-التحضير للامتحان يبدأ من بداية السنة -الإعداد التربوي و النفسي كلاهما ضروريان لكسب الثقة في النفس -الأساتذة و الأولياء قدوة للتلاميذ إيجابا أو سلبا - من مقاييس الاطمئنان على سلامة الاستعداد هو الالتزام بالمنهج التربوي في هذا الحوار الذي خص به " الجمهورية " , المستشار و المدرب في التنمية البشرية , السيد مشاي عبد الكريم , استعراض لأهم النصائح و الإرشادات للطلبة المقبلين على امتحان البكالوريا و لأوليائهم , لتمكينهم من الاستعداد النفسي و البيداغوجي دون إفراط و لا تفريط لإجراء الامتحان بسلام و تحقيق النجاح المبتغى , إذ يؤكد الخبير أن التحضير المبكر , والثقة بالنفس , و تفهم الأولياء و الأسانذة , و التقيد بالمنهاج التربوي , و المراجعة المنظمة , الاستعانة بالدروس الخصوصية عند الاقتضاء , واحترام قواعد الإجابة عن الأسئلة , والاعتماد على النفس , هي عناوين النجاح في أي امتحان ...
"الجمهورية":ماهي الطريقة الصحيحة للتحضير الجيد للامتحان؟ الأستاذ مشاي عبد الكريم: لما نتكلم عن التحضير للامتحانات, فأفضل شيء أن يبدأ الطالب في وقت مبكر في هذه المهمة أي منذ بداية السنة، و الذي يكون لديه رغبة في النجاح ينطلق مبكرا في المراجعة ليتفادى تراكم الدروس. و مع ذلك إذا حدث وأن تراخى التلميذ في الفصل الأول او الثاني, يمكنه دائما ان يستدرك الوضع, من خلال اعادة جدولة زمنه, وترتيب أفكاره ,وبرمجة الأوقات, بحيث يكثف من الجهد المطلوب, وهذا قد يحقق له نتائج, لكنها لن تكون كتلك اتي يحققها من بدا التحضير منذ بداية السنة. وأفضل طريقة للنجاح في الامتحان هي المذاكرة المرتبة الجيدة المبكرة ,ثم الاستعداد النفسي و الثقة بالنفس لدى الطالب. فهو أحيانا يكون مدركا لكل الدروس ولكن الخوف و الارتباك الذي يحدث له في الامتحان, يحول بينه وبين المعلومة ,وتصبح هذه الأخيرة في غير متناول يده بالرغم من انها موجودة, لكنها تتوه في دم جهازه العصبي وتفلت منه وتعود اليه بعد الانتهاء من الامتحان. وهذا هو الارتباك الذي يؤثر أحيانا على كثير من الطلبة الذين استعدوا من الناحية التقنية وراجعو جيدا, لكنهم لم يستعدوا من الناحية النفسية. لذلك نحن نحرص على الاثنين؛ أن يكون هناك استعداد من حيث الحفظ والمراجعة والتلخيص؛ ويكون هناك أيضا استعداد لتفادي الوقوع في فخ الخوف والقلق والارتباك, وهما وجهان لعملة واحدة لا يستغني أحدهما عن الاخر. "الجمهورية": ما هو دور الأولياء في هذه الفترة وكيف يمكن أن يكون لهم تأثير إيجابي على نفسية الممتحن؟ الأستاذ مشاي عبد الكريم: دور الوالدين, هو عدم الضغط على أبناءهم, حتى لا يكونوا سببا من أسباب التوتر. وألا يخافوا أكثر من الممتحن نفسه, ويبدون وكأنهم هم من سيجتازون الامتحان. وبدلا من ذلك يجب ان يقوموا ببعث الاطمئنان في نفوس أبنائهم,كما يجب الا يسمحوا لهم بالانغماس في المراجعة الى درجة مفرطة مبالغ فيها, فلا افراط ولا تفريط ,وعليهم العمل على خلق التوازن ,وخلق فرص الاستجمام والراحة والرياضة, ولا يكونوا لا مبالين, فدور الاولياء هو حفظ التوازن ,وحفظ العلاقة وحفظ الدور. فهم يعتبرون سندا ودعما مهما , لذلك يجب الا يكونوا ضاغطين, ولايكونوا غير مبالين, ويشغلون أنفسهم في الاهتمام بالأكل الصحي،وأوقات النوم الصحي، وكذلك الصحبة الصحية لأبنائهم المقبلين على الامتحان ,ويكونون مرافقين ان استطاعوا وان لم يستطيعوا يستعينون بمختصين او بأساتذة .وافضل شيء يقوم به الولي هو التشجيع والدعم وبعث الحماس .وعلى الاباء والامهات أيضا الا يضعوا ابناءهم أمام شرط أوضغط عاطفي بمعنى الحب مقابل النجاح. فالممتحن يجب أن يمتحن من أجل تحقيق أحلامه وطموحاته هو, وليس أحلام وطموحات والديه و تحقيق ما لم يستطيعوا هم تحقيقه. "الجمهورية" وما هو دور الأستاذ للرفع من معنويات الممتحن؟ الأستاذ مشاي عبد الكريم: الأساتذة لهم دور كبير جدا في تحفيز التلاميذ ,ولكنهم للأسف الشديد لا يشجعونهم ,ويعاملونهم بنوع من التعالي والقسوة .وبدل تحفيزهم, يقومون بالحط من المعنويات. وهناك أساتذة يحفزون التلميذ حتى يصبح الة للنجاح, ويكونون قدوة لهم ويحببون لهم المادة, فيستطيعون بذلك الاجتهاد فيها وبذل الكثير من الجهد,فيصبح الطالب مستعدا للامتحان. اما إذا كره الأستاذ , كره المادة , وبالتالي لا يتفوق فيها, فهي مسؤولية ملقاة على عاتق الأساتذة والاسرة التربوية ككل.
في الإمكان الاستعانة بالدروس الخصوصية عند الاقتضاء "الجمهورية":نرى أن بعض الطلبة يحبذون المراجعة في مجموعات والبعض الاخر يفضل الانفراد أي الطريقتين أنجع؟ الأستاذ مشاي عبد الكريم: أنماط التلاميذ مختلفة, البعض لهم ذكاء اجتماعي عال, وعندهم ضبط للحوار, ويستطيعون الاستفادة من اللقاء الجماعي, في توقع الأسئلة, واختبار بعضهم البعض, ولعب دور الأستاذ, وإعادة شرح الدروس ,وخلق نوع من التحدي للفهم. هنا تكون المراجعة الجماعية إيجابية. اما إذا كانت اللقاءات الجماعية مضيعة للوقت, ومشاهدة التلفاز مثلا والدردشة والتشويش, وعدم التمكن من الموضوع, فهنا من الاحسن الدراسة على انفراد. وهذا الموضوع له علاقة بنمط التلميذ, اذا كان اجتماعيا اكثر او انطوائيا اكثر. كما له علاقة أيضا بنوعية المجموعة ,و ما إذا كانت مجموعة إيجابية تسعى للحصول على نقاط جيدة, او يكون الهدف الحقيقي غير المعلن هو إضاعة الوقت . اذن فالوضع يتوقف على نوعية المجموعة وجديتها و كمية المسؤولية الموجودة في هذا النوع من الجلسات. فهناك الكثير من الممتحنين الذين انقدتهم هذه الجلسات, و البعض اضاعت لهم اوقاتهم, فنجاح المراجعة الجماعية هو موضوع نسبي.
"الجمهورية":هل اللجوء الى الدروس الخصوصية أصبح ضرورة ملحة لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة للأقسام النهائية؟ الأستاذ مشاي عبد الكريم:في الواقع الامر نسبي هنا أيضا , فالبرامج تغيرت, و العلاقة بين التلاميذ والمؤسسة تغيرت أيضا, وأحيانا يكون هناك كثافة في البرامج, وهناك أيضا انشغالات أخرى في اذهان الشباب الآن, تسببت في حدوث تشتت في أفكارهم و غياب التركيز, ففي هذه الحالات نرى أن الدروس الخصوصية أضحت ضرورية لاستدراك ما هو فائت بسبب الإضرابات تارة او التأخر في الدروس أوالمشاكل الصحية لدى الطالب أو ضعف مستوى الأستاذ حيث لا يستطيع التلميذ فهم الدرس في القسم , تارات أخرى ,و بالتالي يلجأ الى الدروس الخصوصية. و أحيانا تعتبر هذه الأخيرة حلا و علاجا أما أحيانا أخرى لا تكون الا مضيعة للوقت و الجهد و المال ولا تحدث فارقا. وضرورة الدرس الخصوصي بمقدار الاحتياج, ولا نستطيع ان نقول انها ضرورية او غير ضرورية, فهي تتوقف على مستوى التلميذ. و اذا اعطينا حكما سيكون عاما وشاملا لا يصلح للجميع, فهي خريطة فيها فسيفساء متباينة جدا بحيث لا نستطيع تقديم حكم عام. "الجمهورية": كيف يؤثر الجانب النفسي سواء كان إيجابيا أم سلبيا على تحصيل الطالب اثناء الامتحان؟ الأستاذ مشاي عبد الكريم:أولا اذا كان للتلميذ تحضير جيد, سيكون له تحصيل و فهم جيدان للمعلومات و وتوقع جيد للأسئلة و استعداد جيد . و يوم الامتحان لن يخالجه الخوف, و يستطيع التغلب على القلق الذي قد ينتابه جراء صعوبة الاختبار. فعقله التحليلي هو الذي يشتغل أي جهاز المعلومات ان -صح التعبير-، اما اذا لم يكن مستعد جيدا من الجانب النفسي, لن تكون لديه أصلا رغبة في الدراسة, و لن يكون لديه انضباط و التزام, فمرحلة الاستعداد ستكون سيئة و فاشلة, و بالتالي مقدار التحصيل يكون ضعيفا, و يوم الامتحان سيكون الطالب معرضا للقلق و التوتر والشرود ,و ضعف التركيز ويفقد السيطرة على ذاته, و بالتالي يصاب بالانغلاق, و يفتح ما يسمى بالعقل العاطفي, الذي يحتوي على مشاعر, و لا يحتوي على معلومات ,و التلاميذ في هذه الحالة يحاولون الإجابة لكن لا يستطيعون. و افضل شيء هو التوقف عن المحاولة, ليسترجع ثقته و تحكمه في نفسه و يرجع الى الانفعالات الإيجابية من خلال ضبط عملية التنفس و يأخذ فكرة إيجابيه . وهناك تقنيات نقدمها في بعض الدورات في متل هذه الحالات, تسمى "العودة الى الهدوء" في بضع دقائق, حتى يسترجع الممتحن تركيزه ثم يعود الى الإجابة. و هذه الحالة السلبية لا تحدث الا اذا كان الطالب غير مستعد نفسيا للامتحان.فالمهم ان يكون الهدف لديه واضحا. ومن اقوى الأشياء, ان يقرر و يكرر في ذهنه دائما انه يريد الحصول على الشهادة بالمعدل الذي سيوصله الى التخصص المناسب لرغبته. و الذي سيساعده للوصول الى المهنة التي يريدها في المستقبل .و هذا ما سيشكل لديه دافعا قويا لبذل الجهد ,والاستعداد النفسي هو الذي سيسمح باجتياز هذه المراحل بسلام. ظاهرة الغش متعددة الأسباب و علاجها التربية السليمة "الجمهورية":هل مرور الطالب بهذه الحالات السلبية التي تحول بينه وبين قدرته على الإجابة خلال الامتحان , هو الذي يدفعه إلى الغش؟ الأستاذ مشاي عبد الكريم: الغش له أسباب كثيرة, و المنطلق الأساسي له هو القيم. فاذا كان للطالب قيم الإتقان و الإخلاص, وما اذا كان يستسهل الغش ام لا .هذا من جانب, اما من جانب اخر, فقضية الغش هي محاكاة وتقليد, لما نرى هذا السلوك عند الاخرين يتباهون به, و من جهة أخرى فان الغش هو حل يعتمده الفاشلون الذين لا يريدون بذل جهد و يتأخرون عن المراجعة, و عندما يجدون انفسهم امام صعوبة الاستدراك يبحثون عن الحلول السهلة. و الموضوع له علاقة بشخصية الطالب و ليس بمستواه الدراسي, فهناك تلاميذ متفوقون يجرؤون على الغش, و العكس منهم من يحصلون على نقاط سيئة معتمدين على جهدهم الخاص دون غش. كما ان الموضوع له علاقة بتربية الاباء و ضغطهم على الطالب و مستوى الوعي.
"الجمهورية" هل من الضروري ان يكون هناك اتصال بين الاولياء والمختص النفسي او التربوي خلال فترة التحضير للبكالوريا؟ مشاي عبد الكريم: طبعا, اذا وجدنا ان التلميذ ليس على ما يرام او ليست له رغبة في الدراسة و المراجعة، و لا في النجاح، وليست له عادات إيجابية في الدراسة, تتأكد الحاجة الى المستشارين التربويين المتواجدين في المؤسسات، و قد نلجأ أيضا الى الأساتذة اذا كانوا مؤثرين و تجمعهم علاقة جيدة بالطالب, و على الولي البحث عن هؤلاء، كما ان هناك مختصين و خبراء نفسانيين او مختصين في التنمية البشرية يمكن اللجوء اليهم أيضا في هذه الحالة. و في حالة أخرى أيضا, اذا كان الطالب مبالغا في الدراسة و في بذل الجهد و السهر ولا يخلد للراحة . نعود في هذه النقطة الى المختصين وتعتبر استشارتهم ضرورية في حالتي الافراط او التفريط. اما اذا لاحظ الاولياء وجود انسجام والبرنامج مرضي فلا داعي لذلك. ومن مقاييس الاطمئنان على سلامة الاستعداد هو ان التلاميذ يكونون ملتزمين بالمنهج التربوي و الدوام و عدم الغياب المتكرر. و الأساتذة هم من باستطاعتهم تقييم مستوى التلميذ من خلال مقاييس الاختبارات القبلية ,التي توضح لهم مستواهم .أما الانقطاع فيضع فاصلا بين تركيز الطالب, وهنا تصبح المسؤولية اكبر على عاتق الاولياء والاسرة التربوية لمساعدة أالتلميذ للعودة الى السلوك الصحيح. "الجمهورية": أخيرا ماهي النصيحة التي يمكن تقديمها للطلبة المقبلين على الامتحانات هذه السنة ولا سيما طلبة البكالوريا؟ الأستاذ مشاي عبد الكريم:الاستعداد النفسي يساعد الطالب في التركيز على الآتي, أي عدم التفكير في المادة التي امتحن فيها، وينصح دائما أثناء الامتحان بالبدء بالأسهل, وقراءة الأسئلة عدة مرات ,فالقراءة الثانية والثالثة تسمح بالفهم, والاختيار الموفق للإجابة. كما يجدر بالممتحن ان يبدأ بالسؤال الأسهل الى الأصعب, ليضمن الحد الأدنى من النقاط ,ويكون لديه استراتيجية لا تسمح له الانخداع بسهولة السؤال. ويجب أيضا ان يخصص موازنة زمنية لكل سؤال مع ترك وقت احتياطي للمراجعة, حتى يطمئن ويكون لديه حصانة نفسية ,حتى لا يتأثر بالمبكرين من الذين يضعون أوراق الإجابة. فبعض الأشياء تسبب تشويشا على الممتحن و اذا كان على مستوى من الوعي والتحضير الجيد, فهي لن تؤثر عليه يوم الاختبار. كما لا انصح بالمراجعة في الأيام الأخيرة, حيث يفترض ان يخصص اليومان الأخيران قبل الاختبار الى الاسترخاء والاستعداد النفسي والراحة الذهنية وعدم خلط الأمور. وأتمنى النجاح والتفويق لكل المقبلين على البكالوريا وكل الممتحنين.