شاركت الجمهورية ليلة الأربعاء إلى الخميس ، فرع جمعية جزائر الخير بوهران ، خرجتها لتوزيع الغذاء والأفرشة على المتسولين والناس بدون مأوى الذين يبيتون بالعراء ...تفقد هؤلاء والاطلاع على أحوالهم لا سيما في هذه الأيام الباردة ، أثّر فينا كثيرا .... ونحن نحاول أن نستدرج المحرومين إلى أجواء إنسانية عائلية ...كلمات رفق وحنان ومواساة كنا نلقيها والمتطوعين من أفراد الجمعية لما كنا نمدهم بوجبات العشاء ... ....كان موعد تجمع أعضاء جزائر الخير قبل آذان صلاة المغرب بمقر الجمعية الكائن ببئر الجير ،وصلت الجمهورية في الموعد المحدد ...عند بلوغنا المكان كان الأذان يرفع على مسامعنا من داخل المبنى .. روح التطوع دخلنا المطبخ لنتفقد مدى تقدم مهمة انجاز العشاء المطبخ ، وجدناه يعج بالنساء المتطوعات من ربات البيوت والعاملات رفقة بناتهن الشابات إلى جانب مجموعة من الطالبات الجامعيات اللواتي أبين إلا أن يرافقن إخوتهن و أولياءهن المتطوعين المتطوعين ..لقد كانت وجبة العشاء عبارة عن طاجين لوبيا باللحم المرحي تقدم ساخنة لأزيد من 80 معوزا...بعد تحضير الوجبة وضعت في علب خاصة الى جانب الفاكهة والخبز والماء ونقلت الى السيارات التي كانت من النوع الكبير... ولم يفت الجمعية كسوة هؤلاء المعوزين حيث حضرت 70 كيسا يضم ملابسا خاصة بالاطفال والنساء وحتى الرجال تم تصنيفها منذ ايام كل على حدى , انطلقت القافلة متكونة من أزيد 10 سيارات متوجهة نحو الأماكن التي يتواجد بها المتشردون بوسط المدينة ..أول محطة كانت بحي المدينة الجديدة بالقرب من مصلحة الحالة المدنية ...حين بلوغنا هذا الشارع أستوقفتنا قافلة أخرى متكونة من عدد معتبر من الشباب الذين سبقونا الى هذه النقطة قاموا بتوزيع 150 وجبة ساخنة على المتواجدين بهذه الخانة التي تعرف اكبر عدد من المشردين على مستوى وهران .. اقتربنا من احد المتطوعين "مصطفى " لكن مجموعته رفضت المجموعة الكشف عن أسمائها لان الخير قالوا يتم لوجه الله وفقط و لا يحتاج الى جهر " وعلمنا منهم أن مجموعتهم من فاعلي الخير يقومون يوميا بتوزيع نحو 150 وجبة على المعوزين والمحرومين من الأشخاص بدون مأوى. رجع كل منا إلى مركبته وانطلقنا الى وجهة اخرى نحو شوارع وسط وهران امام م "دار الثقافة ,العربي بن مهيدي,لوبي , محمد خميستي " واستنفذنا أغلب الوجبات في وقت وجيز ... وجبة غذاء شردت عائلة ومن ثم الى جوار ثانوية باستور ... هنا أوقفتنا قصة عمي "رابح" ... هو يفترش الارض وبجانبه مكان فارغ ،في الوهلة الأولى حسبنا الفراش لاحد رفقائه من الشارع ،لكن عند سؤالنا له لمن هي هذه الفرشة ؟ قال انها لزوجتي وابنتي أمينة ،أنا أنتظرهما منذ سنة 1997 ليأتيا ويواسياني ويأنسا غربتي، ينامان بقربي وأحميهما.. استغربنا وقلنا له وأين هما ؟ "عند ربهما ".. وشرع لوحده يسرد قصته لنا "قال في صبيحة يوم من ايام سنة 1997 قامت زوجتي بتحضير وجبة الغذاء وهي تهم باشعال قارورة الغاز وقعت الفاجعة اذ انفجرت عليهما القرورة و انتقلتا إلى رحمة ربهما ..في نفس اللحظة والثانية تعرضت ابنتي الثالثة للحرق من الدرجة الثالثة وهي الان ببيت اختي بعين تموشنت تعتني بها وابني الاكبر اخذ من "الحرقة" طريقا للهروب من الفاجعة ومن وقتها وانا هنا اسكن الشارع رفقة أوجاعي وذكرياتي " وجب علينا ان نهم بمغادرة عمي "رابح" وفي قلوبنا غصة من قصته ... أم ترمي فلذة كبدها لتنهشها ذئاب الشارع حطتنا الرحال بساحة أول نوفمبر.. قابلتنا قصة أكثر بشاعة من قصة عمي رابح وهي حكاية الفتاة "تيحا" صاحبة 24 ربيعا صار لها أكثر من 3 سنوات وهي تفترش الأرض وتتغطى عراء السماء بعيدا عن حنان الأب الذي وافته المنية وهي لازالت طفلة ومن تم وهي تحت حماية الام فسالناها عنها ولم هي تفترش الشارع فغرغرت عيون "تيحا" مجيبة "عشت مع امي 10 سنوات خارج الوطن وفي احد ايام الصيف عدنا إلى الوطن لزيارة عائلية وعند وصولنا الى بيت جدتي تركتني هناك وفرت هاربة الى وجهة مجهولة ،اخذت معها حتى الأوراق التي تثبت هويتي و حتى جدتي استقبلتي أياما معدودات ثم رمتني الى الشارع ومن يومها وأنا على هذا الحال.... " تركنا "تيحا " بعد أن تسلمت هذه الوجبة البسيطة مع كيس ملابس ياويها برد الشتاء . تنقلنا بعدها الى الشارع الرابط بين ساحة أول نوفمبر الى غاية المدينة الجديدة حيث صادفنا منظرا بشعا ...هنالك يتواجد عدد كبير من المتشردين لا يحصى ولا يعد من بينهم أجانب من دول افريقيا يفترشون ارض هذا الشارع الذي يكون في ساعات النهار في حركة تجارية كبيرة وهو أحد الطريق الرئيسية يضيف جمالا على المدينة ،اما ليلا فيتحول إلى مأوى للمشردين والمهجرين وحتى السكرين والمجانين... منظر غير منتظر في مدينة كبيرة كوهران . ومن تم توجهنا مباشرة الى نقطة ما قبل نهاية الشارع المقابل لمركز دائرة أمن وهران ، شارع غزته فئة النسوة من المشردات ، منهن عجائز ,نساء كهلات وحتى شابات ، أخذن من هذا الشارع مكانا لاقامتهن ، كل منهن تحكي قصة يشيب لها الولدان ... واخيرا وصلنا الى محطة النقل البري بالحمري هذه الاخيرة التي تأوي مجموعة من الذين لم يجدوا سقفا يقيهم حر الصيف أو برد الشتاء جعلوا من سور المحطة مستقرا لهم ، وبهذا المكان نفذت الوجبات الباقية في بقي وبقي شيء من الملابس خاصة التي كانت مخصصة للاطفال حيث لم نصادف إلا عددا ضئيلا من هذه الفئة ... انتهت مهمة الجمعية لهذا اليوم كل منا توجه الى بيته ليلاقي عائلته وفي قلوبنا وأعيننا حيرة ومائة سؤال والف غموض لم نلق لكل هذا أجوبة . للتذكير فان هذه النشاطات التي أطلق عليها شعار "أسبوع التطوع "قد انطلقت منذ الثلاثاء المنصرم وستدوم اسبوعا كاملا حتى إتمام البرنامج بكامله .