نشط الكاتب والباحث عبد القادر بن دعماش الأربعاء الماضي بكراسك وهران محاضرة حول التراث اللامادي تمحورت أساسا ضمن أحد أبرز معالم الثقافة الجزائرية وهي الموسيقى التراثية بحيث تكلم المحاضر على خصوصية موسيقى التراث من منطلق مجال عمله وأبحاثه المعمقة التي أجراها منذ سنوات طويلة ولايزال يواصل البحث في حفل هذا الفن الواسع. وتناول اللقاء الذي حضره باحثين ومختصين في هذا المجال موضوع الشعر الشعبي والحياة الثقافية في الجزائر التي طالما كانت محط إهتمام الكثير من الباحثين وأكد عبد القادر بن دعماش في هذا الإطار أننا أمام ثقافة شعبية تضرب جذورها في تراثنا العميق وطرح سؤال قد يتبادر الى كل العقول وهو كيف وصلت هذه التقاليد الغنائية الينا؟ وكيف قطعت كل تلك السنوات بدون أن يتغير محتواها؟ وذكر بن دعماش أنه متفرغ للبحث في هذا الجانب معتمدا على الأرشيف الموسيقى الجزائري جزء لا يتجزء من التراث اللامادي الذي وصفه بخزان الذاكرة ومخبر التاريخ وتميز الشعب الجزائري عن غيره من الشعوب. وذكر بن دعماش في إطار اللقاء أن مهمته تتمحور في ابراز ومعرفة الشخصيات الفنية والموسيقية على وجه الخصوص وشعاره في هذه المهمة هو »حتى لا أحد ينسى« حتى لا تنطوي صفحة الموسيقى التراثية، وأضاف أنه من الضروري التعريف بهذه الشخصيات وأعمالها من أجل تركها للأجيال وتعريفها بتراثها اللامادي المصنف عالميا، وأشار في سياق الحديث الى أنواع الموسيقى التراثية التي قد يجهلها الكثيرون منها الفلكلور، البدوي، الأياي، والركروكي، والقبائلي، والتيندي، والشعبي، والوهرا ني، والحوزي كما ذكر أيضا أهم الأسماء البارزة في مختلف هذه الأنواع الموسيقية بما فيهم الشعراء والمطربين على غرار بن مسايب وقدور العالمي، ومصطفى بن براهيم والخالدي وغيرهم من الذين أسسوا الموسيقي جزائرية هي اليوم خزان الذاكرة الجماعية. وتكلم السيد بن دعماش في إطار النقاش عن ما وصف بالشعبي الجديد وبصفته محافظ المهرجان الوطني لأغنية الشعبي التي كانت قديما مجال تخصصه الغنائي رافضا تلك التسمية وأولئك الذين ينتهزون الفرص لتقديم أغاني لا تحمل أي جديد لموسيقى الشعبي، وأضاف أن »الشعبي الجديد« إنتشر في السنوات الأخيرة وأنه صيغة مبتكرة من طرف مغنيين جدد لم يقدموا أي بديل جديد للشعبي ونوه في هذا الصدد بمجهودات الرواد على غرار محبوباتي وحداد الجيلالي وغيرهما من الذين قدموا لمسة إبداعية جديدة لهذا الطابع الموسيقى ورغم ذلك لم يتكلموا عن »الشعبي الجديد«. هذا وذكر الباحث الكثير من الأسماء الفنية التي كانت محل بحثه المعمق بحيث بادر إلى تأليف عدة كتب ضمها المعرض الذي أقيم على هامش المحاضرة وضم عناوين متميزة تعتبر مرجعا مهما للدارسين والباحثين منها مؤلف حول الشيخ محبوباتي وكتاب »المهم في ديوان الشعر الملحون« الذي إحتوى في جزءه الأول قصائد وأشعار 11 شاعرا منهم سيدي لخضر بن خلوف وسيدي مدين الغوثي، وقصيدة للبصري، والشيخ المغراوي وبلحسن وبن مسايب وبن تركي ومصطفى بن براهيم والعديد من الأسماء والقصائد التي تناولها في 280 صفحة، وأكد أن الجزء لهذا المؤلف سيصدر مطلع السنة المقبلة. كما جاء بن دعماش بمؤلفات أخرى على غرار الأوجه الكبير للفن الموسيقى الجزائري مؤلف اثنلوجيا التراث الموسيقى الجزائري الذي ضم 14 مغلفا يضم أقراص مضغوطة وكتب تحمل السيرة الذاتية لمختلف الفنانين القدامى والجدد ومن جملة الغنائين الحاج الهاشمي ڤروابي، وأحمد وهبي، ومعطوب الوناس وأسماء آخرى تركت بصمتها في سجل الأغاني التراثية. ويدخل هذا اللقاء ضمن برنامج مركز البحث في الأنثروبولوجيا الإجتماعية والثقافية لوهران وكان الباحث عبد القادر بن دعماش واحدا من الوجوه المتخصصة في الموسيقى التراثية للعلم أنه شغل عدة مناصب سمحت له بالتعايش مع عمالقة الفنانين الجزائريين بحيث عمل بالتلفزيون الجزائري مديرا للإنتاج ونشط بالإذاعة الوطنية وإشتغل عدة مناصب بوزارة الثقافة ويصب كل إهتمامه في الوقت الحالي في الكتابة والتدوين حتى يحافظ على التراث الموسيقى الجزائري، ويبرز أهم الفاعلين في هذا الحفل. هذا وسيتم تنظيم لقائين آخرين في إطار موضوع التراث اللامادي ضمن أجندة المركز بحيث سينشط اللقاء الأول وزير الإتصال السابق السيد محمد بن عمر زرهوني، واللقاء الثاني يشرف عليه المؤلف والباحث في الملحون السيد محمد توزوت وهكذا يسلط الضوء على مختلف جوانب التراث اللامادي بما فيها الشعر الشعبي أو الملحون، ويستفيد الطلبة والباحثين من هذه اللقاءات التي يمكن إعتمادها كمرجع رسمي يلخص بحوث وتجارب مهمة في بحر الابداع الفني التراثي.