احتضن ظهر أمس "كراسك" وهران نقاش مستفيض حول "واجب التاريخ ومسار الذاكرة" نشطه كوكبة من المؤرخين البارزين يتقدمهم الباحث حسان رمعون، الأكاديمي فؤاد سوفي والمحاضر الفرنسي جان روبير هنري، وقد تطرق المتدخلون إلى عدة إشكاليات هامة تتعلق بضرور كتابة التاريخ والبحث في حيثياته والتعمق في كل ما يحيط بالذاكرة الوطنية، حيث أبرز الأساتذة الثلاثة أهمية التفريق بين التاريخ والذاكرة وعدم الخلط بينهما، حيث أكد المؤرخ فؤاد سوفي، إلى ضرورة إماطة اللثام عن عن ماهية التاريخ حيث قال إن شهادات المجاهدين ليست التاريخ بعينه وإن كانت شهاداتهم مهمة في ترسيخ هذه الصفحات المشرقة من ذاكرتنا الوطنية المجيدة، مبرزا ماهية صناعة التاريخ من خلال طرح الأسئلة الآتية من، ما هو، لماذا، كيف وماذا أردنا فرضه من وقائع على المهتمين بهذا المجال الخصب من المعرفة. من جانبه أكد الباحث والمؤرخ حسان رمعون أن التاريخ الوطني هو صناعة بحد ذاتها، إذ حيثما وجد التاريخ وجدت المجتمعات، الأحداث الكبرى، مشيرا إلى أن الكتابة التاريخية في الجزائر، بعد الاستقلال اتسمت بالخطاب المضاد وكتبت باللغة العربية، وشارك فيها الكثير من الحساسيات، الأفراد والمناطق، حيث أشار إلى أن هذا الأمر قد يؤدي في الأخير إلى ما يشبه "حرب الذاكرات"، وهنا يكمن الفرق بين ما هو تاريخي وما هو متعلق بالذاكرة، حيث أوضح أن الأخيرة (الذاكرة) شاملة، وكثيرا ما تمجد الماضي وقد نبعد ونغربل كل ما لا يهمنا، أما التاريخ فينبغي لنا أن نكتبه بموضوعية ودقة من خلال ملاحظة الأحداث وتحليلها، مبرزا أن المؤرخ بإمكانه تفكيك وتشفير الذاكرة فالتاريخ حسبه هو رواية وطنية لكن مدونة بطريقة تختلف كليا عن الذاكرة. من جانبه صرح جان روبير هنري، أنه لا ينبغي أن نكون سجناء للذاكرة، موضحا أن هذه الأخيرة معقدة وتساهم في صناعة الهوية، مضيفا أنه ينبغي أن نهتم بكل جوانب التاريخ الاقتصادي، الاجتماعي داعيا إلى عدم توظيفه سياسيا حتى لا يتم تشويه الحقائق وأنه ينبغي ترجمة التاريخ حتى ندرسه بطريقة موضوعية مشيرا إلى أن الكثير من الأحداث التاريخية تحوّلت مع مرور الوقت إلى ذاكرة منها بالخصوص، مظاهرات 17 أكتوبر 1961 بفرنسا والتي باتت اليوم خالدة في الذاكرة الجمعية لسكان المهجر. ليختتم النقاش بضرورة فتح الأرشيف والتفريق بين المواد الأرشيفية المتاحة أمام الباحثين.