يعتبر ميناء وهران من أهم الموانئ ببلادنا و هو الثاني من حيث أهميته الاقتصادية بعد ميناء العاصمة فقد ازدادت كثافة نشاط التجارة الخارجية به في السنوات الأخيرة ،و الأعداد الكبيرة للمسافرين و البضائع و الحاويات و المركبات التي تمرّ عبره يفسّر الضغط الذي تشهده هذه المؤسسة . و يعتبر المتعاملون الاقتصاديون أول المتضرّرين من هذا الضغط لأنه يتسبب في تأخير و تعطيل إجراءات معالجة البضائع و خاصّة منها الواردات لأنها أكثر حجما من الصّادرات فيضطرّ أغلب المتعاملين إلى الانتظار لأيّام في عرض البحر من أجل الحصول على رخصة لدخول الميناء و تفريغ الحمولة ،فغالبا ما يصل عدد البواخر التي تمكث في عرض البحر منتظرة الإذن بالدخول لتفريغ السّلع 18 إلى 20 باخرة و قد يرتفع العدد أحيانا في العطل ،و هذا الوضع يمكننا ببساطة رؤيته من الواجهة البحرية ،منظر السّفن متوقّفة على شكل طوابير و مدّة الانتظار ليست مجانية حسب تصريحات بعض المتعاملين فبواخر الشّحن أغلبها تابع للشركات الأجنبية ،و هي تقدّم خدمة النقل البحري للبضائع مقابل مبالغ مالية كبيرة يدفعها المتعامل الجزائري و بالتالي تنعكس هذه التكاليف الإضافية على ثمن المنتوج و في النهاية تدفع من جيب المستهلك. و تفيد الإحصائيات التي كشف عنها الخبير الاقتصادي دزيري خلال اللقاء الذي جمع المتعاملين و مصالح الجمارك و ميناء وهران بغرفة التجارة بأن الشركة الجزائرية للنقل البحري و المعروفة باسم "كنان"لا توفّر اليوم سوى 16 باخرة لنقل البضائع ما يضطر المتعاملين الاقتصاديين إلى الاستعانة بخدمات الشركات الأجنبية مقابل مبالغ باهضة و أي تأخير في عمليات الشحن و التفريغ يرفع التكاليف .و من المؤسف أن لا تستحوذ الشركة الجزائرية على هذا القطاع ببلادنا علما أنها كانت تتوفّر على 80 باخرة في سنة 1980 و هذا المشكل طرح أمام الجهات الوصية مرارا و تكرارا و سبق و رفعته الجمعية الوطنية للمصدّرين الجزائريين إلى الحكومة كلما أتيحت لها الفرصة ،و كان من بين اقتراحاتها تمكين الجزائريين المهتمين من الاستثمار في هذا المجال ،لأن تكاليف النقل البحري ارتفعت بشكل ملفت للانتباه فالخزينة العمومية تصرف ما لا يقل عن 650 مليون دولار سنويا مقابل خدمات نقل البضائع ،لأن 90 بالمائة من التجارة الخارجية تمرّ عبر شركات أجنبية و شركة "كنان" غير قادرة على تغطية الطلب و ارتفاع تكاليف الشحن عبر السفن الأجنبية أصبح ينعكس مباشرة على المستهلك فهو الذي يدفع ثمن غلاء السّلع المستوردة حسب تصريحات المتعاملين الاقتصاديين أنفسهم حيث صرّح تاجر للأحذية المستوردة بسوق المدينة الجديدة بأن غلاء السلع المستورد له عدّة أسباب ،فليس غلاء الأورو وحده السبب بل تراجع كمية السلع القادمة من الخارج من جهة و تأخر دخولها إلى الميناء بفعل الضغط و تزايد عدد المتعاملين الاقتصاديين ،فدخول السلع إلى الميناء و تفريغها و كل الإجراءات التي تتبع يتطلب أياما عسى أن يعود نشاط الميناء إلى طبيعته بعد تسليم كل أشغال التوسعة و يذكر بأن الشركة الوطنية للنقل البحري قد شرعت في تدارك النقص الفادح في السفن عن طريق اقتناء عدد منها ،فخلال شهر أوت المنصرم أشرف وزير النقل و الأشغال العمومية بوجمعة طلعي على بميناء العاصمة على استلام الشركة لباخرة جديدة لنقل البضائع و سميت "تينزيران" طاقتها 12 ألف طن و مجهزة بأحدث التكنولوجيات و محركات من آخر جيل بتكلفة إجمالية قدّرت ب 25 مليون دولار و حسب بيان الشركة تعتبر هذه الباخرة الثامنة التي تم شراؤها لتدعيم الأسطول البحري الجزائري و هذا ضمن برنامج إجمالي يضم 25 باخرة مختلفة الأحجام و الأنواع ستقتنيها "كنان" و هدف القطاع هو ضمان النقل البحري للبضائع بالاعتماد على الأسطول الوطني على الأقل برفع حصّة الشركة بالسّوق إلى حوالي 30 بالمائة إلى غاية سنة 2020 و كان وزير النقل بوجمعة طلعي قد صرّح بأن شراكة ما بين القطاع العام و الخاص لتطوير هذا السوق محتملة و هذا عن طريق إنشاء مؤسسات متخصّصة لتعزير الأسطول البحري الجزائري و يذكر بأن مؤسسة "كنان" كانت في سنوات الثمانينا بين أفل المؤسسات في السوق العالمية و كانت تتوفّر على 80 باخرة من كل الأنواع و الأحجام ما جعلها تحتل المرتبة الخمسين عالميا . و ما تخسره الخزينة العمومية سنويا من خلال الاستعانة بالشركات الأجنبية كبير جدّا و يعادل قيمة 25 باخرة