تعد ظاهرة الإعتداء الجنسي على القصر إحدى العلامات التي تفاقمت في العشرية الاخيرة إذ تعد هذه الظاهرة إحدى السلوكات السلبية التي امتزجت في مجتمعنا ولم يقتصر الاعتداء أو التحرش الجنسي على جنس واحد بل على الجنسين ذكورا وإناثا وترجع أسبابه إلى عاملين أولها نقص الرقابة من طرف الاولياء وكذا الإنحلال الخلقي في المجتمع وذلك لكثرة الوسائل الإباحية كالانترنت والفضائيات... ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل تفاقم إلى الثأر من أحد الوالدين بالتعدي على الإبن الذي يعتبر ضحية وكذا سبب آخر وهو عدم الزواج فيصبح هذا الطرف يبحث عن شهواته باستهدافه للفئات الهشة التي لا تستطيع التعبير أو التصريح عن ما يحصل لها لتبقى مهمشة وكذا حالة أخرى تعتبر خاصة وهم فئة الشواذ جنسيا أو (ذوي الإربة) فهذه ظاهرة دخيلة خارج الدين الإسلامي الذي يدعو إلى الباءة (الزواج) ليبقى في الاخير هذا الجزء من المجتمع الجاف الذي يعتدي على أطفال لا حول ولا قوة لهم إذ هتكت أعراضهم وهتكت براءتهم إذ أن التكفل النفسي هو ضرورة ملحة لتعدي هذه المرحلة التي يحس فيها الطفل أو الطفلة بأنه (قذر) وأنه لا يعني شيئا وهذا ما يجعله ينكمش ويعيش في عزلة وتتولد لديه عقد نفسية إذ يرى نفسه عبئا على الأسرة وعلى المجتمع ككل... فهؤلاء الضحايا الذين تتغير نظرتهم للحياة فكما صرح أحدهم بأنه كان يرى بمنظار وردي أصبح اليوم لا يرى سوى الجانب الأسود فقد دمرت حياته وهمشت حقوقه وحبست حريته فمن الضروري التكفل النفسي بهذه الفئة التي تعاني أكثر مما أولياؤهم الذين هم بدورهم يخفون الحقائق ولايتكلمون عما حصل لأبنائهم تخوفا من العار ونظرة المجتمع السلبية فمثل هذه الجرائم البشعة يجب أن تسلط عليها أقصى العقوبات لكي يعتبر الجناة لأن الظاهرة في تصاعد مستمر فقبل سنة 2000 كان الاعتداء الجنسي يقتصر على فئة الإناث ليصبح بالتساوي في السنوات الأخيرة وهذا ما أصبح مقلقا جدا إذ امتدت الظاهرة وانتشرت هذه الافعال التي تخدش الحياء إذ بلغت الظاهرة ذروتها فالاعتداءات الجسدية أو حتى التحرش على هذه الفئة الهشة التي تبقى رهينة الظروف الاجتماعية إذ يعتبر السن الأكثر إستهدافا من 08 سنوات الى 12 سنة لتلي فئة 12 إلى 18 سنة وأكثر الفئات استهدافا من عمر السنتين الى 8 سنوات وهناك حالات حتى الرضع البالغين 06 أشهر لم يسلموا من هذه الاعتداءات فهذه أمور لا يستوعبها العقل البشري حتى. لكنها حقيقة مرة نعيشها في مجتمعنا. أما الجانب القانوني فيرى أن عدد الضحايا في تزايد مستمر وتختلف الحالات لكنها تمس بالشرف وأن المحامين يرفضون 90٪ من القضايا التي تأتي من المتهمين في حالات التعدي الجنسي على القصر إذ تعتبر قضايا تكيف اي (جناية) ويتم الدفاع عنهم (المتهمين) في إطار المساعدة القضائية وهذا ما يعني أن المتهمين ترفض قضاياهم ويتم الدفاع عن الضحايا فقط فيما يتم الدفاع عن الجانب الظالم من طرف محام دفاع يعينه القضاء وتكون العقوبة الملتمسة في حقهم من 07 إلى 10 سنوات نافذة وانعكاسات هذه الأفعال على المجتمع تكون جد سلبية إذ يجرد الطفل من البراءة وتتولد لديه عقد نفسية وينشأ جيل غير متوازن وهنا تظهر أزمة المخنثين وحتى الإنحلال الخلقي كالعمل بهذه الفئة والمتاجرة بهم وهذا مايتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف. ومن الحالات التي عايشت هذه المأساة قاصر 17 سنة كان يمر بأزمة ضيق تنفس (الربو) ليخرج رفقة أخيه القاصر الثاني 14 سنة لاستنشاق الهواء بالليل أمام المنزل ليتعرض الإثنان للإستدراج تحت وطأة التهديد بالسلاح الابيض من قبل 04 مجهولين ليتم الاعتداء عليهما من طرف الجماعة الواحد تلو الآخر مسببين لهم حالة نفسية جد صعبة وإحساس بالذل والمهانة والحقارة فهذه حرمة انتهكت في حق البراءة... كذلك حالة أخرى تبين مدى حقارة ضمير المعتدين إذ تم الاعتداء على فتاة قاصر من طرف زوج الأم علما أن الفتاة تم تبنيها وكانت هذه إحدى حالات الطلاق بسبب غياب الضمير عند الأب المتبني... ومايحبس الأنفاس الاعتداء الجنسي على مريضة متخلفة ذهنيا من طرف جارها ليختلي بها وقت الظهيرة وعدة حالات أبطالها أصحاب المحلات الذين يستدرجون الاطفال لتقديم لهم الالعاب ومن تم التعدي الجنسي عليهم أو حتى الفعل المخل بالحياء... وحالة أخرى لم أستطع شخصيا إستيعابها من طرف شيخ يبلغ 63 سنة يتعدى على طفلة تبلغ السنتين ونصف إذ اعترف بفعلته وقال أنه انتقام لأنها تقوم بشتمه، فأين الرحمة؟ وأين تعاليم ديننا الحنيف؟ ناهيك عن حالات كثيرة يتوقف الدماغ عن التفكير بمجرد التحدث عنها أو التفكير فيها فكثيرا ما نسمع عن هذه القصص فيقشعر بدننا ناهيك هذه الفئة وأسرهم التي تعيش المعضلة بحذافرها فرحمة بالبراءة وعطفا بأبنائنا! بين مد وجزر الأحداث يبحر الضحايا في زورق الضياع في ظل انعدام الصدر الحنون الذي يبسط يد العون للضحية التي لا تملك أدنى فكرة عن ما مر به خصوصا أنهم اطفال في عمر الزهور لكنها ذبلت بسبب القذارة التي تعرضوا لها فهم يصرخون بصمت ورغم أننا نلمس نظرة براءة في عيونهم وطريقة تحدثهم إلا أن دموعهم ودموع أوليائهم تسرد وقائع مرة فعيونهم ترى العالم بوقاحة وأخرى بإكتئاب فالتعدي الجنسي على القصر يعتبر جريمة في حق الطفل الذي تكون حقوقه جد بسيطة كاللعب... إذ يصطدم بصدمة نفسية وتوصد الأبواب ويعلق قلبه وينعزل عن العالم فسذاجة الطفل وعالمه المحدود ونظرته إلى الدنيا خصوصا أنه في بداية مشواره يفقد الإحساس بالأمن والأمان وتراه دائما متخوف ويتخيل صورا يرسمها في خياله مشوشة لا تتضح لهم رغم مرور الوقت وقد يكون هذا طريق للإنحراف فيحس أنه لم ينصف في حياته وحرم من أبسط حقوقه وأنه قد يصبح هو بحد ذاته خطرا على الآخرين إذ ينتقم من أي كان ظنا منه أنه يثأر لما حدث له وهكذا يكون ضحية لأوهام ويدور في حلقة مفرغة إذ أن هناك اضطرابات في شخصيته إذا لم يتكفل بحالته نفسيا وقد تكون شخصيته غير متوازنة فأحيانا أخرى تراه يتخوف من الغير وقد لا يتقبل أي علاقة أخرى بعد الإغتصاب الذي تعرض له وأحيانا أخرى تكون شخصيته مضطربة وسلوكه غير مستقر فلا يتقبل الواقع ويمكن أن يؤدي هذا إلى الإنتحار... وتختلف الاحاسيس من الذكور الى الاناث فالذكر لا يتقبل ويتغير سلوكه سواء مع الأسرة أو الدراسة وخصوصا إذا رفضت الفكرة من الوالدين فهذا يؤدي إلى الانحراف لكن تبقى نقطة سوداء مر بها ويكون تأثيرها النفسي أكثر مما هو عليه جسدي وأن السكوت عن الأمر هو ما يؤدي إلى التدهور الكلي للحالة.