قدمت الجمعية الثقافية "مسرح المدينة" لوهران أول أمس بالمعهد الجهوي الموسيقي أحمد وهبي العرض العام لمسرحية " الحيط " التي كتبها " بن امحمد محمد" و أخرجها على الخشبة " الطيب رمضان" ، العرض يرصد مجموعة من الظواهر والآفات الاجتماعية المتفشية في المجتمع الجزائري وبالتحديد في المجتمع الوهراني كالبطالة ، السرقة ، أزمة السكن ووضعية الفنان ببلادنا ، كما يكشف عن سوء بعض العادات ومظاهر الحياة العادية كالسكنات الهشة و الأحياء القصديرية، حيث وظف مخرج العمل في مسرحيته نصا سرديا يعكس من خلاله مجموعة من القضايا الجادة التي باتت تؤرق المواطن الجزائري وتشكل هاجسا كبيرا لديه ، دون أن يهمل بطبيعة الحال الطابع الفكاهي الساخر الذي كان أكثر تأثيرا على المتلقي الذي تفاعل بدوره مع المشاهد الناقدة لهذه الظروف الصعبة و توغلات الكاتب الجادة في مشاكل الشباب من خلال عبارات محلية باللهجة الوهرانية وإيحاءات رمزية معبرة . ورغم أن فكرة العمل لم تكن جديدة من ناحية التناول المسرحي ، إلا أن طريقة الطرح ومظاهر التجديد في المعالجة لفتت انتباه الجمهور وحلقت به في سماء الأجواء المألوفة والمعاشة في المجتمع الوهراني ، حيث حاول المخرج " الطيب رمضان " إدراج الدراما والفكاهة معا في المسرحية من أجل إماطة اللثام عن حال المواطن الجزائري المطحون بين الأمل والضغوط الاجتماعية الراهنة التي تحيط به من كل جهة، كما أن الديكور الذي صممه الفنان "هواري رحال " المتخرج من معهد الفنون الجميلة بوهران خدم فكرة النص و أعطى صبغة جمالية استهوت المتلقي و حازت على اهتمامه ،ضف إلى ذلك أن مجريات الأحداث ومواقف الشخصيات ساهمت بجلاء كبير في بلورة الجوانب الجمالية والأبعاد الفنية ، ناهيك عن الآداء المسرحي الجيد للممثلين اللذان ظهرا بأقنعة مبتكرة وأزياء فريدة من نوعها صممت باللونين الأبيض والأسود مع استعمال خطوط عريضة في القماش تتماشى مع الموسيقى والسينوغرافيا ويتعلق الأمر بكل من الممثل " فتحي الحاج الشوتي"، و " ياسين أورابح "، أما بطل القصة الممثل " بن امحمد محمد " فقد جسد عدة شخصيات بأزياء مختلفة دون أن يضع القناع . وفي هذا الصدد فإن حيثيات المسرحية تدور حول " امحمد " الذي يسميه أولاد الحي ب " الحيط "نسبة إلى الجدار الذي يقف عنده يوميا حاملا مذياعه الصغير ، خصوصا أنه شاب جامعي بطال لا يملك وظيفة تعيله ولا منزلا يأويه باستثناء" الحوش " الهش الذي يقيم فيه رفقة عائلات أخرى تعاني هي الأخرى من أزمة السكن ، على غرار عمي مقران " الكناس "، " بوعلام " ، " كادير " الفنان،" صادق فريرو " وغيرهم من الشخصيات التي تحلم بحياة أفضل ومستقبل أحسن ، وما زاد الطين بلة هو قرار هدم البناية الهشة التي يقيمون فيها بسبب مشروع تجسيد طريق وبالتالي هدم الجدار الذي كان يحتمي به " امحمد "، الذي يبدو أنه فقد معنى الحياة خاصة بعد زواج ابنة جيرانه " الطاوس " التي كان يحبها منذ مدة .