طوي مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي فعاليات طبعته الثامنة بعد أن كان فسحة لتسويق صورة سياحية وفنية زينها جمهور الباهية وضيوفها في ثنايا السينما العربية التي قدمت تحليلا بنظرة الفن السابع للواقع العربي من جهة ورسمت في المقابل أحلامه وطموحاته و زرعت شجرة الأمل في قلوب مشاهديه . والرهان الوحيد اليوم ،هو كيف نفتح مسامات في جسم الجغرافية الجزائرية والتقرب من السينما في الداخل و نشر أعمالهم، فالجزائر تملك من القدرات ما يكفيها للذهاب إلى أبعد مما هي عليه الآن في جميع المجالات الثقافية سواء بالنسبة للفنون التشكيلية، المسرح أو السينما ، و إنشاء مدينة سينمائية على شاكلة "هوليود" و "بوليود"، و بنك للنصوص السينمائية، و فتحه للذين لهم موهبة في كتابة السيناريو و تكون كتاباتهم محل تحويل إلى أعمال سينمائية، طالما الجزائر مهيأة لمثل هذه المشاريع و قادرة على تحويل الثقافة إلى مدر للمال. وإذا تحدثنا قليلا عن السينما وعن سحر الشاشة في وهران التي من المؤكد أن لها طعما آخر في هذه مدينة ،احتضنت عدة طبعات وتناوب عنها عدة محافظين ، كل واحد منهم أراد أن يقدم شيئا جديدا يميز مهرجان وهران للفيلم العربي لكن الشيء المؤسف ان كل واحد من المحافظين لا يكمل عند نقطة الانتهاء ليتكون نقطة بداية يستمر من خلالها فكل واحد يقدم لمسته الجديدة لكن من نقطة البداية لكن ربما الكاسب الأول والأخير هو الجمهور الوهراني الذي يريد أن يحافظ على مهرجانه السينمائي في مدينته دون التفريط فيه كبقية المهرجانات التي عرف شهادة الميلاد ثم نقلت إلى مدن أخرى تاركة الحسرة في قلوب عشاق هذا الفن أو ذاك . ويمكن القول أن مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي استطاع أن يحقق الأهم ويبعث برسالة واضحة المعالم «فلنصنع سينما عربية موحدة»، حلم يستحق التحقيق خاصة أن كل شيء جاهز وتنقص فقط إرادة بسيطة من المنتجين وصناع السينما. وأكد محافظ الطبعة الثامنة لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي إبراهيم صديقي على أن تخصص الجزائر في "السينما العربية" سيعطي دفعا للإنتاج العربي المشترك وسيفتح آفاقا واسعة أمام المنتجين العرب للتسويق لقضايا الأمة سواء من خلال فئة الأفلام الطويلة أو الأفلام القصيرة أو الأفلام الوثائقية.وكشف في معرض تقديمه للحصيلة عن فحوى اجتماع رؤساء المهرجانات العربية،" تطرقنا إلى واقع المهرجانات تحت عنوان –الجدوى- من تنظيمها وتوصلنا الى انه يجب ان يستند كل مهرجان الى جمعية من اجل الضغط والمرافعة للإنتاج العربي المشترك مع الالتفات الى واقع المهرجانات العربية في اوربا ".وفي سياق أخر اكد محافظ الطبعة الثامنة إبراهيم صديقي أن خيار تخصص مهرجان وهران في الفيلم العربي ،جعله المهرجان الوحيد في العالم العربي المهتم بالانتاجات السينمائية العربية وهو ما من شانه خلق سوق تجارية ستنتعش من دورة لأخرى .وستكون طبعات للأفلام العربية المتوجة في المهرجانات الدولية الأخرى.كما عبر عن استعداده لتبني بعض الأفكار والاقتراحات من قبيل برمجة "الفيلم الأجنبي" في فئة خارج المنافسة و تنظيم دورات تكوينية للصحفيين في "النقد السينمائي" وأيضا لفريق العمل في "التسيير". واختتم إبراهيم صديقي الندوة بالتاكيد على أن المهرجان مفتوح على القضايا العربية دون استثناء بعيدا عن السياسة "مهرجان وهران لا علاقة له بالسياسة" . الشيء الأكيد أن شعوب المنطقة تتقاسم نفس الهموم ونفس الجرح وسبق أن اشتركت في نفس التاريخ واللغة والكثير من العادات والتقاليد التي من شأنها إزاحة كل العوائق التي قد تواجه مثل هذا المشروع. والجزائر ربما البلد الوحيد أو من البلدان القليلة التي تمنح ميزانيات ضخمة لإنتاج أفلام كل هذا فقط لإنعاش السينما من جهة والمساهمة في تحسين صورة الجزائر دوليا، وإحساسا بالدور الذي يلعبه الفن السابع كقاطرة للتنمية البشرية ببلداننا. وقد عرفت وهران طيلة العشرة أيام الماضية من خلال مهرجانها السينمائي العربي ،إقبالا بارزا لنجوم السينما والفن وتنافس حقيقي للأفلام على جوائز الوهر الذهبي. وفي الأخير تبقى السينما جسور لقاء بين الشعوب، وركناً أساسياً من الحضارة والفكر، ولها دور مهم في عكس روح العصر، وإدانة التخلف، وفتح عيون المشاهد ليرى في الصورة المرئية واقعه، وظروفه، وحقيقته.