يعتبر الحفاظ على التراث الغنائي الوطني فعل نابع من المسؤولية والمواطنة، حسبما أكده المختص في علم الموسيقى، عبد القادر بن دعماش، مساء يوم الأربعاء بوهران. ويتعلق الأمر كما أضاف هذا الباحث، في المختارات الموسيقية للتراث الأندلسي والشعبي خلال لقاء انتظم من طرف مركز البحث في الأنثربولوجية الاجتماعية والثقافية لوهران بجمع ونقل وتسجيل ونشر هذا الموروث القديم الذي تضرب جذوره في الذاكرة الجماعية الوطنية. ويرى ضيف "مجموعة الدراسات والأبحاث حول الملحون" بأنه مع هذا العمل الطويل النفس فإن "ذاكرة جماعية برمتها التي تسترجع وتحفظ وتتواصل" مشيرا إلى المبادرات والجهود المبذولة من طرف السلطات العمومية خلال السنوات الأخيرة بهدف إعادة الاعتبار والتعريف بكل هذه الكنوز الثقافية بواسطة ترسيم المهرجانات المتخصصة المنظمة عبر الوطن. وتطرق عبد القادر بن دعماش الذي ألف العديد من الأعمال حول الوجوه الموسيقية الجزائرية وكذا الملحون ويعد كذلك منشط حصة إذاعية حول الفن الغنائي الوطني والشعر الشعبي في مداخلته وخلال المناقشة إلى العديد من المواضيع منها نقل هذا التراث اللامادي. وأشار بهذا الخصوص الى ضرورة تكثيف "دخول" الفنانين إلى قطاعات التعليم العالي والبحث من أجل خلق ديناميكية وجلب اهتمام الجامعيين. كما سلط المحاضر -الذي هو محافظ المهرجان الوطني للشعبي- الضوء على دور المؤسسة التربوية و"عالم المعرفة والعلم" في تناقل هذا التراث مذكرا بان أقسام التعليم "الماستر" المنتظمة على هامش مهرجان الشعبي قد سمحت بالتعريف بشكل أحسن للشباب كل الأعمال المختارة للملحون المتناقلة من جيل إلى جيل. وفيما يخص عدم اهتمام الشباب بالتراث الغنائي الوطني أرجع عبد القادر بن دعماش ذلك إلى "أناس كانوا يسيرون في فترة ما هذا القطاع والذين لم يعرفوا أو لم يريدوا الاستجابة لحاجيات الشباب". وقد رفض هذا الباحث لفظ "الشعبي الجديد" الذي انتشر خلال السنوات الأخيرة مصرحا بأنه "في الواقع صيغة مبتكرة من طرف مغنيين جدد الذين لم يقدموا أي بديل جديد للشعبي". وأضاف أن "محبوب باتي وميسوم أو حداد الجيلالي ممن قدموا نغمية جديدة لهذا الطابع الموسيقي لم يتحدثوا أبدا عن الشعبي الجديد". ومن جهة أخرى، علن الخبير في الملحون السيد أحمد أمين دلاي وهو باحث بنفس المركز وبصفته مسؤول مجموعة الأبحاث المذكورة أنه سيتم تنظيم لقاءين مماثلين متبوعين بنقاش حول مسألة التراث اللامادي. وسينشط اللقاء الأول من طرف وزير الاتصال السابق السيد محمد بن عمر زرهوني على أن يشرف المؤلف والأستاذ والباحث في الملحون السيد محمد توزوت على الثاني.