تعززت الآليات القانونية الرامية إلى حماية الأسرة عموما و الأطفال القصر بوجه خاص من التشتت، بدخول "صندوق النفقة الغذائية" حيز التنفيذ عقب صدوره مؤخرا في الجريدة الرسمية، حيث تم تحديد إجراءات الاستفادة من مستحقاته المالية. فبموجب القانون رقم 15-01 المؤرخ في 4 يناير 2015 و المتضمن إنشاء صندوق النفقة، تضاف لبنة جديدة إلى الترسانة القانونية التي تهدف إلى حماية الأطفال القصر و المرأة المطلقة الحاضنة من خلال تخصيص مبلغ مالي لها في حال تخلي المدين عن دفع النفقة. و تعد هذه الآلية تجسيدا لتوجيهات كان قد وجهها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في الثامن من مارس المنصرم لمباشرة التفكير في إمكانية إنشاء صندوق مخصص للنساء المطلقات اللواتي يتكفلن بأطفال قصر. و يأتي هذا الإجراء تكملة للإجراءات التي تضمنتها مراجعة قانون الأسرة الذي جاء لتكريس مساواة أكبر بين الزوجين و ضمان حماية أفضل للأطفال و تحقيق الانسجام العائلي، حيث يظل هذا القانون "قابلا للتحسين في بعض الجوانب المادية على غرار الصعوبات التي تعترض بعض النساء المطلقات اللواتي تحصلن على حضانة الأطفال من أجل استرجاع النفقة الغذائية". و مع بداية الإعداد لهذا المشروع و طوال فترة مروره على غرفتي البرلمان أثار هذا الإجراء جدلا واسعا و ردود فعل متباينة ما بين مؤيد له و معارض حيث رأى البعض بأنه سيتسبب في ارتفاع حالات الطلاق و الخلع و تشتت الأسر فيما سانده البعض الآخر بحكم أنه إجراء يحمل طابعا إنسانيا من شأنه أن يحفظ ماء وجه المطلقات الحاضنات و يبعد عنهن الإهانة، مستبشرين في ذلك بنجاح هذا الإجراء في دول عربية و إسلامية شقيقة. غير أنه و في آخر المطاف، حاز هذا الإجراء على مصادقة نواب المجلس الشعبي الوطني و أعضاء مجلس الأمة بالإجماع. و في ذات الإطار، يشير القانون الصادر في آخر عدد من الجريدة الرسمية، إلى أن دفع المستحقات المالية للمستفيد من الصندوق يتم في حال ما "تعذر التنفيذ الكلي أو الجزئي للأمر أو الحكم القضائي لمبلغ النفقة بسبب امتناع المدين بها عن الدفع أو عجزه عن ذلك أو لعدم معرفة محل إقامته". و بالنظر في مواد هذا النص، يلاحظ أنه تمت مراعاة حساسية الموقف الذي لا يحتمل تأخير تنفيذ الإجراءات، حيث ينص القانون المذكور على أن بت القاضي المختص في طلب الاستفادة من المستحقات المالية يتم في أجل "أقصاه خمسة أيام" على أن يتم تبليغ الأمر إلى كل من الطرفين (الدائن و المدين) "في أجل أقصاه 48 ساعة". و في حال وجود أي إشكال يعترض الاستفادة من هذه المستحقات، يفصل قاضي شؤون الأسرة فيه في أجل "أقصاه ثلاثة أيام"، على أن تتولى المصالح المختصة الأمر بصرف المستحقات للمستفيد في أجل "أقصاه 25 يوم" من تاريخ التبليغ. كما حدد القانون أيضا كيفية تحصيل إيرادات الصندوق و التي يتم اقتطاعها بوجه خاص من مخصصات ميزانية الدولة و مبالغ النفقة التي يتم تحصيلها من المدينين بها و الرسوم الجبائية أو شبه جبائية التي تنشأ وفقا للتشريع المعمول به لصالح هذا الصندوق فضلا عن الهبات و الوصايا.