تم مساء أمس بقاعة سينما المغرب بوهران، عرض فيلم "لطفي" أحد وجوه الثورة التحريرية المظفرة الذي استشهد في ميدان الشرف وعمره لا يتجاوز ال26 سنة. وقد شهد عرض "لطفي" لمخرجه أحمد راشدي، حضور معالي وزير المجاهدين الطيب زيتوني وكذا والي الولاية والعديد من الوجوه الثورية بوهران، واستمتع الحاضرون بالمشاهد المثيرة والجريئة التي تضمنها هذا العمل السينمائي الثوري الهادف، بدءا بالمشوار النضالي الكبير للعقيد لطفي وكيف قام حينما كان طالبا في الثانوية الفرنسية الإسلامية بتلمسان بتعليق نداء أول نوفمبر 1954 الذي وجهته جبهة التحرير الوطني للشعب الجزائري. واكتشف المشاهدون في الجزء الأول من الفيلم، مسار الشهيد لطفي ذلك "الشاب المناضل والمتعلم" الذي يدعى "دغين بودغن بن علي" والمنحدر من عائلة مثقفة بتلمسان، إذ أنه كان مولعا بالأدب ومن المرتادين الدائمين على "المدرسة" وثانوية المدينة. وبعد أن صار محل بحث من قبل الشرطة التحق "بن علي بودغن" بالجبل وعمره لا يتجاوز ال 21 عاما بالولاية التاريخية الخامسة (وهران) ليشرف على قيادتها بعد ذلك بقليل، حيث اختير له الاسم الثوري "براهيم". و تتسلسل أحداث الفيلم بسرعة من خلال مشاهد المعارك على حساب تدرج "براهيم" في رتب جيش التحرير الوطني. أما الجزء الثاني من هذا العمل السينمائي فيعطي لمحة عن هذا المناضل، حيث أوكلت له قيادة الولاية التاريخية الخامسة برتبة عقيد سنة 1958، ويظهر العقيد لطفي بمدينة وجدة إلى جانب وجوه ثورية بارزة مثل العربي بن مهيدي وعبد الحفيظ بوصوف وهواري بومدين. و برز العقيد لطفي الذي كان عضوا في المجلس الوطني للثورة بمواقفه، حيث كان يرفض"تفضيل العسكري على السياسي في تشكيلة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، كما كان يطرح مسألة غياب المرأة المجاهدة في القيادة". وبعد أن عبر عن انشغالاته أمام "عقداء" الثورة أخذ لطفي طريق بشار مجتنبا خط "موريس" و"شال" ليسقط في ميدان الشرف في 27 مارس 1960 بجبل بشار. وما ينبغي ذكره في هذا المقام، فإن هذا الفيلم الثوري أعطى دعما وثائقيا وإضافيا حول مسار المجاهد في شقه العسكري. و بغض النظر عن الجانب التقني اعتمد مؤلفو السيناريو خطابا مباشرا، حيث لم يتركوا المجال لقراءة شخصية من قبل المشاهد. ويعد "لطفي" ثالث فيلم للمخرج بعد "مصطفى بن بولعيد" (2009) و"كريم" (2015) كما مثل فيه نفس الممثلين (حسان كشاش ومصطفى لعريبي) وهو ما يوحي للمشاهد بأنه يتابع سلسلة مغلقة في نفس الخيال الإبداعي.. تجدر الإشارة إلى أن الفيلم الذي تبلغ مدته 170 دقيقة جاء ليلخص بعناية تامة سيرة ذاتية لهذا المجاهد البطل، حيث حاول أحمد راشدي قدر المستطاع إخراجه بطريقة فنية حديثة ورائعة، علما أن إنتاجه تكفلت به وزارة المجاهدين استنادا إلى سيناريو كتبه المؤلف القدير الصادق بخوش. إذ يعتبر الفيلم مرجعية وثائقية مرئية لتاريخ الثورة الجزائرية ويندرج في إطار سلسلة من الأفلام التي تخلد القادة التاريخيين للحرب الثورية المباركة.