريخية ؟ وزير المجاهدين:ربما تناقشوا على جزئيات ليس إلاّ، لأنّ الهدف هو الاستقلال وربح المعركة ، الجزئيات هي للأشخاص ، أمّا التاريخ فنتيجته تحكم عليه وهذا هو الأهم ، والأهم أننا طردنا الاستعمار ، ووحدهم المختصون والباحثون في التاريخ يعود إليهم أمر مراجعة هذه التفاصيل وتنقيحها والتدقيق فيها .. *الجمهورية: الكثير من الجزائريين يستفسرون عن أسباب تجميد الاعتراف بالمجاهدين الذين لم يقدموا وثائقهم للحصول على العضوية لسبب أو لأخر، ما هو موقف وزارتكم مع مثل هذه الملفات؟ * وزير المجاهدين: ليس من اختصاص وزارة المجاهدين الاعتراف بعضوية المجاهدين هناك لجنة مخصصة لهذه المهمة ، منح العضوية توقف في 2002 بطلب من مؤتمرات المنظمة الوطنية للمجاهدين، ثانيا الذي يشهد و الذي هو عضو في اللجنة والذي يقوم بالتحقيق هم أفراد من المجاهدين، أما الوزارة فدورها تقني إداري بحث، و ليكن في علمكم بأن أبواب الاعتراف بالعضوية افتتحت في 1963 ، بمعنى أنّ الذي ولد في 1962 و لم يعايش الثورة يكون سنه مطلع 2015، 53 سنة، فهل يعقل أن نسال اليوم عمن شارك أو من لم يشارك في الثورة في ظل هذه الحسابات والمعطيات،أظن أنه من غير المنطقي فعل ذلك، أما إذا كان هناك مجاهدون لم يقدموا وثائق عضويتهم لسبب أو لآخر فقادة الولايات لم يتوفوا كلهم، وأظن أن شهاداتهم كالقائد عفان أو العقيد حسن أو البطل ملاح أو عضو مجموعة22 المجاهد بن عودة، (الله يشفيه)، سترفضها وزارة المجاهدين وكذلك الشأن لجمعيات المحكوم عليهم بالإعدام أو الذي يملك شهادة المسجون (وزارة العدل)...لكنني أقول أن الأغلبية الساحقة نالوا حقوقهم.... *الجمهورية: ملف الذاكرة أو مطالبة فرنسا بالاعتراف ثم الاعتذار،حول ما ارتكبته من جرائم لا إنسانية...بفرنسا مجلس الشيوخ استصدر مجموعة من القوانين تجرم رد الفعل ضد عساكرها بالجزائر و أخرى تمجد الحركى، إلى متى يظل هذا المطلب الشعبي حبيس أدراج المجلس الشعبي الوطني؟ وزير المجاهدين: أحسن جواب هو كتابة التاريخ و أحسن اعتراف أن نبلغ رسالة الشهداء والمجاهدين والأبطال للأجيال الصاعدة...ونحن بصدد الاحتفال بستينية الثورة ننظم ندوات محلية ووطنية ودولية، الشهادات تسجل بوتيرة سريعة، وبعد جمعها نعمل على ايصالها للآخرين بما فيها الأجيال بفرنسا، ولا أظن ذلك ببعيد .. لمّا يعلم الفرنسيون بشاعة ما فعله أسلافهم في الجزائر والجزائريين سيعتذرون ويندى لهم الجبين ويندمون، ونحن بالجزائر سنبرهن أن الثورة الجزائرية قوية سواء اعتذرت فرنسا أو لم تعتذر، وفرنسا عاجلا أم آجلا ستعترف بذنوبها في الجزائر ولكن أقولها للتاريخ أن ّ الموقف الرسمي الفرنسي بدأ يتغير، لماذا؟ لقد كانوا يسمون الثورة في الجزائر بأحداث الجزائر وها هم يسمونها اليوم بحرب الجزائر، أتمنى أن يتطور هذا الموقف إلى الاعتراف، والاعتراف يتبعه بطبيعة الحال الاعتذار و التعويض المادي والمعنوي، كما فعلته بعض البلدان، وخاصة فرنسا مع ألمانيا، كلكم تعلمون أن الفرنسيين عانوا الويلات من النازية، لكنهم عاملوا الجزائريين بأكثر من ذلك، سنقول للفرنسيين هؤلاء هم أسلافكم...ونحن سنفتخر بأسلافنا، لكن أنتم بماذا ستفتخرون ؟....هناك تطور في الموقف الفرنسي ونتمنى أن يتقدم أكثر ، لكننا نقول أننا لا نكتفي بالاعتذار بل بالتعويض المادي والمعنوي وإلى ذلكم الحين نعكف نحن على كتابة التاريخ بأسس صحيحة ومتينة وننسق في ذلك مع جميع الوزارات والمصالح. * الجمهورية: هل سطرت وزارة المجاهدين أحداثا بارزة تختتم بها ستينية الثورة؟ * وزير المجاهدين : الحدث البارز كان في البداية بملحة الجزائر وستكون هناك أحداث أخرى خلال الستيتنية كلها، هناك اصدارات تكلمنا عنها وسيناريوهات لأفلام موجودة بمركز الدراسات سيدرسها المجلس العلمي وسنشرع في تصوير وقائعها قريبا * الجمهورية: نعود إلى وهران ، هل من موعد محدد لتدشين معرض الذاكرة؟ * وزير المجاهدين: وهران استفادت من معلم تاريخي هو قيد الانجاز سيكون جاهزا في الثلاثي الأول من 2015، يرمز إلى ثورة التحرير الوطني، تموله وزراة المجاهدين، انطلقت الأشغال به، أما بالنسبة لمتحف المجاهد فهو في وضعية سيئة للغاية أنجزت له مديرية المجاهدين لوهران دفتر شروط مرّ على لجنة الصفقات بالولاية، لكنها أقرت بعض التحفظات...لكن خلال الأيام القليلة القادمة ستنطلق أشغال تجديده، وسنجعل من متحف المجاهد بوهران مركز إشعاع علمي وثقافي وتاريخي يليق بوهران وبالولاية الخامسة التاريخية و بالجهة الغربية من الوطن. * الجمهورية : لأسباب ما ، تراجعت دوليا سمعة الجزائر ومعها سمعة الثورة الجزائرية ما هي في نظركم الكيفية التي يمكن لنا أن نستعيد بها هذه الهيبة. *وزير المجاهدين : عظمة الثورة الجزائرية معترف بها عند الصديق والعدّو ، وما زالت سمعتها تدوي في العالم أجمع ... أمّا قيمة الجزائر ، فقد استرجعت في عهد الرئيس بوتفليقة الذي وحّد الجزائريين من جديد وعمل على إنعاش الاقتصاد الوطني أتراك ، بريطانيو وفرنسيون ... أصبحت الجزائر محجاً لهم هذه الأيام ، يأتونها للاحتكاك بالتجربة الجزائرية وللظفر بفرص الاستثمار ... لقد مرت الجزائر في السنوات الماضية بمرحلة صعبة لكنّها استعادت مكانتها القوية الواضحة ، التي تبشر بالخير ... والجزائر اليوم تسير في الطريق الصحيح ، هناك تعددية حزبية وإعلامية وهناك ديمقراطية الحكومة تتكفل بحل المشاكل الإجتماعية للجزائريين وسنرفع التحدي ونكون جنوداً لخدمة هذا الوطن ، وبإلتفاف الجميع وخاصة الشباب المدعو الى المساهمة في تنمية البلاد ، سيكون مستقبل الجزائر مشرق إنشاء اللّه.